خاص (الحل) – تتوالى في الظهور ملفات ووثائق جديدة، تدين العلاقة «السريّة» بين الدولة التركية، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، آخر الإدانات كشفها موقع «نورديك مونيتور» الذي نشر تقريراً بالوثائق يظهر دور الاستخبارات التركية التي نقلت بشكل سري مقاتلين متشددين إلى الحدود التركية-السورية، كان لها الدور الرئيس فيما آلت إليه نتائج الحرب الدائرة.

منذ ظهور «داعش» وصعوده السريع في المنطقة بداية عام 2013، كان واضحاً التعاون التركي معه، ومختلف التقارير التي ناولت هذه العلاقة جاءت متأخرة، أو لم يتم وضعها بعين الاعتبار، لأن جميع الوثائق والصور والفيديوهات المتاحة كانت تؤكد العلاقة البنيوية بينهما، وقد أرجع العديد من المحللين ذلك إلى بعدين؛ الأول  إيديولوجي إذ تعتبر تركيا البيئة الحاضنة لعناصر «داعش» والتي كانت «تسرح وتمرح» في بعض ضواحي استنبول من حيث المبايعات العلنية لأبو بكر البغدادي والتنظيم، والبعد الثاني ما كان يقدم له من دعم مادي ومعنويّ من حيث التدريب والسلاح، ومن ثم توفير حركة الانتقال إلى الداخل السوري دون أيّة مضايقات تذكر.

سر الدولة

وكشفت إحدى الوثائق المسربة والموقعة عام 2014 من نائب رئيس الاستخبارات التركية، إسماعيل حقي موسى، الذي يشغل حاليا منصب سفير تركيا في فرنسا، أن قضية نقل المقاتلين تعتبر «سر دولة» موضحة «أن المقاتلين جرى نقلهم عبر الحدود في ليلة 9 يناير 2014، وذلك داخل حافلات متعاقدة مع منظمة الاستخبارات التركية التي تسمى اصطلاحاً الـ(MIT)».

وهذا ما أوضحه الرئيس السابق لبلدية ماردين «أحمد ترك» حين قدّم لمندوبيّ دول الاتحاد الأوروبي، وبالوثائق دور تركيا في تسهيل وصول هؤلاء المقاتلين إلى سوريا، إذ تقول إحدى الوثائق «وصلت الحافلات إلى البوابة الحدودية في بلدة أكجاكلي التركية، ثم مرت عبر البوابة الحدودية دون أيّ تفتيش أو فحص. وبعدها، جرى تفريغ الحافلات من المقاتلين والأسلحة والذخيرة في حدود الساعة الخامسة صباحا، وعادت الحافلات مرة أخرى إلى تركيا».

الدور الوظيفي للتنظيم

وبالنتيجة الدور الوظيفي لـ«داعش» أظهر أنه يخدم المشروع التركي، وهذا لا يحتاج إلى براهين حسب العديد من المتابعين، حيث تكشف الوثيقة أنه «وفي اليوم التالي، تلقت الشرطة المحلية التركية، بلاغا يفيد أن حافلتين، كانتا متوقفتين ليلة أمس في منطقة استراحة على طريق سريع، متورطتان في تهريب المخدرات.

وأخضعت العناصر الأمنية الحافلتين للتفتيش، لكنها لم تعثر على مخدرات، وإنما وجدت في المقابل 40 صندوقا من الذخيرة للرشاشات الثقيلة».

وإن كان لا بد من طرح السؤال حول أسباب المسعى التركي لوجوده من خلال تعزيز وجود «داعش» في سوريا؟ فإن طريقة التحقيق التي أجريت مع الموقوفين تجيب على جزء من الاستفسار، إذ «جرى اعتقال السائقين، شاهين غوفينميز 37 سنة، وإسات لطفي 48 سنة، إلى جانب مالك شركة الحافلات، ميهراك ساري 42 سنة». واعترف الموقوفون، خلال التحقيق معهم، بأن الحافلتين استأجرتهما منظمة “MIT”، مشيرين إلى أنهم قاموا بمهمات مماثلة من قبل.

