بين عائلة قبلت جزية داعش وآلاف هاجروا و20 شخصاً عادوا.. أين هم مسيحيو الرقة؟

بين عائلة قبلت جزية داعش وآلاف هاجروا و20 شخصاً عادوا.. أين هم مسيحيو الرقة؟

خالد أمين – الرقة

عائلة أبو فادي هي عائلة مسيحيةأرمنية، حيث ولد أبو فادي في الرقة وعاش فيها، ولم يتركها إلا إلى قبره منذ ثلاثة أعوام، أما أم فادي فهي أرمنية الولادة والجنسية، تزوجت وجاءت إلى زوجها في الرقة.

تتحدث أم فادي لموقع الحل “لقد جئت من أرمينيا إلى الرقة وعشت فيها أجمل أيام حياتي مع زوجي وابني، ولم أزر أرمينيا منذ / 17/عاماً، حتى مع بداية الثورة وزعزعة الأوضاع في المدينة لم أغادرها إلا لمرات قليلة، وذلك للضرورة القصوى”.

تكمل “بعد موت زوجي فضلت البقاء ومساعدة ابني في إدارة أملاكنا في الرقة والصيدلية التي أسسها زوجي وهي مستمرة إلى الآن، حتى عند سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة بقيت وابني، وعلى الرغم من الضغوط التي واجهناها من قبلهم فقد ارتديت النقاب، ولم أخرج إلا بوجود محرم على حد قولهم ، فقد تكيفت مع الوضع، فأنا جزء منهذا النسيج المجتمعي في الرقة”.

يتحدث فادي والذي يبلغ من العمر /27/ عاماً لموقع الحل “لقد كنت أنا ووالدتي قد تحملنا كل الضغوط المفروضة علينا، وخاصة أيام تنظيم الدولة الإسلامية في سبيل البقاء في بيتنا والحفاظ عل ممتلكاتنا. فقد كنت أرتدي اللباس المفروض على الرجال (الأفغاني) أوقات الدوام في الصيدلية، وكنت أغلق الصيدلية في أوقات الصلاة. وكوننا مسيحيي الديانة أي نصرانيين بحسب تعبيرهم ، فقد كنا ندفع الجزية للدولة الإسلامية وهي عبارة عن مبلغ 400 ألف ليرة سورية كل عام، وذلك لكي نحافظ على أنفسنا وممتلكاتنا من المصادرة”.

يتابع فادي رواية قصة أسرته “بقينا في المدينة حتى أخر وقت استطعنا فيه التحمل، ثم نزحنا مع بقية أهالي الحي، وفور عودة الناس إلى المدينة عدنا إليها، ولكن كان منزلنا قد صار ركاماً، ولكن لم يردعنا هذا عن البقاء. فنحن الآن العائلة المسيحية الوحيدة في المدينة كعائلة. لم نشعر بالتمييز داخل المجتمع في الرقة، نحنجزء لا يتجزأ من هذا المجتمع.

ضمت الرقة قبل مراحل النزوح المتعددة التي مرت بها، حوالي 1000 أسرة مسيحية، غالبيتهم كانوا من الأرمن الذين قدموا من تركيا سابقاً، وحوت المدينة ثلاث كنائس هي كنيسة الشهداء وكنيسة سيدة البشارة وكنيسة أخرى بجانب مدرسة الحرية الأرمنية، حيث كان مسيحيو الرقة منتمين إلى ثلاث طوائف (الروم الكاثوليك، والأرمن الكاثوليك، والأرمن الأرثوذكس).

عدة موجات نزوح شهدتها مدينة الرقة، نزح فيها المسلمون والمسيحيون، وبدا أن مسيحيي الرقة خلال هذه الموجات قد توجهوا إلى دمشق واللاذقية، فيما توجه الكثيرون منهم إلى أوروبا، كما عاد البعض منهم إلى أرمينيا وهو ما حدث مع نصري /50/عاماً والذييقول للحل “لقد عشت وتربيت في الرقة، وبقيت أمارس عملي إلى أن استولى التنظيم على المحافظة، وبعدها لم أعد أستطيع البقاء نظراً للتضييق علينا، والخوف بل الرعب الذي كنا نعيشه، توجهت أنا وعائلتي إلى أرمينيا حفاظاًعلى عائلتي، فزوجتي أرمنية الجنسية، وفي النهاية لم أعد أستطيع الابتعاد عن مدينتي، فعدت إليها وبقيت عائلتي في أرمينيا، على أمل العودة القريبة.

يتواجد من مسيحيي الرقة اليوم ما يقارب 10 إلى 20 شخصاً فقط، بعد مجمل مراحل النزوح والمعارك التي مرت بها المدينة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.