الغارديان: ما تزال الفرصة قائمة لاتفاق بين ترامب وتركيا بشأن سوريا

الغارديان: ما تزال الفرصة قائمة لاتفاق بين ترامب وتركيا بشأن سوريا

رصد (الحل) – نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، مقالاً تحذّر فيه خسارة محتملة لكل من الولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا، ووحدات حماية الشعب “YPG” وأكراد سوريا بشكل خاص، إذا ما استعاد الأسد ومؤيدوه السيطرة على المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية.

ومنذ أن أعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي، قرارها بسحب قواتها من سوريا، والرئيس الأمريكي دونالدرترامب يبدي تراجعاً عن التنفيذ، فقد أعلن البيت الأبيض أن الانسحاب قد يستغرق أشهراً عدّة، وسط مجموعة من التصريحات المتناقضة لكبار المسؤولين الأمريكيين، بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة تخطط لسحب كامل قواتها من سوريا؛ أم أنها ستحتفظ بوجودها في شرق سوريا. وقد أحدث الرئيس ترامب مزيداً من الارتباك من خلال إعلانه عن خطة إنشاء «منطقة آمنة» في سوريا على الحدود مع تركيا، وأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تدمّر الاقتصاد التركي إذا ما هاجمت الأخيرة أكراد سوريا.

وتشير «الغارديان» إلى أن الانسحاب «المتهوّر» سوف يؤدي إلى نتائج سيئة، فيمكن أن يمهّد الطريق أمام عودة تنظيم الدولة الإسلامية، حيث يعتقد أن التنظيم ما يزال لديه 30 ألف مقاتل في سوريا والعراق، إضافة إلى فتح المجال أمام إيران لفرض نفوذها بشكلٍ أوسع. ويمكن لهذه النتائج أن تظهر بشكل أسرع إذا ما نشب صراع بين تركيا وأكراد سوريا. فلدى تركيا مخاوف تتعلق بالأمن القومي من وحدات حماية الشعب “YPG” وهي القوة التي تتبع لها قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والتي تحارب إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، تحت راية حملتها ضد تنظيم الدولة الإسلامية. حيث «تنتمي وحدات حماية الشعب إلى حزب العمال الكردستاني (PKK)، والذي يحارب الدولة التركية منذ أكثر من 40 عاماً».

ويشكل مستقبل وحدات حماية الشعب في شمال شرق سوريا، والتي «أقامت حكماً ذاتياً بحكم الواقع» في المنطقة خلال الحرب الأهلية السورية، عصاً في عجلة العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. حيث كان أول ظهور لها في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة ما تزال غير قادرة على وضع استراتيجية مستدامة تخفف من خلالها مخاوف تركيا وتحتفظ في الوقت نفسه بقوات سوريا الديمقراطية، كحاجز لردع النظام وإيران من السيطرة على المنطقة، إضافة إلى احتفاظها بالقوة الأهم في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وترى «الغارديان» أنه ما تزال هناك فرصة أمام الولايات المتحدة، وبالتنسيق مع حلفائها الأوروبيين، خاصة الفرنسيين، لدفع كل من تركيا ووحدات حماية الشعب لاتخاذ بعض القرارات الصعبة، وتجنب صراع دموي بين كلا الطرفين. وأن نهج أنقرة طويل الأمد تجاه المسألة الكردية في سوريا، هو عودتها إلى عملية السلام عام 2014 والتي تهدف إلى إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني. كما يجب على تركيا في هذه الأثناء أن تقدّر حقيقة أن مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في سوريا، لا يمكن ضمانها دون وجود شركاء محل ثقة على الأرض يقدّمون حلولاً فورية خلال المواقف الصعبة. لقد كانت وحدات حماية الشعب هي الحل الأمثل لملء الفراغ الأمني في العام 2014 بالنسبة للمجتمع الدولي. إلا أن ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة غير قادرة على دفع وحدات حزب الاتحاد الديمقراطي لتقاسم السلطة بشكلٍ أكثر عدلاً مع الأحزاب الكردية والعربية الأخرى. وذلك بهدف بناء بنية حكم شرعية وموثوقة بإضافة شركاء بديلين لوحدات حماية الشعب، وتخفف بذلك من مخاوف تركيا.

من جهة أخرى، فإن البدائل محدودة، حيث تفتقر تركيا للقدرة على قمع وحدات حماية الشعب في شرق سوريا، إذ حاولت من قبل قمع حزب العمال الكردستاني داخل تركيا، وعبر حدودها لعقود ومع ذلك فشلت. وسوف تكافح من أجل الحفاظ على السلام شمال شرق البلاد حيث يسيطر الأكراد، إذا ما نشرت قواتها المسلحة المتواجدة فعلياً، إذ تشكل هذه العملية مخاطر الوقوع في مستنقع يُساعد في صعود الجماعات الإرهابية الجهادية. كما يمكن في هذه الحالة لوحدات حماية الشعب “YPG” أن تتجه نحو النظام السوري وتتقبل وجوده إذا ما فرض عليها الاختيار بين مواجهة تركيا عسكرياً؛ أو إجراء مفاوضات مع إدارة ترامب تعمل على تطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي. حيث ستفقد تركيا بذلك القدرة على تنفيذ مخططها الكامل.

وتختم «الغارديان» مقالها بالإشارة إلى أن الحكومة التركية لا تعارض بشكلٍ قطعي التفاوض مع وحدات حماية الشعب. وبعكس المبالغات التي تحيط بالمخاوف التركية من الوحدات، واستضافت تركيا من قبل صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي “PYD” الجناح السياسي لـ”YPG”. كما وجدت أنقرة أنه من خلال التعاون مع الولايات المتحدة، وتطوير العلاقات بشكل أقوى مع أكراد العراق في التسعينيات من القرن الماضي، أصبحت تركيا أكثر قدرة على التأثير في مجريات الأحداث في العراق. والوصول إلى تسوية ليس حلاً بعيد المنال. وإذا ما سيطر نظام الأسد ومؤيديه على المنطقة الشرقية، سيكون بذلك خسارة لكل من الولايات المتحدة، وتركيا، ووحدات حماية الشعب، وسيعاني الشعب السوري، والمنطقة ككل من النتائج السيئة لذلك الخيار.

تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.