(الحل) – علاقة المرأة بالمكياج علاقة وثيقة على مر العصور، تصفه بعضهن بصديق الأزمات النفسية واللحظات الصعبة، والعصا السحرية التي تمنحها السعادة، بينما ترفضه أخريات لأسباب كثيرة معظمها تتعلق بأضراره على صحة البشرة.

المكياج أصبح من أساسيات الحياة ولا يمكن اعتباره رفاهية زائدة، لما له من دور في زيادة ثقة المرأة بنفسها لأنه يخفي مظاهر التعب والإرهاق عن بشرتها، ولما للألوان الزاهية من أثر على النفسية.

ثنائية قديمة

وإن العلاقة بين المرأة والمكياج، قديمة جدًا، ويروي التاريخ الكثير من الحكايات عن اهتمام الملكات بجمالهن مثل كليوباترا، وبلقيس، وزنوبيا، فقد كنّ يلجأن لاستخدام أدوات بدائية لوضع الكحل والحناء وغيرها.

الفراعنة أول من استخدم المكياج

ويُعتقد أن المصريين القدماء هم أول من استخدموا مستحضرات التجميل، وذلك منذ العام 4000 قبل الميلاد، وكانت آنذاك أكثر ارتباطًا بالوظائف العلاجية.

إذ اعتاد المصريون، النساء منهم والرجال، على وضع الكحل في أعينهم وحاجبيهم، والشحار على رموشهم وجفونهم، وأحمر الشفاه المصنوع من معدن أحمر، كما كانوا يلونون أجسامهم لحمايتها من أشعة الشمس والحشرات، ويصبغون أظافرهم بالحناء.

وإضافة لذلك استعمل المصريون كل أشكال الزيوت المعطرة، وقيل إن كليوبترا اعتادت أن تُغرق سفينتها بالعطور الفواحة كي يشتم الناس الرائحة معلنة عن وصولها. وبعدها استخدمه الصينيون والإغريق واليابانيون والرومان والهنود.

حملات لمقاطعة المكياج

وظهرت في الفترة الأخيرة حملات دعت لمقاطعة مستحضرات التجميل، بهدف إراحة البشرة والتخلص من المضار التي قد يسببها استعمالها على المدى الطويل.

وتباينت ردود أفعال الفتيات حول هذه الحملات، فبعضهنّ من شجعها وروّج لها، والبعض الآخر رفضها وقاطعها.

بين قبول ورفض

وانة (طالبة جامعية) عبرت عن رفضها للانجرار وراء هذه الحملات، وبرأيها فإنه طالما أن باستطاعة الفتاة أن تبدو أجمل باستخدامها للمكياج فلا داعي لمقاطعته، وتعتبر وانة أنّ تقبّل الفتاة لشكلها الذي خُلقت عليه أمر ضروري للغاية، ولكن في الوقت نفسه من الجميل أيضًا أن تحّسن الفتاة من شكلها.

وتوضح وانة أن المكياج الذي تقصده هو وضع رتوش بسيطة وليس المكياج المبالغ فيه، كوضع الرموش والعدسات وغيرها.

زوزان (طالبة جامعية) ترى أن وضع المكياج هو حرية شخصية، وهي تشجع حملات المقاطعة لما لمستحضرات التجميل من أذى على بشرة الوجه كونها مصنوعة من مواد كيماوية ضارة.

كفاح (مذيعة) تقول إن علاقتها بالمكياج محدودة جدًا، وهي تستخدمه فقط أثناء التصوير بغرض إخفاء العيوب، وذلك لاقتناعها بضرره الكبير طبيًا على المدى البعيد.

مها (مترجمة) تعتبر أن مجتمعنا الشرقي يعيش حالة من الفصام لأنه يعمد إلى تقييم المرأة من خلال شكلها الخارجي فقط، وعندما تلجأ لوضع المكياج من أجل إرضاء المجتمع الذي تصفه بالمريض يقوم بمحاربتها، وهي ترى أن تأثير المكياج النفسي أكبر من المادي، لأنه يخفي العيوب ويجعل الفتاة تبدو بحال أفضل، كما أنه يكسبها ثقة ورضا أكبر عن نفسها.

