إدلب (الحل) – تواجه فصائل المعارضة السورية المسلحة في شمالي غربي سوريا، محاولة محو من قبل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، ومؤخرا بات مصير تلك الفصائل في العديد من المناطق، التهجير أو الإجبار على عقد اتفاق مع الهيئة، وذلك أقرب ما يكون إلى اتفاقات كانت تفرض على الفصائل بعد الحصار والتدمير من قبل النظام وحلفائه الروسي والإيراني تحت مسمى “المصالحة” و”التسوية”.

آخر تلك الاتفاقيات وفق ما أكدته مصادر لموقع “الحل السوري” وقعه فصيل “الجبهة الوطنية للتحرير” وهو الفصيل الأكبر التابع للمعارضة في إدلب وحماة وحلب، مع “هيئة تحرير الشام” مجبرا، وذلك بعد القضاء على معظم مكوناته.

ونص ذلك الاتفاق على وقف القتال المستمر بين الطرفين منذ أسبوعين ووضع كافة المناطق التي تديرها تلك الفصائل تحت إدارة “حكومة الإنقاذ” المشكلة من قبل تحرير الشام، وتهجير العناصر الرافضين للبقاء تحت حكم الهيئة إلى شمال حلب.

ويذكر أن هيئة تحرير الشام، قضت على “حركة أحرار الشام” و”صقور الشام” قبل أكثر من عام، وتمكنت مؤخرا من القضاء على “حركة نور الدين الزنكي”، وعلى آخر مجموعة كانت لاتزال تابعة لـ” أحرار الشام” في سهل الغاب وجبل شحشبو بريف حماة، كما تمكنت من القضاء على فصيلي “ثوار الشام” و”بيارق الإسلام”، العاملين في مدينة الأتارب، وذلك بعد إنهاء وجود”حركة نور الدين الزنكي” وقبلها “جيش الإسلام في الشمال” وقبله “جبهة ثوار سوريا” و”حركة حزم”.

وعلى الرغم من تجمع أكبر فصائل المعارضة السورية المسلحة ضمن “الجبهة الوطنية للتحرير” إلا أن تلك الفصائل لم تتمكن من الصمود أمام تقدم الهيئة، وذلك بسبب تفرقها وعملها بشكل منفرد، وتضم “الجبهة الوطنية للتحرير” العديد من الفصائل من أبرزها “حركة نور الدين الزنكي، حركة أحرار الشام، فيلق الشام، صقور الشام”، وتلك الفصائل شاركت في عمليتي “غضن الزيتون” و”درع الفرات” إلى جانب الجيش التركي شمالي حلب.

ويقول “أبو وليد” المقاتل السابق في صفوف “حركة أحرار الشام” إن تصرفات الفصائل في المناطق المحررة وعدم اتحادهم ضمن إدارة وقيادة واحدة، ولهث القيادات وراء المناصب، كان السبب الأكبر في تمكن الهيئة من القضاء عليهم، مضيفا لـ”موقع الحل” “أنا لست مع الهيئة لا فكرا ولا شكلا، ولكن قادة الهيئة يكونون في الصفوف الأولى عند الهجوم على المعارضة ويكونون مدججين بالأحزمة الناسفة، بينما معظم قادة فصائل المعارضة يجلسون في تركيا وعناصرهم على الأرض”.

محاكاة النظام
واتبعت الهيئة سياسة عسكرية كان النظام قد نفذها في المناطق التي خضعت لسيطرته في الغوطة وحلب وغيرها، حيث عمدت إلى محاصرة المناطق الخاضعة للمعارضة كما فعل النظام، وقطعت عنها الطرقات كما قام النظام بقطع الطرقات عن المعارضة، ثم بدأت بقصف المنازل واقتحمت مواقع الفصائل بالمفخخات والانتحاريين.

وأجبرت معظم الفصائل على القبول بشروطها، حيث يغادر مقاتلوها الرافضين لحكم الهيئة مع عائلاتهم إلى منطقة عفرين وجرابلس شمال حلب حيث تسيطر فصائل مدعومة من تركيا.

ويؤكد “أبو الزهور” القيادي في فصيل “صقور الشام” لـ”الحل السوري” أن فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” أجبرت على توقيع عدة اتفاقات مع هيئة تحرير الشام في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب وجبل شحشبو في سهل الغاب بريف حماة الغربي، حيث قضى الاتفاق بتهجير أكثر من 1800 مقاتل مع عائلاتهم من المنطقة إلى منطقتي عفرين و جرابلس شمال حلب وذلك بعد رفضهم للبقاء تحت حكم الهيئة.

وأضاف القيادي أن الهيئة وقعت اتفاقا مع فصيلي “صقور الشام” و”أحرار الشام” في العديد من القرى بمنطقة جبل الزاوية ينص على بقاء المقاتلين مقابل دخول المجالس المحلية التابعة لحكومة الإنقاذ إلى القرى والبلدات الخارجة عن سيطرتها في المنطقة، مشيرا إلى أن المقاتلين مازالوا على أهبة الاستعداد لعدم ثقتهم بعهود “أبو محمد الجولاني” قائد الهيئة.
وأشار القيادي إلى أن من بين المقاتلين الرافضين للهيئة مهجرين كانوا قد وصلوا إلى المنطقة قادمين من حمص والفوطة الشرقية في وقت سابق واختاروا البقاء في جنوب إدلب لمواجهة النظام.

ذريعة للتدمير
ويتخوف معظم المدنيين والعسكريين في إدلب ومحيطها من أن تكون سيطرة هيئة تحرير الشام، على إدلب، ذريعة للنظام وروسيا في الهجوم على المنطقة وتدميرها، وذلك حصل دائما عندما قام النظام بتهجير كل من الغوطة الشرقية وريف حمص وحلب وغيرها من المناطق، حيث كان النظام وروسيا يتذرعان بقتال “جبهة النصرة” والتي كان مقاتلوها في تلك المناطق بالعشرات فقط.

وفي حديث مع “موقع الحل” أشار القيادي في “صقور الشام” “وليد الحسين” إلى أن الضبابية تسيطر على المشهد في إدلب خاصة مع الصمت التركي حول ما يحصل، مشيرا إلى أن هناك تخوف من هجوم النظام وروسيا على إدلب بذريعة “النصرة”، إلا أن بقاء النقاط التركية في محيط إدلب في الوقت الحالي يجعل وقوع ذلك مستبعدا، معتبرا أن النظام والروس لا عهد لهما، ومن الممكن أن يقوم الطيران الروسي باستهداف إدلب وريف حلب جوا وتدمير المنازل وقتل المدنيين دون التقدم على الأرض بحجة استهداف “النصرة”.

من جانبه اعتبر المعارض السوري ورئيس اتحاد الديمقراطيين السوريين “ميشيل كيلو” في تسجيل صوتي له أن انشغال تركيا وتحضيراتها لمعركة شرق الفرات، سمح لهيئة تحرير الشام بالتقدم على حساب المعارضة، مشيرا إلى أن موضوع الحسم في إدلب مؤجل لما بعد الانتهاء من تأسيس اللجنة الدستورية، التي ستحدد الهوية السياسية لسورية المستقبل.

إعداد: جلال بكور – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.