درعا.. النظام يطلب الموتى والمهجرين إلى التجنيد الإجباري

درعا.. النظام يطلب الموتى والمهجرين إلى التجنيد الإجباري

جلال بكور

الهروب من الباب الخلفي كان الحل أمام “محمد الحراكي” ليتحاشى الوقوع بيد دورية الأمن العسكري التابعة للنظام السوري في مدينة الحراك الواقعة في شمال شرق محافظة درعا جنوب البلاد.
ولحسن حظه تمكن من الهروب قبل وصول الدورية إلى باب منزله حيث كانت تعتقل شخصا آخر من جيرانه في الحي ذاته.
الدورية الأمنية قالت إنها تريد “محمد” لأنه مطلوب لـ”خدمة العلم” وفق ما تحدث به “محمد” لموقع “الحل السوري”.
ويتوارى “محمد الحراكي” منذ ذلك الوقت عن الأنظار ولا يخرج كثيرا إلى من الحي، مؤكدا على أن “الجيش السوري الحر” وفصائل المعارضة في درعا لم يعد لديهم أي سلطة، ولا يعنيهم أي شيء بعد المصالحة والتسوية، حيث بقيت للنظام حرية الاعتقال والمداهمة، “وهم القادة الذين أقاموا المصالحات فقط حماية أنفسهم” وفق قوله.
ولم تمض ستة أشهر على المصالحة والتسوية التي عقدها النظام السوري مع فصائل المعارضة سابقا في درعا إلا وبدأ النظام بحملات اعتقال طالت مئات الشباب من بينهم عناصر من فصائل المعارضة سابقا وممن يحملون بطاقة التسوية التي من المفروض أن تحميهم من الاعتقال بحسب الاتفاق الذي تم بضمانة روسية.
حملات الدهم الأخيرة طالت عدة مناطق في مدينة درعا وفي ريفها الشرقي والغربي، وتلك الحملات ترافقت مع اعتقالات على الحواجز التابعة للأمن العسكري وفق ما أكدته عدة مصادر متطابقة من درعا لموقع “الحل”.

لائحة طويلة
وأكد الناشط “أبو محمد الحوراني” أن الاعتقالات لم تستثن عنصرا عقد مصالحة ويحمل بطاقة التسوية بضمانة روسية ومن المفترض أن تحميه الضمانات الروسية من الاعتقال، مشيرا لموقع “الحل السوري” إلى أن من لديه واسطة عبر أحد القياديين المدعومين من روسيا يمكن أن يفرج عنه إذا تم اعتقاله مؤخرا بهدف “التجنيد”.
وجاءت عمليات الاعتقال بالتزامن مع نشر لائحة أسماء تضم أكثر من أربعة آلاف اسم لمطلوبين من درعا وريفها بتهمة التخلف عن الخدمة العسكرية والاحتياطية، ولا يوجد أي تهم مثل معارضة النظام أو الانتماء لـ”داعش والنصرة” في هذه اللائحة.
واللائحة المذكورة تضم أسماء شباب قتلوا في القصف من النظام على درعا وريفها، أو ممن قضوا في المعارك كما تضم أسماء مهجرين إلى الشمال ولاجئين خارج سوريا، وتضم أسماء ممن قاموا بمصالحة النظام وحصلوا على بطاقة التسوية.

بلاغات
وبحسب مصادر من درعا فقد قامت قوات النظام بتوزيع لائحة الأسماء على الحواجز والدوريات التابعة للفروع الأمنية، وعلى الدوائر الحكومية التي يراجعها المواطنون من أجل الحصول على ورقة رسمية، كالحصول على أوراق لا حكم عليه من الأمن الجنائي مثلا، أو الحصول على أوراق من دائرة النفوس، وهناك سيكون الشخص معرضا للاعتقال من قبل دوريات النظام عند مراجعة الدائرة.
وأكدت المصادر تسجيل عدة حالات اعتقال أمام كوّة إصدار ورقة لا حكم عليه التابعة لفرع الأمن الجنائي في درعا، ويجب إصدار تلك الورقة لإتمام معظم المعاملات الحكومية.
وبدأت عمليات الاعتقال تزداد وخاصة على الحواجز المنتشرة بين البلدات والمدن في ريف درعا الشرقي، حيث اعتقلت قوات النظام خمسة شبان دفعة واحدة في بلدة محجة بريف درعا بعد توقيفهم على أحد حواجز النظام في الطريق المؤدي إلى درعا، وذلك على الرغم من انضمامهم إلى ميليشيا تابعة لـ”شعبة المخابرات العسكرية” وحملهم لبطاقة التسوية.

تضييق وهروب
ونتيجة لاستمرار عمليات الاعتقال واتساعها وعدم قدرة فصائل المعارضة على حماية أفرادها بدأت الدائرة تضيق على الشباب والرجال في درعا، ومعظم الشباب بدأوا بالتواري عن الأنظار أو التفكير بالعبور عن طريق التهريب إلى الشمال السوري.
ويقول “محمد الحراكي” إنه بات يفكر في إيجاد طريق نحو الشمال وذلك على الرغم من خطورته وتكلفته المادية المرتفعة، إلا أنه يبقى أفضل من المصير المجهول بعد الاعتقال.
ووصل عشرات الشباب من درعا إلى إدلب من بينهم من كانوا عناصر في المعارضة سابقا وأجروا تسوية مع النظام, إلا أن ميليشيات الدفاع الوطني التابعة للنظام تمكنت من إلقاء القبض على مجموعة من الشباب أثناء محاولة الفرار من مدينة الحارة وذلك خلال محاولتهم الخروج إلى الشمال السوري فرارا من التجنيد الإجباري.
ويؤكد الناشط “أبو محمد الحوراني” أن العفو الذي أصدره النظام عن الفارين من الخدمة العسكرية وخدمة الاحتياط، “كذب وحبر على ورق”، والنظام لم يفي بوعده واعتقل أشخاصا ممن قاموا بتسليم أنفسهم كي يشملهم العفو.

وأضاف أن أكثر ما يدفع الشباب في درعا اليوم إلى التفكير في الهروب نحو الشمال هو الخسائر البشرية التي منيت بها فصائل المصالحة والتسوية في معارك السويداء وفي معارك اللاذقية مؤخرا، مشيرا إلى أن الشباب متخوف من زجه في معركة قد يشنها النظام في إدلب.
وكانت تلك الفصائل قد عقدت مع النظام اتفاقا برعاية روسية ينص على انضمامها لميليشيات “الفيلق الخامس، وقوات الغيث” وقتالها فقط ضد “داعش” في جنوب سوريا، إلا أن النظام نقل مجموعات من تلك الفصائل إلى ريفي حماة واللاذقية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.