النظام يروج لإعادة الإعمار من “ماروتا سيتي” والشقة تبدأ من 400 ألف دولار!

النظام يروج لإعادة الإعمار من “ماروتا سيتي” والشقة تبدأ من 400 ألف دولار!

 

حسام صالح

لم تعد لأصوات المدافع والرصاص مكان في العاصمة #دمشق، بل حلت محلها أصوات الجرافات وأدوات البناء، قد يُعبر هذا المشهد “شكلياً” عن دوران عجلة “إعادة الإعمار” التي يتحدث عنها النظام ليل نهار، إلا أن الواقع مختلف تماماً، فالحديث عن ناطحات السحاب، والمراكز #التجارية والشقق الفخمة ليست في الغوطة المدمرة، ولا في داريا المهدمة، بل في مشروع “ماروتا سيتي”، الذي أنشأ في منطقة “خلف الرازي”، بعد تشريع قوانين جديدة للملكية، وطرد الفقراء منها، لخلق مناطق تشترك فيها الحكومة ورجال الأعمال في ملكية هذه الأحياء وإعادة تطويرها.

نحو 70 مليون دولار أنفقت إلى هذه اللحظة على البنية التحتية فقط، ومئات الملايين من المتوقع إنفاقها على المشروع، الذي بدأ النظام يروج للاستثمار فيه، مستقطباً شركات أردنية ولبنانية وإماراتية، ويقول إنه “جزء من مخطط لإعادة المناطق التي دمرتها الحرب المستمرة منذ قرابة ثماني سنوات”.

الانتقال لمجتمع أكثر تجانساً

سهلت القوانين والمراسيم التشريعية التي أصدرها الأسد في تسريع عمليات استملاك الأراضي والعقارات التي كان يشتغلها سكان المنطقة، فكان القانون 66 الصادر عام 2012، الذي اعتبر فيها منطقة خلف الرازي منطقة تنظيمية، وجاء القانون رقم 10، المثير للجدل ليكمل النظام بسيطرته على العقارات التي لا يستطيع فيها السكان إثبات ملكياتهم خلال المدة المحددة.

وهو ما أكده الصحفي الاقتصادي “محمد عوض” بقوله، “النظام يستغل قوانين الملكية الجديدة، وذلك لخلق مناطق تشترك فيها الحكومة مع رجال الأعمال في السيطرة على الأحياء الفقيرة داخل العاصمة دمشق، لسببين: الأول يتعلق بالجدوى الاستثمارية كون هذه المشاريع تتم داخل العاصمة دمشق، ولا مخاطرة مالية في هذه الانواع من الاستثمارات، وبالتالي جذب  المستثمرين الأجانب، لتكون واجهة أمام الرأي العام العالمي بأن مشروع #إعادة_الإعمار جارٍ على قدم وساق”.

عوض تابع لموقع الحل أن “السبب الثاني متعلق بتغيير التركيبة السكانية داخل العاصمة، وإبعاد الفقراء وهدم مساكنهم والخروج بناطحات سحاب، لاتسكنها إلا الطبقات الغنية، وبالتالي ضمان عدم حدوث أي حراك مستقبلي داخل العاصمة مهما كان نوعه، وهو مايسمى بالإحلال القائم على التخلص من المناطق الفقيرة التي دعمت المعارضة واستبدالها بالطبقة الثرية، والمرجح أن تكون أكثر ولاء للنظام”.

كلام الصحفي “محمد عوض” لم يكن بعيداً عن تصريحات القائمين على المشروع، فـ”نصوح النابلسي” وهو المدير التنفيذي لشركة “شام القابضة” والمسؤولة عن تنفيذ “ماروتا سيتي” قال مؤخراً لوكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية: “لاحرج في تطوير المجتمع، حيث أن الفقراء الذين تم استغلالهم كانو سبباً في اشتعال الأزمة السورية”، مؤكداً أن “الحكومة أخطأت عندما لم تقم بتطوير هذه المناطق وسمحت بتحويلها إلى مناطق سكنية غير قانونية، ما جعلنا ندفع ثمناً باهظاً لهذا”، بحسب تعبيره.

الشقة بـ400 ألف دولار!

يستعرض الموقع الالكتروني لـ”ماروتا سيتي” مميزات المشروع المتمثلة بالخدمات الأمنية، وتطبيق أحدث وسائل التقنية في إصدار الفواتير والرسوم والتحكم المركزي للبنى التحتية، إضافة إلى مركز تجاري ضخم، وحوالي 12 ألف وحدة سكنية، دون معرفة هذه التكلفة على المواطن ذاته الراغب في شراء شقة داخل المشروع، حيث تقول مصادر في “دمشق الشام القابضة” أحد منفذي المشروع إن “سعر الشقة الواحد يتراوح بين 400 و500 ألف دولار، ويتم الاستكتاب على هذه الشقق مقابل دفع مابين 15 إلى 20% من قيمة الشقة”، مشيرة إلى أن “يجري تدقيق أمني للشخص الراغب في عملية الشراء قبل الموافقة على طلبه”.

فيما يعقب “أبو نصوح” وهو صاحب مكتب عقاري في منطقة المزة على هذه الأسعار بقوله “مبلغ 400 ألف دولار (200 مليون ليرة) مقابل شقة سكنية داخل هذا المجمع يعتبر أمر مشجع لسكان الأحياء الراقية فقط، كتنظيم كفرسوسة وحي المالكي، للانتقال إليه، ففي تلك المناطق يوجد منازل يصل سعرها أيضاً لـ500 ألف دولار”. لافتاً إلى أنه “بعد إنجاز المشروع قد نلاحظ هبوط في أسعار العقارات على حساب ارتفاعها داخل مشروع ماروتا، كونه تجربة جددية في #سوريا، ومحاطاً بالخدمات الأمنية واللوجستية، وهو ما تبحث عنه الطبقة الغنية التي مازالت في سوريا حالياً”.

وتبقى المفارقة هنا بين الشقق الراقية ومراكز التسوق ذات الماركات العالمية والخدمات المتطورة داخل المجمع، في مقابل الأبنية المدمرة، وعودة للأدوات البدائية للحصول على الماء والكهرباء على بعد بضعة كيلومترات منه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.