الإندبندنت: تقلص سيطرة داعش تسفر عن تصفية قادته وأسرهم

الإندبندنت: تقلص سيطرة داعش تسفر عن تصفية قادته وأسرهم

نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريراً تتحدث فيه عن تعرّض قادة داعش للأسر والقتل إثر الخسارة الكبيرة للأراضي التي كانت يسيطر عليها التنظيم. فبعد أن وجد هؤلاء القادة مأوى لهم في أراضي “الخلافة” الواسعة التي امتدت لسنوات في العراق وسوريا، لم يعد لديهم اليوم ملاذاً يلجئون إليه. فقد بلغت مساحة الأراضي التي سيطر عليها داعش في أوج قوته ما يعادل تقريباً مساحة بريطانيا، وكانت تفرض حكمها على أكثر من عشرة ملايين نسمة. لكنها اليوم محاصرة في سلسلة من القرى والبلدات الواقعة على طول نهر الفرات في دير الزور السورية.
فقد كانت المنطقة المحيطة ببلدة هجين القريبة من الحدود العراقية ملاذاً آمناً لعدد من قادة التنظيم الذين انسحبوا من ساحات القتال الأخرى, لكن اليوم أُجبر العديد منهم للخروج من ملاذهم إلى مرمى القتال بعد تعرضهم لهجوم من قبل قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. فقد أضاف التحالف هذا الأسبوع أحد أعضاء داعش البارزين إلى سلسلة القادة رفيعي المستوى الذين تم استهدافهم خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بإعلانه مقتل أبو العمرين في صحراء البادية بالقرب من هجين إثر استهدافه مع عدد آخر من أعضاء داعش في الثاني من كانون الأول الجاري.

وبحسب التقرير، فإنه يعتقد أن أبو العمرين متورط في قتل عامل الإغاثة الأمريكي بيتر كاسيج في عام 2014 والذي أعدمه التنظيم بعد اختطافه في سوريا خلال قيامه بمهمة إنسانية. ويتعرض التنظيم إلى ضغط شديد بسب الهجوم المستمر على بلدة هجين التي تُعتبر آخر منطقة مأهولة ما تزال تحت سيطرة داعش, ما يسفر عن اعتقال أفراد التنظيم أو قتلهم. وفي حديث للمتحدث باسم التحالف الكولونيل شون ريان إلى الإندبيندنت، يقول مؤكدا بأن: “اشتداد القتال في وادي الفرات يطال بعض قادة التنظيم كونهم يجدون فرص قليلة للاختباء مع تقلّص ساحة القتال”. مضيفاً أن الغارات الجوية ليست إلا جزء من إستراتيجية واسعة لتضييق الخناق على أفراد التنظيم، حيث تقوم قوات الأمن العراقية بدوريات على الحدود لضمان عدم فرار أفراد التنظيم وقياداته إلى العراق.

وقد جاء مقتل أبو العمرين بعد أسبوع من إعلان إلقاء القبض على شخصيتين بارزتين في التنظيم في كل من سوريا والعراق: هما أسامة عويّد صالح، الذي ألقت قوات سوريا الديمقراطية (SDF) القبض عليه في ريف دير الزور واصفةً إياه بأنه “أحد أخطر الشخصيات الإرهابية في التنظيم”. وزعيم داعش جمال المشهداني، الذي بثّت السلطات العراقية اعترافاً مسجلاً له بعد أسره يعترف من خلاله بمسؤوليته عن عرض جنود البيشمركة الأكراد المحتجزين في أقفاص في بلدة الحويجة. حيث تم اعتقاله خلال تواجده في منزل ابنه في بغداد.
ويكشف التقرير كيف أدت عملية إستخباراتية مشتركة بين الولايات المتحدة والعراق إلى إلقاء القبض على خمسة من كبار مسئولي التنظيم في شهر أيار الماضي، خلال محاصرة هجين استعداداً للعمليات العسكرية لاستعادة السيطرة عليها. حيث يُعتبر هؤلاء الزعماء من أهم الشخصيات المسئولة عن حكم إقليم داعش في دير الزور، ومن بينهم المساعد الأول لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. وفي حديث للصحيفة مع حسان حسان، مؤلف كتاب “داعش: داخل جيش الإرهاب” وزميل في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، يقول حسان: “لقد نجا الكثير من أعضاء التنظيم من المعارك السابقة لكن الآن ليس لديهم مكان يلجؤون إليه مع التضاؤل المتزايد في قدرتهم على التنقل. فالعديد من عمليات الاعتقال يتم تسهيلها من خلال زيادة التعاون بين كلّ من العراق وتركيا وسوريا”. مشيراً إلى أن العديد من قادة التنظيم ما يزالون بعيدي المنال من خلال قوله: “العديد من قادة داعش الرئيسيين لم نسمع عنهم بالرغم من أهميتهم,، فعلى سبيل المثال لا أحد يعرف أين البغدادي.

ومن هذا المنطلق فإن عمليات الأسر تلك لن تكون ضربةً قاضية بالنسبة للتنظيم, إنها مدمرة بلا شك في الوقت الذي يحتاج فيه التنظيم إلى كل فرد ومورد لاستمرار وجوده في كل من سوريا والعراق، لكن لن يقضى عليه بذلك فقط”.
وقد ذكر تقرير صادر في شهر آب الماضي عن مراقبي العقوبات التابعين للأمم المتحدة، بأن قوّات تنظيم داعش ما تزال تتراوح بين 20 ألف و30 ألف عضو منتشرين في أنحاء مختلفة من العراق وسوريا، وأن معظمهم لا يشاركون حالياً في القتال مع احتمالية أن تتم دعوتهم في وقت لاحق. وقد حذّر التقرير من أن التنظيم في طور العودة من هيكل دولة بدائية إلى شبكة سرية.

وتنهي صحيفة الـ إندبندنت تقريرها بالإشارة إلى أن عملية السيطرة على هجين تعتبر من أصعب المعارك التي واجهتها قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد داعش. ونتيجة لتمركز التنظيم في هجين وعدم وجود مهرب لقواته منها,، يقود المعركة أكثر مقاتليه خبرة مستفيدين من سوء الأحوال الجوية لردع هذه القوات واستعادة الأراضي التي فقد السيطرة عليها. نتيجة لذلك، تكبّد كلا الجانبين خسائر كبيرة، فبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان: قُتل حوالي 793 من مقاتلي التنظيم منذ بداية عملية السيطرة على هجين في منتصف أيلول الماضي، في حين خسرت قوات سوريا الديمقراطية 464 من مقاتليها. إضافة إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين نتيجة اعتماد التحالف بشكل كبير على قوته الجوية. وبحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ما يزال هناك حوالي 10 آلاف مدني محاصرين إلى جانب خمسة آلاف من مقاتلي التنظيم وعائلاتهم في هجين وما حولها. كما أعلنت الأمم المتحدة في شهر تشرين الأول الماضي أن العشرات من المدنيين قتلوا أو أصيبوا نتيجة الغارات الجوية أو النيران المتقاطعة حول هجين. مضيفةً أنه من غير الواضح ما إذا كان المدنيين قادرين على التنقل بحرية نظراً لاستمرار الأعمال العدائية المكثّفة في المنطقة. هذا فضلاً عن التقارير المستمرة التي تتحدث عن قيود تفرضها أطراف النزاع والتي تمنع المدنيين من الوصول إلى بر الأمان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.