السعودية تدير قاعدة بيانات رقمية ضخمة لتتبع النساء ومنعهن من الهرب

السعودية تدير قاعدة بيانات رقمية ضخمة لتتبع النساء ومنعهن من الهرب

رصد (الحل) – “استيقظت شهيد المحيميد عند منتصف الليل لتغادر غرفتها الفندقية المطلة على مياه طرابزون الزرقاء، وهي مدينة سياحية تركية على البحر الأسود.

قبل أن تخرج حافية من غرفة النوم، قامت المحيميد بجمع بطاقات أفراد عائلتها الائتمانية ومفاتيحهم وجوازات سفرهم، وبالأخص هواتفهم. ظننت أن من شأن ذلك أن يبطئ حركتهم، عندما يحاولون ملاحقتها.

استغرق التخطيط لهروبها سنة كاملة.”

نشر موقع إنسايدر تقريراً عن النساء السعوديات ممن يهربن من أسرهن مسلطاً الضوء على ما تواجهه المرأة السعودية ومورداً بعضاً من هذه التجارب في ظل وجود نظام إلكتروني حكومي يسهل على الأوصياء من الذكور منع النساء من الهرب وملاحقتهن.

ويأتي هذا التقرير وسط ازدياد انتقادات الناشطين والهيئات الحقوقية للبلاد على خلفية سجلها في مجال حقوق النساء إثر الاهتمام العالمي الذي نالته قضية #رهف_القنون والأخبار التي تتحدث عن تعرض ناشطات نسويات للتعذيب في السجون السعودية.

ويكمل التقرير سرد قصة شهد: لدى وقوفها على الطريق خارج الفندق كانت مشاعر الرعب تخالجها. فقد كانت هذه هي المرة الأولى في حياتها التي تخرج فيها وحدها. كما أنها كانت المرة الأولى منذ أن كانت في العاشرة من عمرها والتي لم تستيقظ فيها لتغطي جسدها بالكامل، واضعة البرقع أو النقاب.

وتتذكر قائلة: “كنت في السابعة عشرة من عمري وكنت خائفة للغاية، غادرت في منتصف الليل، وكانت الليلة مظلمة. كنت خائفة من أخي وعائلتي”.

حتى تلك اللحظة، كانت المحيميد قد أمضت 17 عاماً كاملة من حياتها بشكل دائم تقريباً تحت وصاية أفراد عائلتها الذكور، وفقاً للنظام المنصوص عليه في القانون السعودي.

كان روتينها اليومي يجري بشكل ميكانيكي: الاستيقاظ، الذهاب للمدرسة، العودة للمنزل، ومن ثم النوم كما قالت. لا تتحدث أو تنظر إلى أي رجل لا تربطها به علاقة عائلية. وكان والدها يعتبر أن ضربها مسوّغ.

وتحت وصاية والدها، شاهدت شقيقها المراهق ينفق مصروفاً قدره 1600 دولار شهرياً، في الوقت الذي كانت تتوسل فيه للحصول على المال لشراء المنتجات الأساسية. وقالت: “لم أتمكن حتى من شراء أي شيء يخص دورتي الشهرية، لقد كان أخي هو الذي يدفع ثمنها، طوال الوقت، رغم أنه كان أصغر مني”.

وصفت المحيميد تعرضها لاعتداءٍ جسدي متكرر من والدها إضافة إلى تهديده بقتلها، ومعاقبتها بربط معصميها وكاحليها. وأضافت: “حتى عندما يتم الإبلاغ عن حوادث الضرب، تأخذ الشرطة دائماً جانب الرجل”.

النساء اللواتي يتم القبض عليهن وهن يحاولن الهرب من البلاد لا يراهن أحد بعد ذلك عادة. هناك شائعات بأن بعضهن قد تعرضن للقتل – وهو احتمال اعتبره المحيميد واقعياً للغاية.

قاعدة بيانات كبيرة الرجال لمنع النساء من السفر في السعودية

بالإضافة إلى القيود المادية والضغط الاجتماعي، اضطرت شهد لاجتياز نظام إلكتروني لتتمكن من الهرب. إذ كان بإمكان هاتف والدها – الذي أخذته شهد في تلك الليلة في طرابزون – أن يتيح له إمكانية الوصول إلى نظام حكومي سعودي يسمى “أبشر”.

و”أبشر” هو نظام تديره الدولة ويتضمن محتوىً رقمياً خاصاً بقوانين الوصاية والقيود المفروضة من قبل الذكور في المملكة العربية السعودية.

يتضمن نظام أبشر – الذي قلما تناقشه وسائل الإعلام الغربية – سجلاً للنساء في المملكة العربية السعودية ووسائل لمنعهن من السفر أو القبض عليهن أثناء محاولتهن المغادرة دون إذن.

العديد من وظائف نظام أبشر هي وظائف مفيدة وقد تتواجد في أي بوابة إلكترونية حكومية محلية أو وطنية. يمكنك استخدامه لدفع غرامات وقوف السيارات أو تجديد رخصة القيادة على سبيل المثال.

ولكن يمكن للرجال السعوديين استخدام هذا الموقع بشكل فعال لتحديد متى وأين يسمح للنساء بالخروج من البلاد ومنح أو إلغاء تصريح السفر بنقرات قليلة، مما يجعل المطارات أو الوجهات المحددة محظورة عليهن.

يمكن للرجال أيضًا تمكين ميزة الرسائل القصيرة (SMS) التلقائية، فيتم إرسال رسالة قصيرة لهم عندما تستخدم المرأة جواز سفرها عند نقطة حدودية أو تسجل وصولها إلى المطار.

سبب انتظار المحيميد لسفر عائلتها إلى تركيا هو أنها لن تحظى بفرصة كبيرة للنجاح إن حاولت الهرب من داخل المملكة العربية السعودية، حيث تم ربط نقاط العبور الحدودوية مع نظام الإنذار في تطبيق أبشر.

سيتم حظر أي محاولة للمغادرة بمجرد التحقق من جواز سفرها في المطار. حتى لو تمكنت من الخروج، فإنها ستترك خلفها دليلاً رقمياً يسهّل العثور عليها، وذلك ما يدفع الكثيرات من النساء السعوديات لاختيار نقطة انطلاق خارج الحدود السعودية أثناء سفرهن مع عائلاتهن للفرار من العائلة كما اختارت شهد أن تفعل قبل أن تتمكن من إيجاد مستقر آمن لها في السويد حيث تعيش وتعمل الآن.

تحرير: سارة اسماعيل

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.