بغداد_ وسام البازي

لم تُحسم أزمة محافظة #كركوك المُتنازع عليها بين العرب والأكراد في #العراق، منذ عام 2003، ولغاية الآن، ولم تستقر هذه المدينة طيلة الأعوام الماضية إلا لأشهر قليلة، وهي التي جاءت بعد إفشال الحكومة العراقية بقيادة رئيس الوزراء السابق #حيدر_العبادي لما عُرف حينها بـ “استفتاء الانفصال”، في 25 سبتمبر/أيلول 2017، بعمليات “فرض القانون” التي أنزلت العلم الكردي عن مؤسسات الدولة في كركوك، وإعلان عودتها إلى أمها ضمن #الحكومة_الاتحادية ومقرها ب#غداد، لكن الأزمة لم تلبث حتى عادت خلال الأسبوع الماضي بدفعٍ من السفارة الأميركية في بغداد، عبر إحياء المقترح القديم المتجدد، وهو توزيع السلطات في المدينة بين المكونات القومية والمذهبية “الكرد، التركمان والعرب (#السنة و#الشيعة)”.

واعترف مسؤولون من أكراد كركوك، أن الإدارة الأميركية قدّمت مشروعاً هدفه “تحقيق التوزان والشراكة” بين مكونات المدينة، ويتضمّن تسليم الملف الأمني داخل المدينة لقوات الشرطة المحلية، وأن تضطلع قوات #البيشمركة الكردية والجيش العراقي بحماية أطراف المدينة بنحو تكون شمالاً بيد قوات البيشمركة ومن الجنوب تحت سيطرة الجيش العراقي.

وبالفعل، باشرت وحدات من الجيش العراقي، الأحد الماضي، بإعادة الانتشار في شمالي كركوك،  تنفيذاً لأمر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بعد أن أمر بانسحاب قوات مكافحة الإرهاب (قوات النخبة) التي سيطرت على المدينة منذ تشرين الأول/أكتوبر من 2017.

وأعلن عن ذلك، قائد القوات الخاصة في كركوك الفريق الركن كريم تميمي، وقال إن “قواته تسلّمت الملف الأمني في كركوك رسمياً، ويعملون على فرض القانون وعدم التفرقة بين مكونات المحافظة، وإن العمل جارٍ من أجل تقديم الدعم والمساندة للمؤسسات الأمنية في كركوك، وكذلك بهدف تسهيل المعاملات اليومية المتعلقة بحياة المواطنين، وتأمين حدود المحافظة”.

في السياق، كشف مصدر حكومي لموقع “الحل العراق” عن كواليس عودة فتح ملف كركوك، بعد أن أُخْمِد لعامين، قائلاً إن “الأحزاب الشيعية والسنية والكردية، قبل تشكيل الحكومة وتحديد اسم رئيس الوزراء، اتفقت فيما بينها أن لكل منها حاجاته ومطالبه، ولابد من اختيار شخصية ملائمة لتنفيذ مطالب جميع الأحزاب، وفي الوقت نفسه، يكون حريصاً على توفير الخدمات والمضي بالبلاد إلى الأمام”.

مبيناً أن “المباحثات التي انتهت باختيار عادل عبد المهدي، جرت بعدها محادثات أخرى بين عبد المهدي والأحزاب، كل حزب على لوحده، وكان مطلب الأحزاب الكردية الحاكمة في اقليم كردستان هو إعادة تفعيل دور البيشمركة في حكم المدينة وإشراكها في الملف الأمني”.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن “عبد المهدي أذعن لمطالب الأحزاب الشيعية وتحديداً تحالف البناء، الذي طالب بأن يكون فالح الفياض وزيراً للداخلية.

لكن الطرف الشيعي الآخر عارض ذلك، وأذعن مرة ثانية للسنة المتحالفين مع الشيعة، وتحديداً جناح السياسي العراقي ورجل الأعمال خميس الخنجر، بشأن الحصول على وزارة التربية، أما الطرف الكردي، فقد طالب بتحويل قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى إلى محافظة مستقلة وإلحاقها بإقليم كردستان، إضافةً إلى إعادة إشراك قوات البشمركة الكردية ضمن الملف الأمني لكركوك، فضلاً عن دعم مرشح الأكراد لمنصب محافظ كركوك”.

لافتاً إلى أن “عبد المهدي وافق على الشروط في الحال، دون الانتباه إلى أهمية المحافظة بالنسبة للشيعة في بغداد، وتحديداً الأحزاب الجديدة التي تمتلك فصائل مسلحة (الحشد الشعبي)”.

من جهته، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، شاديار عثمان، إن “الحكومة العراقية ترفض أن تخضع لسلطة الدستور، وفي كل مرة يتم الحديث فيه عن كركوك، تتهرب بحجج غير منطقية أو تستخدم قوتها من الجيش والحشد الشعبي في كبح جماح السياسة الكردية، حتى مع قضية العلم الكردي الذي يعتبر علم عراقي ثاني ومسجل في الدستور، فقد استشكلت في أكثر من مرة حين رفع بكركوك، مع العلم أنه لا يختلف عن العراقي الرسمي”.

مبيناً لموقع “الحل العراق”، أن “الأحزاب الكردية عازمة على الاجتماع قريباً وفتح الملف مجدداً من أجل اختيار محافظة للمدينة، إضافة إلى إرجاع قوات البشمركة إلى كركوك لتشترك مع القوات العراقية في حماية المدينة من المخاطر”.

وتابع، أن “الاجتماع الذي سيجمع كل الأحزاب الكردية، سيكون /18/ فبراير/ شباط المقبل، وسيتضمن الحديث عن تشكيل حكومة إقليم كردستان ومنصب محافظ كركوك، ومناقشة حملات التعريب التي تنفذها ميليشيات الحشد الشعبي في المدينة، والاتفاق على آلية لرفع العلم الكردي في بعض دوائر الدولة”، موضحاً أن “الاجتماع سيفرز تشكيل لجنة تنسيقية مشتركة بين البشمركة وقوات الجيش العراقي، تشرف عليها القوات الأميركية”.

إلى ذلك، رفض رئيس تجمع عرب كركوك، برهان العاصي، “الخطط الكردية” في المدينة. وقال لموقع “الحل العراق”، إن “عرب كركوك والمكون التركماني في المحافظة  يرفضان عودة الانتشار الكردي”.

مبيناً أن “المجتمع الكركوكي لا يوافق على أي توجهات كردية في المدينة، ولا نريد أن يعود “التعجرف” الكردي في قرار المدينة الخاصة، ونوجه نداء بأن لا تستجيب لأي خطابات كردية”.

في غضون ذلك، قال المحلل السياسي عبد الله الركابي لموقع “الحل العراق”، إن “عودة البشمركة أو اختيار محافظ كردي جديد لكركوك، سيعود بالبلاد إلى الوراء، وقد تتعقّد الأمور لدرجة تدخل فصائل الحشد الشعبي المسلحة، وتعود المشاكل بين بغداد وأربيل”.

لافتاً إلى أن “الأيّام المقبلة خطيرة على مستقبل كركوك، وأهالي المحافظة في قلق جداً، خصوصاً وإن تنظيم “#داعش” الإرهابي لا يزال في جحوره بمناطق الحويجة، وقد يستغل الوضع السياسي المتشنج ويشن هجمات لإثبات وجوده”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.