أنفاق حزب الله .. سيناريوهات المواجهة مع إسرائيل ومصير لبنان

أنفاق حزب الله .. سيناريوهات المواجهة مع إسرائيل ومصير لبنان

رجا أمين – بيروت

استفاق اللبنانيون صباح الثلاثاء 4 كانون الأول/ديسمبر على خبر عملية إسرائيلية على الحدود مع بلدهم دعيت “درع الشمال”، التي قال الجيش الإسرائيلي عنها أنها تستهدف “كشف وإحباط أنفاق يحفرها #حزب_الله داخل الأراضي الإسرائيلية”. وجرى تداول فيديو يظهر ما يبدو أنه تصوير إسرائيلي بواسطة روبوت داخل النفق، ويظهر في الفيديو أيضاً عنصران من عناصر حزب الله اللذين سارعا للهرب ما إن اكتشفا الروبوت.

خبر الأنفاق والعملية الإسرائيلية فاجأ الكثيرين من المواطنين العاديين، ولكنه لم يفاجئ بعضهم الآخر المتابع لمجريات الأمور بين حزب الله وإسرائيل منذ حرب سنة 2006، فالحزب الذي استطاع حينها منع إسرائيل من تحقيق فوز جلي في حرب استمرت لأكثر من شهر، أدرك عملياً قيمة الأنفاق المحفورة تحت الأرض ودورها في تأمين الحماية لمقاتليه في وجه القصف الإسرائيلي من جهة، وزودته بعنصر المباغتة والمفاجأة من جهة أخرى. وخلال السنوات التي تبعت حرب 2006، يبدو أن حزب الله طور مهاراته على صعيد حفر الأنفاق ونقلها من أنفاق محلية داخل الأراضي اللبنانية إلى أنفاق عابرة للخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة سنة 2000 ويشكل الحدود بين البلدين.

هناك مقولتان في أصل الأنفاق، الأولى وهي الأقرب للحقيقة على ما يظهر، تفيد بأن حزب الله طور مهارات حفر الأنفاق منذ سنوات طويلة بمساعدة إيرانية وبوحي من فكرة الأنفاق التي استخدمتها مقاومات شعبية في وجه جيوش تفوقها قوة في الفترات السابقة، كمثل حال الفيتناميين في وجه الجيش الأميركي. لاحقاً، نقل حزب الله خبرة الأنفاق إلى حركة #حماس في قطاع غزة، والتي قامت بدورها بالإستفادة منها بمهارة شكلت كابوساً للإسرائيليين. ومع اندلاع الثورة السورية سنة 2011 قيل أن حركة حماس التي أيدت الثورة في بداياتها فعلّمت بعض فصائل المعارضة المسلحة أساليب حفر الأنفاق وتدعيمها فاستخدمتها هذه الأخيرة خاصة في حفر أنفاق تصل إلى ما تحت مواقع قوات النظام وتفجيرها تحتهم. استاء حزب الله من فعل حركة حماس ولكن الحركة ما لبثت أن عادت إلى مغازلة النظام وطلب ودّه عبر الإيرانيين وحزب الله.

المقولة الثانية تقول أن حركة حماس هي صاحبة الفضل في حفر الأنفاق أولاً، وهي من نقلت هذه الفكرة والخبرة المرافقة لها لحزب الله عن طريق الإيرانيين بعد حرب غزة، مقابل حصولها على تقنيات تطوير الصواريح محلية الصنع. خبرة حفر الأنفاق التي جرى نقلها راعت الفروق الخاصة بالبيئة والتضاريس بين غزة حيث الأراضي الترابية والرملية، وجنوب لبنان حيث تغلب الأراضي الصخرية.

