حكومة “الإنقاذ”: قوة “أمر واقع” لا تستند لشرعية.. وذراع تحرير الشام التي تضيق على الأهالي

حكومة “الإنقاذ”: قوة “أمر واقع” لا تستند لشرعية.. وذراع تحرير الشام التي تضيق على الأهالي

منار حداد – موقع الحل

في مطلع شهر نوفمبر من عام ٢٠١٧ الفائت تشكّلت حكومة جديدة في محافظة #إدلب، لإدارة الوضع الخدمي والأمني في المحافظة، وحملت اسم “حكومة الإنقاذ”.

الحكومة التي تشكّلت دون أن تستمد أي شرعية من الأهالي، تشكّلت من قبل الهيئة التأسيسية خلال مؤتمر جرى في معبر باب الهوى، وتكوّنت من إحدى عشر حقيبة وزارية وهي الداخلية، العدل، الأوقاف، التعليم العالي، التربية والتعليم، الصحة، الزراعة، الاقتصاد، الشؤون الاجتماعية والمهجرين، الإسكان والإعمار، والإدارة المحلية.

لم يكن أيّاً من الأهالي يعلم شيئاً عن تأسيس حكومة جديدة، ولم يجر أي استفتاء للمدنيين أو أي إطار شرعي آخر لتشكيل الحكومة.

ومضى أكثر من عام على تشكيل هذه الحكومة، ولا تزال حتّى الآن تنفرد بقرارات تضيّق الخناق على المدنيين، وتتلاعب بمبادئ أساسية للثورة السورية، دون أن يكون لها أي شرعية من قبل المدنيين الذين تحكمهم “الإنقاذ”، فضلاً عن وجود عشرات المؤشّرات التي تربط مرجعية هذه الحكومة بفصيل “هيئة تحرير الشام” الذي دعمها في أكثر من مناسبة.

في هذا التقرير، محاولة لمعرفة مدى قانونية تأسيس هذه الحكومة، ومدى مشروعية قراراتها وذلك بالتزامن مع اتخاذها إجراءات حدّت من حرية المنظمات وحرية وسائل الإعلام وتحكّمت في البنية المدنية في إدلب.

قوة أمر واقع

عن مدى مشروعية تشكيل “حكومة الإنقاذ” شرح المحامي حسام السرحان أمين سر “تجمّع المحاميين السوريين الأحرار” أنه من الناحية الدستورية والتشريعية “لا يوجد أي تشكيل سوري مُعارض يملك الناحية القانونية سواء كانت حكومة الإنقاذ أو الحكومة المؤقتة أو الائتلاف السوري أو حتّى المجلس الوطني”.

وقال السرحان لموقع الحل”: “إذا قارنّا بين الحكومة المؤقّتة وحكومة الإنقاذ، نجد أنّ حكومة المؤقتة أقرب إلى المشروعية كونها على علاقة بالائتلاف الذي يُعتبر ممثّلاً للسوريين، إضافةً إلى أن المجالس المحلية التي عملت تحت مظلة الحكومة المؤقّتة خضعت لانتخابات من قبل السكّان المدنيين”، لكنه أوضح أن ذلك “لا يعني أن أيا من الكيانين لديه شرعية دستورية”.

وأوضح السرحان، أنه “حتّى يكون الكيان الحكومي شرعياً، يجب أوّلاً أن يتم تأسيس لجنة دستورية منتخبة، على أن تقوم بإعداد دستور في المناطق المحرّرة، ويتم طرحه للاستفتاء، ثم بعد ذلك يتم تشكيل الهيئات الحكومية استناداً لقواعد هذا الدستوري وهنا يكون الكيان الحكومي شرعياً”.

كما أشار إلى أن جوهر العمل الدستوري “يقوم على ضرورة فصل السلطات التشريعية عن التنفيذية عن القضائية وهو ما لم يتحقّق في حكومة الإنقاذ أو أي كيان مُعارض آخر”.

واعتبر أن “حكومة الإنقاذ” لا تعدو عن كونها “قوة أمر واقع” قائلاً في هذا السياق: “إن السلطة في الشمال السوري تقع بأيدي فصيل هيئة تحرير الشام وهي بدورها جلبت شخصيات مقرّبة منها من أجل تشكيل حكومة ترضى عنها، وسلّمتهم كل الإمكانيات التي حصلت الهيئة عليها بقوّة السلاح، لذلك فإن الحكومة هذه قامت على قوّة سلاح الهيئة”. لافتاً إلى أن “مشروعية قوة السلاح لا تعتبر قانونية”.

