الرقة (الحل) – تحاول منظّمات غير حكومية في محافظة الرقة شمال سوريا، مساعدة مئات مبتوري الأطراف جراء المعارك التي شهدتها المحافظة. وتنطوي هذه المحاولات على تركيب أطراف صناعية ذكية لمبتوري الأطراف، ولا سيما الأطفال منهم، حيث تأتي هذه المبادرات في ظل غياب تام لتدخّل الجهات الدولية من أجل إيجاد حل لهؤلاء المدنيين.

 

غارات التحالف وألغام “داعش”

يوجد في سوريا عشرات آلاف المدنيين ممن بُترت أطرافهم، من بينهم نحو ٣٧٠٠ مدني مبتوري الأطراف في محافظة #الرقة وحدها، بحسب ما تقدّر منظمات غير حكومية، جلّهم من النساء والأطفال.

ووقعت معظم حالات البتر هذه، إثر المعارك التي شهدتها مدينة الرقة أثناء سيطرة تنظيم “داعش” عليها.

وشنّت “قوات سوريا االديمقراطية” ( #قسد )عملية عسكرية على محافظة الرقة، بدعم جوي مباشر من طائرات “التحالف الدولي” من أجل طرد تنظيم “داعش” من المدينة، وذلك في شهر حزيران من عام ٢٠١٧، وفي أواخر شهر تشرين الأول من العام ذاته، أعلنت “قسد” عن سيطرتها على مدينة الرقة بعد إخراج مقاتلي التنظيم من المدينة.

وخلال هذه الأشهر من العمليات العسكرية، قتل التحالف الدولي وأصاب المئات من المدنيين في الرقة، فضلاً عن المدنيين الذين قُتلوا جراء المعارك المباشرة.

وكان التحالف الدولي قد اعترف في أيلول ٢٠١٨ الماضي، أنّه قتل ١١١٤ مدنياً في سوريا والعراق منذ آب ٢٠١٤، موضحاً انّه شنَّ ٣٠ ألف غارة جوية على مواقع تنظيم “داعش”.

لكن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أوضحت أن ما لا يقل عن ٢٨٣٢ مدنياً سورياً، بينهم ٨٦١ طفلًا و٦١٧ سيدة، قتلوا على يد قوات التحالف منذ تدخلها العسكري في سوريا.

وإضافةً لذلك ظلت مدينة الرقة بعد خروج تنظيم “داعش” متضمنة لآلاف الألغام الموزّعة داخل الأحياء والحدائق والمدارس والطرقات وحتّى المنازل، وأدّى كل ذلك إلى وجود آلاف ذوي الاحتياجات الخاصة ومبتوري الأطراف، أكثرهم في مدينة الرقة.

 

محاولات تعويض الضحايا

وفي مقابل الإهمال الدولي لمبتوري الأطراف، ثمّة محاولات خجولة لتعويض هذا النقص، حيث تم تأسيس مركز في محافظة الرقة  يُدعى “صنّاع الأمل” وهدفه تركيب أطراف صناعية لأبناء الرقة، وتقديم خدمات طبية متنوّعة.

يقول الدكتور فراس ممدوح الفهد رئيس مجلس إدارة منظمة صناع الأمل: “أحصينا في الرقة 1300 حالة بتر وفي عموم مناطق شمال شرق سوريا 3700 حالة”.

واعتبر الفهد أن السبب الرئيس لحالات البتر، هو الألغام المخصصة للأفراد المزروعة من تنظيم داعش لمنع المدنيين من الخروج ولمنع تقدم القوات لمناطقهم، وكذلك جراء القصف وتبادل القذائف والصواريخ.

تأسّست “صنّاع الأمل” قبل 4 أشهر بجهود شخصية بسبب إهمال جميع المنظمات العاملة لهذه الشريحة من المجتمع التي ظلمتها كل الأطراف، وفقاً للفهد الذي تحدّث عن رفض منظمات دولية كالصليب الأحمر الدولي وغيرها من إقامة مراكز في كل شمال وشرق سوريا لتهتم بضحايا الحرب.

وأضاف الفهد في حديثٍ لموقع الحل: “قرّرتُ عدم السفر إلى ألمانيا البلد الذي ولدت فيه، عندما أحسست بالواقع المرير الذي يعانيه ضحايا الحرب من مبتوري الأطراف وخاصة الأطفال الذين أصبحوا منبوذين من أقرانهم وأصبحت حالتهم النفسية قبل الجسدية مزرية جداً فاتفقت مع زميلين لي وهما (موفق ديب، وعبد العزيز المطر) بتأسيس فريق تطوعي غير ربحي لتركيب الأطراف الصناعية بالاتفاق مع أحد الأطباء المختصين بتركيب الأطراف”.

ركّب المركز أول أطراف لطفلٍ مبتور الطرفين في محافظة الرقة، ويشير الفهد إلى وجود اهتمام دولي وشعبي بمبادرة “مركز صناع الأمل”.

 

تطوّع

وبحسب الفهد، فإن عدداً من الأطباء تطوّعوا للعمل في المركز للهدف ذاته، من بينهم طبيب مختص بتركيب الأطراف الصناعية من جامعة دمشق مقيم في الرقة كما وردت للمركز عشرات الطلبات للتطوّع، وتمكّن المركز حتى الآن من تركيب أطراف صناعية لـ ٢٤ مدنياً بينهم ١٨ طفل، وذلك من أصل ١٠٠ طلب تم تقديمها للمركز من أجل تركيب أطراف صناعية.

ويعمل في المركز حالياً سبعة أطباء بشكل تطوّعي، ولدى المركز مقر في الرقة وهو منزل الفهد، وفيه مساعدات عدّة يتم تقديمها إضافةً لتركيب الأطراف الصناعية، وهي “مركز معالجة فيزيائية، مكتب استقبال المرضى الفقراء وإجراء المعاينة لهم، مركز لإجراء العمليات الجراحية للأيتام، مكتب تأهيل نفسي لضحايا الحر، تأهيل مبتوري الأطراف للانخراط في المجتمع بعد تقديم الأطراف الصناعية لهم، مركز لتوزيع النظارات الطبية مجاناً، ومركز لتوزيع كراسي مجّاناً للمشلولين”

أما عن نوعية الأطراف التي يتم تركيبها فيشير الفهد إلى أنّها ذكية من صناعة ماليزية متطوّرة عن الأطراف الصينية والهندية.

يتابع الفهد أن أبرز الصعوبات هو ضعف إمكانات المركز وعدم حصوله على أي دعم سواء محلي أو دولي، على الرغم من الاهتمام الإعلامي العالمي بالمركز.

ويرى الفهد أنّه على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية تجاه ضحايا الحرب في سوريا لأنهم يتحملون جزءاً من المسؤولية عما حصل لهؤلاء الأبرياء، وأن يبذل جهوده لمساعدتهم ومد يد العون لهم.

إعداد: منار حداد – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.