مهما يكن من حقيقة أصل الأنفاق، يبقى أن حزب الله طور أنفاقه بعد حرب 2006 على قاعدة توفير التكتيكات اللازمة للصمود في وجه جيش يفوقه في القوة، وبهدف تحقيق المفاجأة للإسرائيليين ونقل المعركة إلى داخل أراضيهم، وربما تنفيذ عمليات تخريبية وخطف جنود ومستوطنين، فأحد الأنفاق التي تم الكشف عنها ينطلق من قرية كفركلا التي تجاور الخط الحدودي تماماً ويتجه نحو منطقة المطلة على بعد بضعة مئات الأمتار، حيث يمكن في حال الانتهاء من تجهيز النفق أن ينتقل عبره مقاتلو الحزب للوصول إلى مستعمرة المطلة ونقل جنود أو مستوطنين مخطوفين عبره إلى داخل الأراضي اللبنانية.

أما داخلياً فشكل حفر الأنفاق وتطويرها حلاً لمشكلة واجهها حزب الله في حرب 2006 وهي عجزه عن إطلاق صواريخ متطورة ذات شحنة متفجرة كبيرة وتوجيه دقيق، فاكتفى بصواريخ الكاتيوشا الضعيفة وسريعة التحضير والإطلاق، فالصواريخ المتقدمة التي تحتاج وقتاً للنصب والتجهيز قبيل الإطلاق، كان الإسرائيليون يرصدونها بواسطة طائرات الاستطلاع من دون طيار، ويعمدون إلى تدميرها في أرضها قبل إطلاقها. تطوير الأنفاق يتيح توفير صوامع صواريخ للحزب على الأراضي اللبنانية، تتيح تجهيز وتحضير الصواريخ للإطلاق دون كشفها.

الإسرائيليون كانوا متنبهين لهذه التطورات، كما وردتهم معلومات متكررة عن سماع بعض سكان شمال إسرائيل أصوات حفر ليلية على مقربة من الحدود، ولكنهم فضلوا التعامل مع الأمر بحزم ومن دون نوايا تصعيدية، فأطلقوا عملية درع الشمال التي تتولى فيها فرق الهندسة في الجيش الإسرائيلي تحديد أماكن الأنفاق وكشفها وتدميرها.

الإسرائيليون وجهوا اللوم إلى الجيش اللبناني متهمين إياه بعدم تأدية الواجبات المنوطة به على أساس الاتفاق الذي انتهت عليه حرب تموز 2006 ووافقت عليه الحكومة اللبنانية، والتي تقضي بانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان وصولاً إلى الحدود، وعدم وجود مسلحي حزب الله في منطقة جنوب الليطاني. وجود أنفاق حزب الله العابرة للحدود، تعني أن الجيش اللبناني إما لا يعلم بما يفعل حزب الله، أو يعلم ويتغاضى عما يجري.

الاتهامات الإسرائيلية للجيش اللبناني بعدم القيام بواجباته تصب في خانة تهديدات إسرائيلية سابقة بأن كل لبنان سيكون هدفاً للإسرائيليين في أي حرب مقبلة مع حزب الله، فزمن الفصل بين الحزب والحكومة ولّى. حزب الله اليوم يملك أغلبية نيابية موصوفة كانت محل افتخار علني من مسؤولين إيرانيين، ويملك زمام الأمور في لبنان، ويعلم الجميع أنه الحاكم الفعلي فيه رغم شراكة ثانوية لأطراف سياسية أخرى في إدارة البلاد كميشال عون وسعد الحريري وآخرين، إلا أن الكلمة الفصل تبقى للحزب، وعليه يكون الفصل بين الحزب والسلطة في لبنان غير ممكن، فهل يتحمل لبنان الذي لم يتعاف تماماً رغم كل الدعم المالي الخليجي في حينه من آثار حرب 2006 التدميرية، هل يتحمل تكلفة حرب جديدة تتوسع فيها قائمة الأهداف الإسرائيلية لتشمل مرافق الدولة وبناها التحتية، وهو يعاني من أسوأ مرحلة اقتصادية تمر عليه في تاريخه منذ انتهاء الحرب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.