مخلفات الحرب خطر يهدد حياة السكان في ديرالزور

مخلفات الحرب خطر يهدد حياة السكان في ديرالزور

ديرالزور (الحل) – يعاني المدنيون الخاضعون لسيطرة قوات النظام والميليشيات الموالية له بريف #دير_الزور الشرقي، من انتشار بقايا المخلفات الحربية ( بقايا القذائف والألغام الأرضية) في مناطقهم، ما جعلها يمثل تهديداً واضحاً على حياتهم ويشكل عائقاً أمام عملهم أيضاً ولا سيما المزارعين منهم.

ارتفع خطرها وخاصة في المدن والقرى التي شهدت معارك عنيفة بين قوات النظام وتنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) في وقت سابق، لوجود الكثير من الآليات العسكرية المدمرة، إلى جانب الألغام الأرضية التي زرعها الأخير في كل شبر من هذه المناطق قبيل انسحابه منها. وقال محمد الحسين 29 عاماً (من ريف ديرالزور الشرقي) لموقع «الحل»، إن “بقايا المخلفات الحربية باتت تنتشر حتى داخل منازل المدنيين، من خلال تحويل بعضها لأغراض يستخدمونها في حياتهم اليومية دون الاكتراث حتى لما قد تخلفه من أضرار وتشوهات خلقية وأمراض نفسية وتغير في السلوك ولا سيما لدى الأطفال” وفق تعبيره.

مبيناً أن “بعض العائلات اتخذت من بقايا عجلات الآليات العسكرية المدمرة، أقفاصا للدجاج وآخرين صنعوا منها حافظات يضعون بها أعلاف لمواشيهم، أما قسم آخر فحولها لأراجيح لأطفاله، إلى جانب اتخاذها كوسائل ترفيه للأطفال في غالب الأحيان”.

وأشار المصدر إلى أن “بعض القرى والبلدات المنتشرة بجوار المطار العسكري ومنها #المريعية و#العبد و#البوعمر، لم تدخلها فرق تفكيك المتفجرات إلى الآن، وهي مليئة بالألغام والقذائف التي لم تنفجر”، لافتاً إلى أن “هذه الألغام باتت تشكل خطراً على حياة المدنيين الذين عادوا إلى منازلهم مؤخراً في تلك المناطق”.

وأكد أهالي بعض الضحايا من المناطق المذكورة لموقع «الحل»، أن “مناطقهم ليست آمنة على الإطلاق، فالتنظيم قبيل خروجه منها، زرع الألغام في أماكن غير متوقعة مطلقاً، لتصبح مصدر موت بالنسبة لهم” وفق وصفهم.

وقال سفيان العماش 55 عاماً (من سكان البوعمر) لموقع «الحل»، إن “إجرام (داعش)، لم ينته بخروجه من قرانا فحسب، فقد ترك لنا مصدر للموت في كل شبر من المنطقة”. مبينا أن “ولده البالغ من العمر 13 عاماً وثلاثة أطفال آخرين، قد قتلوا نتيجة انفجار لغم أرضي بهم في أرض زراعية بالبلدة، أثناء جمعهم بقايا حشائش جافة لغرض التدفئة، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات وعدم توفرها في غالبية القرى والبلدات المذكورة”. وفق قوله

وأضاف أن “الأطفال الأربعة لم يكونوا الضحايا الوحيدين لبقايا مخلفات التنظيم والنظام وتجاهل الأخير لمسألة تفكيكها وإزالتها، على الرغم من مرور قرابة العام على سيطرته على المنطقة وهي المدة ذاتها التي سيطرت فيها قوات سوريا الديمقراطية على معظم قرى وبلدات شمال شرقي نهر الفرات (#خط_الجزيرة) حيث تقوم الأخيرة بمنع دخول أيّ مدني لبلدته أو قريته بعد تحريرها من «داعش»، قبيل تمشيطها وتأمينها من وحدات الهندسة المختصة بإزالة الألغام”.

