بعد التّصعيد.. هل ستنجح أحزاب العراق في إخراج القوات الأميركية من البلاد؟

  بعد التّصعيد.. هل ستنجح أحزاب العراق في إخراج القوات الأميركية من البلاد؟

بغداد- وسام البازي

لم يخلُ العراق من تواجد القوات الأجنبية على أراضيه منذ عام 2003، ولغاية الآن، حتى مع انسحاب القوات “متعددة الجنسيات” التي أسقطت نظام #صدام_حسين، ودخول مرحلة الحكم العراقي الخالص، دون حكوماتٍ أميركية مؤقّتة، بقيّت القواعد العسكرية الأجنبية في مناطق متفرقة من البلاد، وأبرزها محافظتي #الأنبار و#الموصل، وأكثرها تابعة لواشنطن التي اتفقت مع رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، على بقاء القواعد الأميركية من أجل تأمين الحدود العراقية الأردنية والخطوط التجارية البرية، إضافةً إلى تقديم الخدمات التدريبية والاستشارية للجيش والشرطة العراقية.

ومع سيطرة تنظيم “#داعش” على أربع محافظات عراقية عام 2014، وانهيار المنظومة الأمنية في البلاد، اضطرّ رئيس الحكومة وقتها #حيدر_العبادي للّجوء إلى الولايات المتحدة، لمحاربة خطر “الإرهاب العالمي” الذي تمثل بداعش، لكن الاتفاق الذي حدث وقتها بين الجانبين، يقضي بعدم وجود قوات أجنبية برية تقاتل التنظيم الإرهابي إلى جانب #القوات_العراقية وميليشيات الحشد الشعبي، إنما يقتصر الوجود الأجنبي على سماء البلاد، والمشاركة الجوية فقط، ومع ذلك فإن هذا التدخل لم يعجب #إيران ونفوذها المتعاظم في العراق خلال الأعوام الماضية، وهو ما أدخل العبادي في أكثر من أزمة سياسية بين ساسة الشيعة المقربين من طهران، والآخرين المغرمين بالأمريكان وهم ساسة المحور السُني.

جنودٌ أميركيون في العراق- أرشيف غوغل

وتفاقمت المشاكل بين الأحزاب الشيعية وحكومتها الملتزمة بالاتفاق الأمني بين بغداد وواشنطن، إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة التي بدأتها أمريكا عبر رئيسها #دونالد_ترامب، الذي صرّح مؤخراً، بأن “قواته ستبقى في العراق من أجل مراقبة إيران”. ومن خلال هذا التعليق، باشرت الماكنات الإعلامية الشيعية وقليل من السنة، حملة الرفض والشجب، وصل الأمر إلى تدخل الرئيس العراقي برهم صالح، وقال في تعليقٍ على الأزمة خلال مشاركته في مؤتمر دولي عُقِد في الرابع من شهر فبراير شباط الجاري،  في بغداد، أن “ترامب لم يطلب إذناَ من العراق بشأن مراقبة إيران”، في إشارةٍ إلى رفضه تعليق ترامب.

وفي الحقيقة، أن عشرات جنسيات القوات الأجنبية لها قواعد في العراق، إذ تتواجد القوات الاسترالية في الأنبار والدنماركية والإسبانية والكندية وغيرها، إضافةً إلى الوجود الإيراني الذي لا تعترف به حكومتي طهران وبغداد، إلا أنه حاضرٌ بقوة في مناطق الحدود بين العراق وسوريا، من أجل تأمين وجود بعض القطاعات العسكرية التابعة لميليشيات “النجباء وحزب الله العراقي وكتائب سيد الشهداء والعصائب وبدر”، ناهيك عن القواعد العسكرية التركية في مدينة بعشيقة التابعة لمحافظة نينوى، والتي ادّعى الرئيس التركي #رجب_طيب_أردوغان في غير مرة، بأنها تستقر في #نينوى بطلب عراقي، إلا أن غالبية المسؤولين في العراقيين ينفون وجود أي اتفاقٍ بين الطرفين.

في السياق، قال النائب في البرلمان العراقي عن كتلة “صادقون” المقربة من إيران، #حسن_سالم لموقع “الحل العراق”، إن “السكوت على ملف البقاء الأميركي في العراق هو أمرٌ مخزي ويجلب العار لكل أبناء الشعب العراقي، لا سيما وأن الحاجة انتفت لهذه القوات”.

