في حربها ضد “المتشددين”… كيف تخلّت تركيا عن فصائل المعارضة في الشمال؟

في حربها ضد “المتشددين”… كيف تخلّت تركيا عن فصائل المعارضة في الشمال؟

(الحل) – انهارت فصائل المعارضة في ريف #حلب الغربي ومحافظة إدلب، أمام هجمات #هيئة_تحرير_الشام، التي استخدمت الأسلحة الثقيلة والمدافع الصاروخية خلال معركتها في إطار حملتها لإنهاء وجود فصائل المعارضة في الشمال السوري، دون أي تدخل من “الحليف” التركي.

حرب هيئة تحرير الشام ضد فصائل المعارضة، وأبرزها “الجبهة الوطنيّة للتحرير”، وصمت الجانب التركي بصفته “داعماً للفصائل المعتدلة”، فضلاً عن كونه أبرز الضامنين لاتفاق خفض التصعيد في الشمال السوري، بات لغز يحير المتنبئين بالسيناريوهات التي تخطط لها تركيا بشأن مستقبل المنطقة.

فتركيا لم تقدم أي دعم عسكري كان أو سياسي لتلك الفصائل في حربها ضد جبهة النصرة المصنفة على قوائم الإرهاب، أو ما تعرف حاليّاً إلى جانب العديد من الفصائل الإسلامية المتشددة بـهيئة تحرير الشام، ليكون الانهيار المفاجئ والسريع وتسليم الهيئة المناطق الممتدة من ريف حلب الغربي إلى ريف حماة الشمالي مروراً بمحافظة إدلب للجماعة التي كانت تتبع تنظيم القاعدة رسمياً.

صمت أنقرة والفصائل التي يدعمها الجيش التركي لم يعكره سوى تصريح للمحلل التركي “بكير أتاجان” خلال حديث صحفي وصف فيه صمت أنقر بـ “الوضع المؤقت”، مشيراً إلى إمكانية تحرّك تركيا عسكريّاً بالتشارك مع روسيا لإبعاد هيئة تحرير الشام عن الطرق الدولية في سوريا.

وبرأي عسكري منشق عن قوات النظام مقيم في أنقرة (فضّل عدم الكشف عن اسمه) فإن “تركيا تحاول كسب مزيد من الأوراق في المفاوضات السياسية أمام روسيا بترك فصائل المعارضة فريسة للنصرة وأتباعها”، ويقول لموقع الحل: “أرى أن تركيا تركت إدلب لجبهة النصرة متقصدة، حيث أن إدلب وبعد سيطرة النصرة عليها سيكون من الأسهل التفاوض عليها مقابل حصول الجانب التركي على مزيد من الأريحية في قضية توسعه على الحدود السورية التركية، وحربه ضد قوّات سوريا الديمقراطية وتقليل الممانعة الدولية لذلك”.

ويضيف المصدر خلال حديثه للموقع أن إنهاء كيانات فصائل المعارضة في إدلب يعني بالتأكيد انضمام نسبة كبيرة من المقاتلين لفصائل الجيش الوطني في درع الفرات بريف حلب الشمالي الشرقي تحت الجناح التركي، وهو ما يعني أيضاً توسع نفوذ الجيش المدعوم مباشرة من أنقرة، بدلاً من الفصائل التي ليس لتركيا سلطة عليها إلا في إطار محدود.

ورغم إعلان بعض مجموعات الجيش الوطني قبل يومين نيّتها فتح معركة لاستعادة محافظة إدلب من قبضة تحرير الشام، إلا ان الإعلان لم يتجاوز إطلاق بعض الصواريخ باتجاه حواجز الهيئة وظهور بعض المقاتلين مهللين باستهداف عناصر النصرة، لتنتهي المعركة وترتسم خارطة السيطرة في الشمال السوري من جديد.

فهيئة تحرير الشام اتفقت اليوم مع الجبهة الوطنيّة وبصفتها الجانب الأقوى على إيقاف شامل لإطلاق النار، مقابل سيطرة حكومة الإنقاذ التابعة للهيئة على كافة قرى وبلدات ريف حلب الغربي ومحافظة إدلب، على الصعيد الخدمي والتعليمي والإداري. وكذلك نصّت اتفاقيات سابقة على السماح لمقاتلي الفصائل في البلدات التي حاصرتها الهيئة بالتوجه إلى مدينة عفرين مع ضمان عدم التعرض لهم من قبل حواجزها، ووصل مئات عناصر الفصائل مع عوائلهم وعشرات الناشطين إلى مدينة عفرين في مشهد يشبه إلى حد كبير مشاهد التهجير التي حصلت في عموم المناطق السوريّة من قبل قوّات النظام خلال الأعوام القليلة الماضية.

ويرى المحلل العسكري حسام حاج إبراهيم أن ليس في مصلحة تركيا فتح جبهة مع هيئة تحرير الشام التي تشكّل جبهة النصرة عمادها الرئيسي، فالنصرة لها العديد من الخلايا النائمة في الأراضي التركية وهي على استعداد لتنفيذ عمليّات إرهابيّة في حال تحرّكت أنقرة ضد الهيئة وفق قوله، وهو الأمر الذي لا تريده تركيا في الوقت الراهن لا سيما مع الصراعات التي تعيشه تركيا على الصعيد الإقليمي والدولي معاً.

إذاً، على ضوء التصريحات الأخيرة بات مصير إدلب قاب قوسين أو أدنى من معركة محتملة، ستكون كارثية على مئات الآلاف من المدنيين الذين لا ناقة لهم ولا جمل، سواء مع هيئة تحرير الشام أو تركيا التي غدرت بهم، ليبقى التساؤل المطروح هل سنشهد صفقات تركية – روسيّة جديدة من شأنها توسعة سيطرة النظام على إدلب، مقابل السماح لتركيا فعلياً ببدء معركة شرق الفرات؟

إعداد فتحي سليمان – تحرير سامي صلاح

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.