التسريبات تكشف الخطة وحرب التصريحات بين تركيا وأمريكا مستمرّة

التسريبات تكشف الخطة وحرب التصريحات بين تركيا وأمريكا مستمرّة

خاص (الحل) – تحركات جديدة، وتغيير في المواقع، وحرب من التصريحات المتبادلة، بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا، منذ إعلان الرئيس دونالد ترامب انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، قيل الكثير- وما لم يقلّ بعد- هو ما خطط له في الخفاء، لما ستكون عليه منطقة شرق الفرات التي تعتبر نقطة الصراع القائمة بين كل القوى الموجودة على جزء من الأراضي السورية.

ما الذي تخطط له واشنطن في هذه المناطق في غفلة الأحداث الجارية؟ هو السؤال الجوهري الذي لم يجد أيّة إجابة عليه، في وقت تشير فيه كل الدلائل أن المشاريع الأمريكية في شمال شرق سورية، التي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، تعارض كلياً السياسات التركية في المنطقة، وبالتالي تعارض كلياً الهدف «غير المعلن» الذي يتمثل بإنشاء؛ أو فرض كيان كردي، يكون قوامه سياسياً مجلس سوريا الديمقراطية «مسد» وعسكرياً «قسد» وقد تكون التسريبات التي حصلنا عليها من مصادر موثوقة خاصة بـ«الحل»، بإضافة طرف ثالث للمعادلة وهو «المجلس الوطني الكردي» الخصم الكردي «المفترض» المتحالف مع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة المدعوم تركياً.

على الرغم من أننا مقدمون على مزيد من شد الحبال بين كل الدول المعنية بالملف السوري، إلا أن التسريبات تبدو أنها معدّة من جيمس جيفري المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، وحسب الخطة الأمريكية الجديدة، التي «قد» تبدو أن تركيا منفتحة عليها، أكد المصدر أن هناك اتفاق- وتوافق سياسي- بين ممثلو الإدارة الذاتية الديمقراطية سياسياً وعسكرياً، والمجلس الوطني الكردي و«بيشمركة روج» وبعض فصائل المعارضة.

وأوضح المصدر أن هذه الخطة ستنقذ شرق الفرات من حملة تركية متوقعة، اعتماداً على حجم الحشود التركية على الحدود بين البلدين، وستشكل القوى المذكورة إدارة جديدة وقوات مشتركة من الأطراف الثلاثة على امتداد شرق الفرات ومنبج، ومنطقة آمنة بغطاء جويّ، وحماية من التحالف الدولي، على أن تشارك قوات «بيشمركة روج» هذه بكامل عدده المقدّر بـ6 آلاف عنصر، وقوات المعارضة بمثله، أما قوات سوريا الديمقراطية تكون لها حصة الأسد بحيث تكون بعدد الطرفين، باعتبارها ثاني أكبر قوة عسكرية منظمة في سوريا بعد قوات النظام.

وأضاف المصدر في تصريحات خاصة لـ«الحل» أن جميع الأطراف سلمت ورقة الخطة المرسومة لها، وتمّ ذلك بعد زيارة جيفري لسوريا، وبومبيو لكردستان العراق، على أن تضع الخطة حيز التطبيق خلال الربع الأول من العام الجاري، معتبراً أن كل ما سيتفق عليه سيطبق بعد تنازلات واضحة من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» ومجلسها «مسد».

في السياق ذاته، وعلى الرغم من كل هذه التسريبات، كتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، مقالٍ في صحيفة «كوميرسانت» الروسية، معبراً عن قناعته بـ«أن قوى داخلية في الولايات المتحدة تضغط على إدارة ترامب، تتحمل المسؤولية عن عدم تنفيذه تعهداته بخصوص الانسحاب من سوريا». وربط أردوغان إنهاء الأزمة في سوريا بانسحاب القوات الأمريكية منها، مما يعني أن كلا الطرفين لا يثقان ببعضهما.

وأوضح أردوغان: «لا نريد أن تفقد قيمتها تلك النجاحات التي حققناها معا نحن وروسيا في إطار عملية آستانة، والتقدم على مسار الحل السياسي. يجب علينا العمل معا لإعادة بناء سوريا، وضمان أمنها واستقرارها. وهذا هو الأسلوب الوحيد لوضع نهاية للإرهاب، والحيلولة دون تعزيز المنظمات الإرهابية، وبالدرجة الأولى (داعش)، قواها مجدداً، وبهذا الشكل نحمي سوريا من التدخل الخارجي». ولم تُعرف مناسبة المقال سوى أنه مجاملة للروس من جهة، وتوجيه رسائل أخرى للإدارة الأمريكية من روسيا من جهة أخرى، التي من المتوقع أن يزورها حسب مصادر في 23 من الشهر الجاري، وبدعوة منه وليس من الروس!!.

من جانبه شكك نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، بالخطط الأميركية في سوريا، إذ قال في حوار له اليوم الثلاثاء، مع صحيفة «روسيسكايا غازيتا» أن «الانطباع الذي يتولد لديه، أن الولايات المتحدة لم تقم حتى الآن بصياغة إستراتيجية لوجودها في سوريا، بما فيه صورة الحقيقة عن سحب القوات الأميركية من شرق الفرات»، مشيراً بهذا الصدد: «يمكن أخذ التصريحات الأميركية (بشأن الانسحاب من سوريا) على محمل الجد، فقط عندما تقدم الولايات المتحدة خطة مرحلية لانسحابها من سوريا، تعكس في تلك الخطة مهلة زمنية دقيقة، وإطار جغرافي، واتساق تنفيذ الانسحاب».

كل ما قيل من تسريبات؛ وحسب مقال أردوغان، والشكوك الروسية، يوضح أن تركيا قبلت بالمنطقة الآمنة مرغمة، لأن هذا التغيير بحد ذاته يعتبر دراماتيكياً، حين تقبل تركيا بمنطقة آمنة تكون بمثابة ضمان للطرف الكردي الأقوى، رغم بعض التنازلات التي قدمتها الأطراف الأخرى؛ أو ربما تكون مجرد محاولة من إردوغان لتخفيف حدة التوتر مع تغريدات ترامب «الساعية» والذي هدد بآخرها بتدمير الاقتصاد التركي في حال هاجمت أنقرة قوات سوريا الديمقراطية وكُردها.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.