التسول في تركيا: البعض بحاجة.. والآخر يبني ثروة.. واستغلال للأطفال ومآسي السوريين

التسول في تركيا: البعض بحاجة.. والآخر يبني ثروة.. واستغلال للأطفال ومآسي السوريين


فراس العلي – تركيا

تحمل سيدة سورية في الثلاثينات من عمرها علب محارم وتقف عند طرف الطريق في شارع تقسيم بمدينة #اسطنبول، تنتظر من يشتري منها لتجمع بعض المال وتطعم أطفالها بعد أن أصبحت هي المسؤولة الوحيدةعنهم.

لا تتحدث السيدة مع المارّة من أجل حثّهم على الشراء فهذا العمل أٌجبرت عليه بعد أن اختفى زوجهاولم يبق لها أي أحد يعيلها وأولادها الأمر الذي جعلها تعمل ببيع المحارم، حسبماتقول.

وتضيف أثناء حديثنا معها، أنها بالكاد تجمع 30 ليرة تركية وفي العطلات يزيد المبلغ إلى 50 ليرةتركية، وإن لم يأخذ المشتري علبة المحارم فلا تقبل منه أي مال يعرض عليها.

مقابل عدد السوريين الذين اضطروا للتسول بسبب ظروف محيطة أثرت على حياتهم مثل ما حصل معالسيدة السورية، ظهر البعض ممن استغلوا هذه الطريقة لجمع آلاف الليرات التركية مستخدمين حججاً مختلفة مثل طلب المال بحجة شراء تذكرة نقل داخلي أو شراء الطعام.

يمكن لمن يمشي بشوارع ولاية عنتاب التي يقطنها نحو نصف مليون لاجئ سوري أن يلاحظ وجود عدد منالأطفال يطلبون المال من المارة بعضهم سوريين وآخرون أتراك.

مبالغ كبيرة

أثناء إعداد التقرير، التقينا بفاطمة وهي طفلة صغيرة تبلغ من العمر 11 سنة، في مركز السوق بولاية عنتاب، كانت تبيع المحارم مقابل ليرة تركية، قالت خلال الحديث: “إن أختها الأخرى تعمل في الشارع الثاني هذا اليوم، وفي كل مرة تعملان بمكان جديد”.

وعن دراستها أجابت، أنها تكمل دراستها لكن قبل الذهاب للمدرسة تبيع المحارم وتضطر لفعل ذلك لأن والدها لا يمكنه العمل بسبب مرضه، أما حول ما تجمعه من المال يومياً فتقول: “أنا أجمع أحياناً 100 وأحياناً أخرى 150 ليرة تركية، وأختي البارحة حصلت على 250 ليرة تركية”.

وتحفظ الطفلة الصغيرة التي لا تعرف ما تفعله، بعض الكلمات التي ترددها على المارة طالبة منهم شراءالمحارم، وقالت إنها لا تعرف أين يقع منزلها، حيث يأتي أخوهما ويأخذهما للمنزل.

ويبدو أن والد الطفلتين يرسلهما يومياً للتسول في شوارع مركز المدينة المزدحمة بعشرات آلاف المارةكي تجمعان المال لفترات طويلة، ففي بعض الأحيان لا تذهب فاطمة للمدرسة وتقضي يومهافي الشارع تبيع المحارم حسب حديثها.

ورغم حالات التسول التي يمكن ملاحظتها في شوارع بعض الولايات التركية لكن نسبة المتسولين من اللاجئينالسوريين “طفيفة جداً” مقارنة بالأتراك.

وقال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، أكتوبر الفائت: “إن الكثير من السوريين يعملون بالتسول، نحن نحارب هذه الظاهرة ونعمل على ضبط جميع المتسولين، لكن من بين كل 100 متسول يتم ضبطه لا يوجد سوى ثمانية أو تسعة سوريين”.

وجاء حديث صويلو كرد على من اعتبرها “جهات تتعمد تشويه صورة سياسات الحكومة التركية المتبعة بالتعامل مع اللاجئين السوريين”، حيث تعتبر نسب التسول مقارنة بأعداد السوريين المقيمين بتركيا نسب منخفضة بشكل كبير.

باسم السوريين

ضبط أشخاص العديد من حالات التسول لأتراك يدّعون أنهم سوريون ويطلبون المال من المارة، وازدادت هذهالظاهرة في المناطق التي يستقر فيها السوريون.

وانتشرت هذه الظاهرة في أحاديث الأتراك ممن ظنّ أن معظم المتسولين في شوارع المدن التركية سوريين، الأمر الذي جعل بعض المسؤولين الحكوميين يعلقون على ذلك.

ورصدت عدة تسجيلات مصورة لمتسولين أتراك يتعرضون للمارة في الشوارع ويقولون إنهم سوريون من أجل كسبالتعاطف وجمع المزيد من المال.

وقال والي إسطنبول السابق، واصب شاهين، السنة الماضية: “إن المتسولين في مدينة إسطنبول أغلبهمأتراك وليسوا سوريين، وهناك مشكلة في الحديث عن السوريين بالمدينة على أنهممتسولون، رأينا لاحقاً أنهم أتراك” وفق صحيفة حرييت التركية.

أحمد محمد (إعلامي سوري يقيم في عنتاب) يقول لموقع الحل: “أصبحت ظاهرة التسول مزعجة في الشوارع، حيث ازدادت أعداد المتسولين الذين يطلبون من المارة بعض المال، واستغل الموضوع وتم تصويره للأتراك على أن سبب انتشار التسول هم السوريون، بينما بالحقيقة لا يمثل السوريون سوى نسبة قليلة من عدد المتسولين، لذا أعتقد أن المهمة تأتي هنا على عاتق منظمات المجتمع المدني السورية والتركية لمعالجة الظاهرة وإيجاد حلول للمتسولين”.

ويضيف: “التسول في الكثير من الحالات بات تجارة وليس فعل يقصد منه سد حاجة، والاستغلال أحياناً يحصل من الأب والأم نفسهما”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.