حروب بالوكالة

وقال أحدهم «كنا ننقل الذخيرة والمقاتلين المتشددين إلى معسكر في الجانب السوري، تديره جماعة متطرفة»، مضيفا «لم نكن على خطأ، كنا نقوم بواجبنا تجاه دولتنا». وحسب اعترافات المعتقلين، فإن الاستخبارات التركية نقلت ما يناهز 72 متشدداً إلى الحدود السورية لمساعدة الجماعات المتطرفة هناك.

لم يكن المشروع التركي مرتبطاً بسوريا فقط؛ وإنما بمختلف دول المنطقة، وحين فشلت في المخطط بدأت بمشروع الحروب بالوكالة، واعتمدت على «داعش» كأحد أهم الأذرع العسكرية لتركيا لتعزيز النزعات العرقية والمذهبية والمتطرّفة.

معارك «مفترضة»

وقد كشف موقع «نورديك مونيتور» في تقريره أن «المدعي العام، مصطفى سرلي، الذي قاد التحقيق وأمر بإجراء فحص ميداني للأماكن التي تم فيها اعتقال المقاتلين، جرى إعفاؤه من القضية لأسباب مجهولة». موضحاً «يبدو أن حكومة أردوغان لم ترغب بأن يتعمق المدعي العام في القضية، ويتوصل إلى كل الأدلة التي تثبت تورط الاستخبارات التركية».

من المفارقات الفاقعة أن تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» كان بشكل متواصل ينشر إصدارات جديدة في القتل المروّع لمختلف المسؤولين في المنطقة، في حين لم يفعل شيئاً للدبلوماسيين الأتراك في العراق، لا وبلّ بعد شهرين أطلقت سراحهم دون أي أذى، النقطة الأخرى كيف نفهم احتلال تركيا لمدن سورية كاملة كانت تحت سيطرة «داعش» ولم يقتل جندي تركي واحد في معارك «مفترضة» أو لم نر على الفضائيات قتلى لـ«داعش»، مما يعني وجود تعاون واضح في الوظيفة السياسية والميدانية في أكثر من مكان!!.

إغلاق الملف

لهذا لا يستغرب من الخاتمة التي أنهى فيها  «نورديك مونيتور» تقريره بـ«أن كومالي تولو، المدعي العام الجديد في القضية، سارع إلى إسقاط القضية، وغلق الملف ضد جهاز الاستخبارات بتاريخ 28 نوفمبر 2014».

وهنا تعيد بنا الذاكرة إلى الوراء مع تردد تركيا في الانضمام إلى التحالف ضد «داعش»، ومن ثم دخولها المتأخر إليه بالاسم فقط؛ كل هذا يؤكد تسريبات المعارضة التركية، التي تشيّ أن نحو 8 – 10 آلاف مواطن تركي، يقاتلون في صفوف التنظيم، وأن الكثير من هؤلاء عادوا من سوريا وشكلوا تلك البيئة الحاضنة للتنظيم دون أيّة مضايقات من أجهزة الاستخبارات التركية، بالإضافة لاستغلالها الإيغور التركستانيين، وتقديم التسهيلات اللازمة لهم، ومن ثم إرسالهم إلى سوريا.

كل الدلائل تشير أن تركيا، بقدر اتهاماتها للمقاتلين الكُرد بـ«الإرهاب» لم تتهم «داعش» وتحاربها بالسويّة ذاتها، على الرغم من أن كل التقارير الدولية أجمعت على أن القوة العسكرية الوحيدة التي قاتلت التنظيمات الجهادية في سوريا هم قوات سوريا الديمقراطية، وعلى رأسهم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وأنه لولا هؤلاء لمّا سقطت عاصمة الخلافة في الرقة.

بالمحصلة هذه الوثائق لم تكن الأولى- ولن تكون الأخيرة- فقد سبق وأن تم نشر تسريبات من «دير شبيغل» الألمانية، عن تورط الاستخبارات التركية في تدريب ونقل المتطرفين، وتقديم كل أنواع الأسلحة لهم، كما سبق وأن نشرت صحيفة «جمهوريت» التركية، صورا ولقطات فيديو وتقريرا يكشف دور المسؤولين الأتراك في كل ما تمّ ذكره، ومع ذلك يستمر «داعش» وتستمرّ معها تركيا، وما زال الشعب السوري ينزف.

إعداد فريق التحرير – ترجمة سكاي نيوز عربية

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.