تجارة “البطاقات الأمنية”: سوريون يشترون راحة بالهم على الحواجز بالأموال

تجارة “البطاقات الأمنية”: سوريون يشترون راحة بالهم على الحواجز بالأموال

منار حداد – الحل

لا تزال تجارة “البطاقات الأمنية” مُنتعشة بشكلٍ واسع في عدّة محافظات سورية، وذلك انطلاقاً من رغبة شبان سوريين، بالتهرّب من الخدمة الإلزامية بشكل رئيسي، أو الهروب من الملاحقة الأمنية بشكلٍ ثانوي.

وبالمقابل، هناك من اشتروا هذه البطاقات رغم عدم ملاحقتهم وإنّما قرّروا شراءها للهروب من أي متاعب قد تواجههم على الحواجز العسكرية خلال تنقّلهم ضمن المناطق والأحياء السكنية في مدينتهم.

تقوم عملية “تجارة البطاقات الأمنية” عن طريق استخراج عناصر وضبّاط سواء بالأفرع الأمنية السورية، أو الميليشيات الموالية للنظام، لبطاقات رسمية لهذه الأفرع أو الميليشيات، مقابل حصولهم على مبالغ مرتفعة من هؤلاء المدنيين، حيث يتم تجديد البطاقة مرّة واحدة كل عام، ويكون التجديد أيضاً بمقابل مادي.

بطاقة “حزب الله” الأعلى سعراً

اطلع موقع الحل السوري على أسعار البطاقات الأمنية، بعد التواصل مع عدّة مدنيين اشتروا هذه البطاقات من ضبّاط في الأفرع الأمنية، فتبيّن أن بطاقة حزب الله اللبنانية، هي الأعلى سعراً من بين البطاقات، في حين أن بطاقة “كتائب البعث” هي الأرخص سعراً.

وقال شاب سوري يعيش في مدينة #حلب إنّه اشترى مع صديقه بطاقة حزب الله، وتُدعى “بطاقة المقاومة الإسلامية” من أحد العناصر السوريين المشتركين بالحزب، مؤكّداً أنه وصديقها دفعا ثمن البطاقة الواحدة ٢٨٠ ألف ليرة سورية ومدّتها عامُ واحد.

ويالمقابل، بلغ سعر بطاقة “كتائب البعث” نحو ٨٠ ألف ليرة سورية في العاصمة دمشق، ١٠٠ ألف ليرة في حمص، وذلك وفقاً لشبّان اشتروا هذه البطاقات، غير أن بطاقة كتائب البعث لا تُعتبر قوية كما هو الحال في بطاقات الأفرع الأمنية والميليشيات الأخرى.

ويتراوح سعر بطاقة المخابرات الجوية والأمن العسكري، بين ٢٠٠ – ٢٥٠ ألف ليرة وهي صالحة لمدّة عام، وذلك وفقاً لشبّان اشتروا هذه البطاقات في مدينة حلب.

ويُعتبر فرعا “الأمن العسكري” و”المخابرات الجوية” من أقوى الأفرع الأمنية في سوريا وأكثرها سلطة حيث يتمتّع حاملها بحصانة لا محدودة قادرة على إخراجه من أصعب المشاكل الأمنية التي قد تحصل معه.

هروب من القبضة الأمنية

يعمل مصطفى (٤٠ عاماً) سائق شاحنة تابعة لشركة شحن تنقل الطرود بين المحافظات، غير أنّه خلال تنقّله بين المحافظات كان يواجه الكثير من المتاعب من قبل الحواجز.

يقول مصطفى الذي يعيش في محافظة حلب لـموقه الحل إنّه “اشترى بطاقة تابعة لفرع الأمن العسكري، من قبل عنصر في الفرع تعرّف عليه في أحد مقاهي العاصمة”. موضحاً أن البطاقة “كلّفته ١٨٠ ألف ليرة سورية لسنة واحدة”.

