كيف ساهمت المنظمات الأجنبيّة بتمويل «تحرير الشام» وتوسعها في إدلب؟

كيف ساهمت المنظمات الأجنبيّة بتمويل «تحرير الشام» وتوسعها في إدلب؟

إدلب (الحل) – عمدت «حكومة الإنقاذ» التابعة لهيئة تحرير الشام «جبهة النصرة سابقاً» إلى السيطرة على جميع المؤسسات الخدمية في المناطق التي تسيطر عليها في الشمال السوري، ضاربة بقبضة الهيئة العسكريّة في سبيل إحكام سيطرتها على مختلف المؤسسات في المنطقة.

ولم تتوقف المسماة «حكومة الإنقاذ» عند المؤسسات العامة والبنى التحتيّة، فمع إكمال #هيئة_تحرير_الشام سيطرتها على كامل ريف #حلب الغربي ومحافظة #إدلب، اتجهت إلى التضييق على عمل المشاريع الخدميّة وقطاعات الصحّة، ذلك ما دفع المنظمات الأجنبيّة لإيقاف عشرات المشاريع لديها في الشمال السوري.

ويؤكد محمد أبو الفوز وهو اسم مستعار لمسؤول في منظمة بنفسج، أن معظم المنظمات الأجنبيّة أوقفت مشاريعها في إدلب، فور إعلان هيئة تحرير الشام سيطرتها على المنطقة، ويقول: “الهيئة أصبحت تحاصص المنظمات في مشاريعها، لا تسمح بمرور أيّ مشروع حتى ولو كان خدمي، دون أن تدفع المنظمة نسبة من تكاليفه تعود لصندوق حكومة الإنقاذ التابعة لها”.

ويضيف أبو الفوز خلال حديثه لموقع «الحل» أن حكومة الإنقاذ «أصبحت تتدخل بجميع مشاريع المنظمات في قطاعات الصحة والتعليم والإغاثة، ومن يرفض الإدلاء بالمعلومات يتم تهديده بالاعتقال؛ أو وقف مشاريع المنظمة التي يعمل لصالحها، كما أن حكومة الإنقاذ وعبر قبضة تحرير الشام العسكريّة، صادرت عشرات المستودعات الإغاثية من بينها مخصصات للنازحين، بسبب رفض بعض المنظمات محاصصة الهيئة».

ووفق مصادر خاصة لموقع «الحل» فقد أسست حكومة الإنقاذ ما بات يعرف باسم “مكتب شؤون المنظمات”، وذلك بهدف تملّك القطاع الإنساني والمشاريع التنمويّة التي تموّلها منظمات أجنبيّة في الشمال السوري، إضافة إلى فرض أتاوات على المشاريع والمواد الإغاثية كافة، التي تدخل عبر المنظمات إلى المنطقة.

«أجبروا منظمتنا على دفع مبلغ عشرة آلاف دولار للسماح ببدء مشروع خاص بتنمية الطفل» بهذه الجملة بدأت مروة صباغ حديثها، وهي موظفة سابقة لدى إحدى المؤسسات المعنيّة بشؤون الطفل في إدلب، وتؤكد بأن مكتب شؤون المنظمات لم يسمح بتنفيذ أحد المشاريع الخاصة بالدعم النفسي لأطفال المخيّمات، وتقول “جاء وفد من مكتب شؤون المنظمات وأجبر مدير المنظمة على الإدلاء بمعلومات المشروع وتكاليفه، ليقرروا أخذ نسبة من تكاليف المشروع وإلا لن يتم السماح بتنفيذه”.

وأكدت مروة أن العاملين في المنظمة تعرضوا مرات عدّة للتهديد بالاعتقال ومصادرة مقرات المؤسسة، في حال حاولت تنفيذ مشروع دون إطلاع من مكتب شؤون المنظمات، مشيرةً إلى أن المنظمة الداعمة لتلك المشاريع لا تعلم بأن جزء من تمويلها يذهب لهيئة تحرير الشام، وإلا كانت أوقفت المشروع على غرار المنظمات الأخرى.

القطاع الصحّي أيضاً تضرر بنسبة كبيرة جراء تمدد هيئة تحرير الشام، وقد حذّر الأطباء من توقف المستشفيات والمراكز الصحيّة جراء تجفيف منابع الدعم عنها، من المانحين والمنظمات الدوليّة.

ووفق مصادر طبيّة، فإن الوكالة الأمريكية للتنمية “USAID” أوقفت دعمها عن محافظة إدلب، منذ سيطرة حكومة الإنقاذ، كذلك توقف الدعم عن مديرية صحّة إدلب، إثر وقف منحتين أساسيتين من وكالة التنمية الألمانية “GIZ” والاتحاد الأوروبي، وقد كانت تلك المنح تساهم في تشغيل المشافي التابعة للمديرية، كما أنها تساهم في تمويل عمل القطاعات الإدارية في تلك المديريات

إذاً، فسيطرة هيئة تحرير الشام «جبهة النصرة» سابقاً على محافظة إدلب، وسياستها إزاء المنظمات وعملها في الداخل السوري، حرمت عشرات الآلاف من أهالي المحافظة، إضافة إلى آلاف المهجرين المقيمين فيها وسكّان المخيّمات من الدعم الدوري الذي كانت تقدمه تلك المنظمات، عبر مشاريعها التنموية في قطّاعات مختلفة شمال سوريا.

فيما يرى المحلل العسكري “أحمد السيّد” أن المجتمع الدولي يعتمد سياسة منهجية لزيادة تمويل هيئة تحرير الشام ويقول “من السذاجة القول إن المنظمات لا تعلم بأن جزء من تمويلها يذهب للتنظيم الإرهابي المعروف بهيئة تحرير الشام، هنالك سياسة دوليّة واضحة للسماح للهيئة بتوسيع سيطرتها شمال سوريا، لتبرير ربما هجوم عسكري محتمل على إدلب من قبل روسيا والنظام بحجة سيطرة التنظيمات الإرهابيّة، ولا ننسى حاجة تركيا لورقة تفاوض جديدة تبدأ بها فعليّاً عمليّة شرق الفرات”.

إعداد: فتحي سليمان – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.