وتابع السرحان، أن الحكومة “يجب أن تكون مسؤولة عن تقديم الخدمات للمواطنين الذين تحكمهم، وهذا الأمر لا ينطبق على حكومة الإنقاذ التي هي غير قادرة على تقديم خدمات وإنّما يقتصر دورها على فرض الضرائب والتحكّم بالمدنيين بموجب سلطة الأمر الواقع التي تملكها”.

انتهاكات واسعة

تحت هذه السلطة غير الشرعية، اتخذت “حكومة الإنقاذ” عشرات القرارات، التي ضيّقت من خلالها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمدنيين في مناطقها، وفرضت القوّة ضد من يخالف قراراتها.

وكان هناك العديد من القرارات التي اتخذتها “حكومة الإنقاذ” والتي كان لها أثر رجعي على المواطنين، ففي التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول السابق، فعّلت “حكومة الإنقاذ” عقوبة الإعدام ضد المُدانين بجرائم الخطف والسلب في محافظة إدلب شمالي سوريا.

وقالت “حكومة الإنقاذ” في بيانٍ لها حينها: “كل من يثبت عليه الاشتراك أو الإعانة أو الرصد مع عصابة تقوم على الخطف أو السطو المسلح ستطبق بحقه عقوبة القتل أيًا كان مدنياً أو عسكرياً”.

واعتبر البيان أن هذه العقوبة جاءت “نظراً لما تشكّله جرائم الخطف والسطو من اعتداءات على حرمات المسلمين في نفوسهم وأموالهم وأعراضهم، وما تسبّبه من تهديد لأمن الناس ومعاشهم وهتك لمقاصد الشرعية وضروراتها”.

وفي الثاني عشر من الشهر نفسه، اتخذت “الإنقاذ” واحداً من أسوأ قراراتها عندما اعتمدت علماً جديداً لسوريا يختلف عن علم النظام وعلم المعارضة، في خطوةٍ أثارت غضب المعارضين السوريين.

وقال بيان صادر عن “الهيئة التأسيسية” التي شكّلت حكومة الإنقاذ “إنه يُعتمد علم واحد وراية للمناطق المحررة مؤلف من أربعة ألوان، هي اللون الأخضر من الأعلى والأبيض في الوسط وفي الأسفل اللون الأسود”. وأضاف البيان، أنه “يُكتب على اللون الأبيض في الوسط باللون الأحمر عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله”.

وبات العلم بحلّته الجديدة، يمثّل خليطاً بين علم الثورة السورية وعلم الراية الإسلامية، حيث تم استبدال النجوم الثلاث الخضراء في وسطه بعبارة “لا إله إلّا الله محمد رسول الله” باللون الأخضر.

كما أصدرت “هيئة الإعلام” المنبثقة عن هذه الحكومة معايير من أجل تنظيم عمل وسائل الإعلام، ضيّقت العمل على جميع هذه الوسائل ومنعتها من التحرّك بحرّية، وقبلها أصدرت قراراً ألزمت به النساء الارامل في محافظة إدلب بضرورة أن يعشنَ مع “محرم شرعي” أو بجواره.

إضافةً لذلك، استولت “الإنقاذ” على تجمّع سكني قيد التجهيز تابع لجمعية “عطاء” في منطقة أطمة بريف إدلب الشمالي مطلع آب الماضي، وذكرت الجمعية وقتها أن إدارة شؤون المهجرين التابعة لـ”حكومة الإنقاذ” استولت على التجمع السكني الثاني لها، دون مراعاة موافقتها أو ملكيتها له.

لم يقف الأمر هنا، فمن أكبر الانتهاكات التي قامت بها “حكومة الإنقاذ” هو اتخاذ قرار من قبل وزارة المحلية فيها، بمصادر أملاك المدنيين المسيحيين، فيما عُرف بـ “أملاك النصارى”، في قرار يذكر بالقرار رقم 10 الذي أصدره النظام السوري الذي يسمح له بمصادرة أملاك المهجرين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.