مبيناً أن “الحكومة العراقية صامتة لغاية الآن، بحجة مراعاة اللغات الدبلوماسية والبروتوكولات، مع العلم أن ترامب أهان العراق، بتصريحاته الأخيرة، وإذا لم تتخذ الحكومة العراقية موقفاً حاسماً بشأن التواجد الأميركي، فقد تتدخل فصائل المقاومة الإسلامية وتطرد هذه القوات، لكننا لا نريد أن تسيل أي دماء عراقية”.

جنديان أميركيان والعلم العراقي يُرفرف فوق أحد العربات- أرشيف غوغل

وردّت الفصائل المسلحة الموالية لإيران على ترامب، بسلسلة بيانات بعضها تضمن تهديداً صريحاً بضرب هذه القوات، وتحديداً في خطاب “كتائب حزب الله”، حيث قال الناطق العسكري باسم الكتائب جعفر الحسيني في حديث مُتلّفز، إن “القوات الأميركية هي أهداف مشروعة للمقاومة العراقية ويجب أن تكون هدفاً للأجهزة الأمنية أيضاً، والمقاومة لديها المعلومات الكاملة حول عديد تلك القوات وكيفية انتشارها ومهامها”.

وهددت الكتائب، أنها “لن تنتظر طويلاً لحسم البرلمان مسألة خروج القوات الأميركية من العراق”. وردّ على قضية مراقبة إيران، أن “الجمهورية الإسلامية (إيران) بحسب إمكاناتها قادرة على الدفاع عن نفسها وواشنطن تدرك ذلك جيداً، وإن فصائل المقاومة العراقية لديها كامل المبررات والخيارات والقدرة والإمكانيات للمواجهة”.

أما عضو تحالف “البناء” #عبد العظيم_ الدراجي، أشار إلى أن “وقوف الحكومة العراقية موقف الحياد، لا يجلب للعراقيين سوى الضعف أمام المجتمع الدولي، ولابد من ردٍ قوي على ترامب”، مبيناً لموقع “الحل العراق” أن “مجلس النواب سيعمل خلال الفصل التشريعي المقبل على تشريع قانون يتضمّن إنهاء العمل بالاتفاقية الأمنية مع أميركا، فضلاً عن إنهاء تواجد المدربين والمستشارين العسكريين الأميركيين والأجانب”.

إلى ذلك، أكد النائب عن “المحور الوطني” يحيى المحمدي، أن “العراق ما يزال بحاجة إلى الدعم الأمني من الولايات المتحدة الأميركية والتحالف الدولي والمجتمع الدولي”، لافتاً في حديثٍ مع “الحل العراق”، أن “الطيران الأميركي والخبرة العسكرية التي يمتلكها المدربين الأجانب في البلاد، ساعدت كثيراً قواتنا المحلية، ولكن بطبيعة الحال، نحن ندعم توجهات الحكومة العراقية سواء بتقليص أعداد الأجانب في البلاد، أو زيادتها، خصوصاً أن الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن ما تزال نافذة لغاية الآن”.

جنود أميركيون برفقة قواتٍ عراقية- أرشيف غوغل

الأستاذ بالسياسة الدولية في جامعة المستنصرية غالب صادق، بيَّن أن “التصريحات النارية التي تطلقها الفصائل المُسلّحة لن تجدِ نفعاً مع اتفاقية وقّع عليها العراق ولا يزال ملتزماً بها، ويعرف بأمرها كل العالم، وهي أن تبقى قوات أجنبية في البلاد”.

موضحاً أن “رئيس الحكومة عادل عبد المهدي يتسم بالهدوء، وقد يلجأ خلال الأيام المقبلة، إلى السُّبل الدبلوماسية لامتصاص غضب الجماهير والأحزاب، ولا أعتقد أن الوجود الأميركي في العراق سينتهي ولكن سيكون للعراق موقف واضح من تصريح ترامب غير المنطقي وغير المقبول”.

وفي شهر كانون الأول الماضي، قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، إنه لا توجد أية قواعد عسكرية “صرفة”  للجيش الأميركي في بلاده. وأكمل آنذاك في مؤتمر صحفي، “نحترم تصريحات القوى السياسية لإنها جزء مهم من العملية السياسية؛ لكن القول أن سيادة العراق منتقصة، غير صحيح؛ فالعراق اليوم دولة ذات سيادة كاملة، وأن وجود القوات الأجنبية هو بموافقة الحكومة العراقية والقوات الأميركية وغيرها من القوات انسحبت بالكامل من العراق وبعد تقدم داعش نحو بغداد طلبت الحكومة العراقية من بعض الدول المساعدة”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة