انتشار الإدمان على مادتيّ الغراء والشعلة بين أطفال ديرالزور

انتشار الإدمان على مادتيّ الغراء والشعلة بين أطفال ديرالزور

ديرالزور (الحل) – انتشرت خلال الأشهر القليلة الماضية، بين الأطفال والمراهقين بداخل الأحياء المأهولة الواقعة تحت سيطرة النظام في مدينة #دير_الزور، ظاهرة إدمان شم مواد كيميائية لاصقة (الغراء والشعلة)، وذلك “على مرأى ومسمع الجهات المسؤولة” التي لم تحرك ساكناً لوضع حد لها، ومعالجة الأطفال المدمنين عليها.

يقول الدكتور سليم الحمد (أخصائي بالأمراض العصبية) لموقع الحل، إن “هذه المواد تتسبب بسمية شديدة للجسم، والدماغ على نحو خاص، وقد تتسبب بالموت المفاجئ للطفل أثناء الاستنشاق بسبب الاختناق”، منوهاً إلى أن “هذه المواد، تسبب صداعاً شديدا وضرراً بالغاً في خلايا الدماغ، حيث تحل مكان الأكسجين وتتسرب بشكل سريع إلى الدم، ما يؤدي إلى أضرار كبيرة في القصبات الهوائية وسائر أعضاء الجسم الداخلية”.

ويضيف أن خطر الإدمان على مثل هذه المواد، مضاعف على الأطفال والمراهقين الذين بطبيعة الحال تكون أجسادهم في طور النمو وغير قادرة على تحمل هذه السمية الكبيرة، وفق وصفه.

بدوره تحدث الأخصائي الاجتماعي منذر العلي لموقع الحل، عن الدوافع والمسببات لهذه الحالة، قائلاً : إن “المشكلة الكبيرة ليست بالإدمان بل بالأسباب التي أدت إليه، فالضحايا هم أطفال تعاني غالبيتهم الفقر والتشرد واليتم أو غياب الأهل لسبب أو آخر”، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة المرضية ليست بجديدة، حيث تعاني منها العديد من مجتمعات العالم الثالث والعالم العربي على نحو خاص، وترتفع نسبتها بالتوازي مع ارتفاع الفقر والجهل بالأحياء الفقيرة والعشوائيات التي يخرج منها المشردون بحثا عن أسباب العيش، في شوارع المدن، فيصبحون عرضة لكل أنواع الانحراف”.

وأشار المصدر إلى تضاعف هذه الظاهرة بشكل كبير في سوريا خلال السنوات الأربع الماضية، نتيجة ظروف الحرب التي عاشتها معظم المحافظات، والتي انعكست آثارها سلباً على هؤلاء”، مشددا على أهمية معالجة مسببات الظاهرة للقضاء عليها، ما ينطلب معالجات اقتصادية بالدرجة الأولى، وبالتوازي معها، لابد من إجراءات تعليمية تربوية تعيد تأهيل هذه الفئة لتكون فعالة في المجتمع، فالقضية خطيرة جداً ولابد من الانتباه إلى أنه كلما زاد الفقر، زاد الجهل وانتشر الإدمان وبالتالي تكون النتائج كارثية، وفق وصفه.

وقال محمد الغندور 44 عاماً (من سكان طب الجورة) لموقع الحل، إن “شم الشعلة وغيرها من المواد القابلة للاشتعال منتشر في الشوارع وأحياء المدينة، وهذا ملحوظ للمارة، حيث يقف الأطفال علنا وهم يمسكون عبوات بلاستيكية ويقومون بشمها، دون أي تعليق من رجال ودوريات الأمن أو الشرطة التي تملأ المكان” وفق تعبيره.

وأوضح الغندور أن هذه الظاهرة بدأت تنتشر لدى مجموعات أخرى من الأطفال بداخل أزقة وأحياء المدينة المدمرة (#العمال و#العرفي و#الجبيلة و#الموظفين) بعيداً عن أعين المارة، حيث يقوم هؤلاء بحمل كيس بداخله مادة الشعلة أو الغراء، ويستنشقون منها حتى بات أغلبهم مدمنا عليها.

الطفل عيسى الحويش (13 عاماً ) نزح وعائلته من أحياء المدينة المدمرة فيما سبق إلى حي #هرابش المحاذي للمطار العسكري، فقد والده بقصف جوي على منزلهم، يمتهن عيسى التسول في الحي ليامن ثمن طعامه ويشرح قائلاً: “بدأت بشم الشعلة منذ قرابة التسعة أشهر، وأشعر بمتعة كبيرة حين أقوم بذلك، وغالب الأحيان يغمى علي أثناء الاستنشاق” مشيراً إلى أن “ثمن العلبة ليس بالكثير ولكنه في غالبية الأحيان يشتري علبة صغيرة بالمال الذي يجمعه بدلاً من الطعام، لأنه يشعر بالسعادة الكبيرة أثناء استنشاقها”.

وفي تصريح لصحيفة الأيام، قالت وزارة الداخلية التابعة للنظام، إنها لا تعتبر أن الأمر وصل لكونه ظاهرة، مضيفة أنها لا تستطيع جمع الأطفال المدمنين ولا حتى محاسبة المحال التي تبيعهم المواد السامة أو إغلاقها، مبررة موقفها بالقول إن “المادة مشرعة قانوناً، ولا يوجد رادع يمنع المحالّ من بيعها حتى من الناحية الأخلاقية” وفق قولها.

إعداد: حمزة فراتي – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.