علاوي الهايس 47 عاماً (من بلدة #الطوب) تحدث لموقع «الحل»، قائلاً: إن “ما حدث لابني البالغ من العمر ستة أعوام يتكرر بشكل شبه يومي في أغلب قرى وبلدت #خط_الشامية، فقد تناثرت قدمه أمام عيني، نتيجة انفجار لغم أرضي به، أثناء رعينا للغنم في أرض زراعية بجوار منزلنا في البلدة”.

وحمل الهايس قوات النظام مسؤولية ما أصاب ولده، فهي لم تحذرهم من خطورة انتشار الألغام بشكل كثيف في المنطقة، وأن همها الوحيد عودة الشبان والرجال إلى قراهم وبلداتهم، لسوقهم إلى الخدمة الاحتياطية والإلزامية، وإيهام الرأي العام أيضاً، بان الأمور بداخل مناطق سيطرتها التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة، باتت على أتم وجه” وفق تعبيره.

يقول خليل الرسلي 37 عاماً ( مزراع من بلدة المريعية) لموقع «الحل»، إن “بقايا القنابل العنقودية ومخلفات الألغام تنتشر بنسبة كبيرة في الأراضي الزراعية المجاورة للمطار العسكري، حيث شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية، حالات وفيات وإصابات عدة لأشخاص نتيجة انفجارها بهم، ما شكل حالة خوف وهلع كبير لدى المزارعين وامتناعهم عن الزراعة، والتي تعد العمل الرئيس لمعظم أهالي الريف، في ظل شح فرص العمل وارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية”.

وأشار المصدر إلى أن “العديد من الأشخاص فقدوا حياتهم أيضاً، أثناء محاولتهم تفكيك وإزالة الألغام من أراضيهم ومنازلهم بأساليب بدائية، وخلال الشهر الفائت فقط، قتل قرابة تسعة أشخاص من البلدة ومدينة #موحسن، بذات السبب” وفق قوله.

وعن خطر بقايا مخلفات الحرب على مدنييّ المنطقة، تحدث لموقع الحل، العقيد المنشق عن قوات النظام م.ش (من ريف ديرالزور الشرقي) رفض الكشف عن اسمه لأسباب امنية، قائلاً: إن “خطر بقايا مخلفات الحرب من الألغام وغيرها من القذائف الأخرى، لا يقتصر على الجوانب الجسدية فحسب، فآثارها تشمل الجوانب النفسية والاقتصادية والاجتماعية أيضاً، حيث تؤدي الإصابة المباشرة بها، إلى بتر في أحد الأطراف أو الشلل وفقدان كامل أو جزئي للبصر أو السمع إلى جانب تضرر بعض الأعضاء الداخلية أيضاً، وأما على الصعيد النفسي، يعاني غالبية المصابين بها، باضطرابات نفسية سببها الصدمة بالإصابة أو الآثار الجسدية التي نتجت عنها” وفق قوله.

مضيفاً أن “هذه الألغام أو القذائف، تنفجر في حال الدوس عليها أو حتى لمسها” منوهاً إلى أن “ظروف المناخ تلعب دوراً هاماً في انفجارها أيضاً، فالحرارة المرتفعة تتسبب بانفجارها في معظم الأحيان” وفق قوله.

وعند سؤالنا عن نسبة ضحايا أو مصابيّ بقايا مخلفات الحرب من مدنييّ المنطقة، أجاب، أنه “لا يتوفر إحصائية دقيقة لإجمالي المصابين أو الضحايا حتى الآن، لصعوبة التواصل مع ذويهم أوأقاربهم لعدم توفر الاتصالات وخدمات الأنترنت في المنطقة إلى جانب القبضة الأمنية الشديدة التي يفرضها النظام على الأهالي المتواجدين أيضاً”. واختتم حديثه، قائلاً إن ” مخلفات الحرب من الألغام وغيرها من بقايا القذائف الأخرى، تفتك وستفتك بالمدنيين لفترات طويلة، وسط تجاهل مسؤولي النظام وقواته، في اتباع إي تدابير لازمة، لحماية المدنيين من هذا الخطر القاتل”.

إعداد: حمزة فراتي – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.