وأضاف مصطفى: “منذ أن حملت البطاقة وأنا أشعر بالأمان، لم أعد أواجه أي متاعب على الحواجز العسكرية”. مبيّناً أن الحواجز كانت في بعض الأحيان تطلب منه أن يعطيها بعض السلع التي كان يقوم بنقلها.

وأوضح مصطفى أنّه فيما يخص سعر البطاقة فإنه “على الرغم من كونه مرتفع، ولكنّه خلّصه من الرشوة التي كان يعطيها للحواجز مقابل المرور، والتي فيما إذا تم جمعها خلال عام سوف تفوق سعر البطاقة الأمنية”.

أما الشاب السوري عمار ٢٦ عاماً، فبقي حبيس منزله في حلب لأكثر من عام بسبب تخلّفه عن الخدمة الإلزامية، ولم يتمكّن من الهروب خارج البلاد، فانتهى به الأمر بشرائه بطاقة تابعة لميليشيا حزب الله اللبناني.

ويقول عمار إنّه اشترى البطاقة عن طريق صديق أحد أصدقائه المتطوّع بالحزب بمبلغ ٢٨٠ ألف ليرة إسوةً بصديقه، وبعدها بدأ بالخروج والتنقّل نحو عمله بشكلٍ طبيعي. وأضاف أن الحواجز “توقّفه خلال تنقّله بشكلٍ شبه يومي، ولكن بمجرّد إبرازه للبطاقة تنتهي المشكلة”. مضيفاً: “لم أعد أحمل هويتي الشخصية حتى”.

إجراءات غير مجدية

حاول النظام السوري اتخاذ إجراءات للحد من انتشار البطاقات الأمنية، ولكن إجراءاته لم تكن مجدية. ففي الحادي عشر من شهر حزيران ٢٠١٧، أصدر وزير الدفاع السابق في حكومة النظام السوري، قراراً يقضي بسحب كافة البطاقات الأمنية للعناصر المتطوعة في مليشيات وقوات النظام، مستثنياً البطاقات الأمنية الصادرة عن مكتب الأمن الوطني في دمشق.

وقد جاء في القرار: “إلى كافة الجحافل والتشكيلات والإدارات والحواجز العسكرية، اعتباراً من تاريخه يتم سحب كافة بطاقات تسهيل الأمور وحمل السلاح من كافة الجهات العسكرية والمدنية وتتلف من قبلهم أصولاً، ويسمح باعتماد البطاقات الصادرة عن مكتب الأمن الوطني فقط لتسهيل المرور وحمل السلاح على الحواجز العسكرية”.

ويخوّل القرار بإعطاء الصلاحيات الكاملة لحواجز ونقاط النظام في المناطق الخاضعة لسيطرته بإتلاف ومصادرة كافة البطاقات الأمنية لدى العثور عليها.

بحسب مصادر “الحل فإن هذا القرار “جاء عقب تفاقم أزمة حاملي البطاقات الأمنية، وتفاقم عددهم بشكلٍ ملحوظ يفوق العدد التقريبي لعناصر الأفرع الأمنية والميليشيات”.

ولكن هذه الإجراءات التي اتخذها النظام لم تنفع في نزع البطاقات الأمنية من أيدي المواطنين، وبحسب ما ذكر الأشخاص حاملي البطاقات الذين التقاهم موقع الحل، فإن قرار وزارة الدفاع السابق ساهم في الحد من انتشار البطاقات الأمنية التابعة للميليشيات المحلية فقط، ومنها كتائب البعث والدفاع المدني، ولكنه لم ينجح في نزع البطاقات من الصادرة عن الأفرع الأمنية المختلفة والميليشيات الأجنبية بسبب عدم قدرته على كبح هذه الأفرع والميليشيات.

وساهم ذلك في ارتفاع أسعار البطاقات الصادرة عن الجهات التي لم يشملها قرار وزارة الدفاع، بسبب اعتبارها هي الوحيدة السارية على الحواجز العسكرية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.