بتول (محامية) تعتبر أن فكرة حملات مقاطعة المكياج جيدة، لأن على المجتمع تقبل فكرة أن تتحرر الفتاة من التزامها بالمكياج كلما خرجت من المنزل، وألا تكون بشرتها مثالية في كل الأوقات، كما أن على الفتاة تقبل عيوبها واعتبارها شيئًا طبيعيًا، فليس من المفروض أن تكون دمية خالية من العيوب. وترى بتول أن الفتيات يفضلون عادة وضع المكياج لإخفاء علامات التعب أو الاصفرار عن وجوههنّ، وأن يكون وجههنّ مرتاحًا أكثر لأن ذلك سينعكس بالإيجاب على نفسيتهن بالعمل أو الجامعة.

رأي علم النفس

اختصاصية الدعم النفسي الاجتماعي، سماح سالمة، تعتبر من جانبها أن المرأة تلجأ لاستخدام مستحضرات التجميل لأسباب عدة، منها أنها تعتبرها أداة تسهم بتغيير شكلها الخارجي إلى الأفضل، أو بالأحرى كما تراه هي أفضل، وهو ما يساعدها على زيادة الثقة بنفسها من الناحية الجمالية، ويزيد من إحساسها بالرضى عن شكلها الخارجي.

كما أن بعض النساء يستخدمون مستحضرات التجميل لجذب الانتباه، وكوسيلة ليشعرن بأنهنّ مرغوبات ومقبولات من قبل الآخرين. إضافة إلى أن عددًا ليس بقليل من الفتيات يستخدمونها للتشبه بالمشاهير، على اعتبار أنهم نماذج تحصل على إعجاب عدد كبير من الناس. وذلك إلى جانب فئة من النساء يستخدمون المكياج كوسيلة للتغيير والتجديد.

صورة نمطية للأنثى

وتعتبر سالمة أن المجتمع يساهم بصنع صورة نمطية للذكر وأخرى للأنثى، ولذلك يكون من غير المقبول للرجال وضع المكياج، ومن الممكن أن يعرضهم ذلك للنقد من قبل المجتمع، ووصف الرجل بأنه ناقص الرجولة، بينما المكياج للأنثى يساهم بأنوثتها أكثر.

أهمية الرضا الذاتي

وتنصح سالمة الفتاة بأن يكون رضاها عن نفسها داخليًا ذاتي المصدر وغير مرتبط بآراء الآخرين، وأن تكون واثقة من وجود جوانب جمالية بشكلها أو شخصيتها غير مرتبطة بوجود المكياج فقط.
كما تنصحها بعدم الانجرار وراء تقليد نمط سائد، إذ أن ذلك يُفضي إلى أن يُصبح من الصعوبة بمكان التخلي عن هذا النمط، وتصبح الفتاة غير قادرة على الظهور أمام الآخرين على طبيعتها ودون هذا الشكل المصطنع.

وتلفت سالمة إلى أننا عادة ما نستقي مفاهيم الجمال من عائلتنا عندما نكون صغارًا، فخلال التربية يتشكل داخل الطفلة مخزون عن المفاهيم الجمالية، على سبيل المثال عندما نقول لها أن صديقتها جميلة لأن شعرها طويل أو لأن عيونها كبيرة، أو أن هذا الطفل جميل لأن عيونه ملونة، تصبح هذه المفردات بالنسبة لها مخزونًا للمفاهيم الجمالية، وعندما تكبر تحاول تقليد هذه المفاهيم التي استقتها من عائلتها، فتكون وسيلة المرأة للتقليد والوصول إلى مواصفات الجمال عبر التغيير من خلال عمليات التجميل أو المكياج، فتلجأ إلى تشقير شعرها أو تكبير عيونها عن طريق المكياج لأنها ترى أن العيون الكبيرة جميلة وهكذا…

ومن جانب آخر يستقي الطفل مفهومه عن جماله أو صورته لذاته بشكل كبير من خلال نظرة أهله له في صغره، وهل يرونه جميلًا أم غير جميل.

أضرار مستحضرات التجميل

الصيدلانية فاتن أبو قبع ترى من جهتها أن كثيرًا من الفتيات والنساء يلجأن إلى استخدام مستحضرات التجميل لاعتبارها الطريقة الأسرع لإخفاء العيوب، ولكنها تؤكد أن لمستحضرات التجميل أخطارًا تفوق بكثير مميزاتها.

ومن هذه الأضرار:

ـ تعرض البشرة للإصابة بحب الشباب بسبب انسداد المسام الجلدية.

ـ احمرار الوجه، وتحسسه وتهيجه وظهور الطفح الجلدي والأكزيما والالتهابات.

ـ تغير لون البشرة واسمرارها، بسبب مواد تفتيح البشرة وتغميقها.

ـ زيادة لمعان الوجه بسبب ارتفاع الزيوت في الكريمات ومستحضرات التجميل، وخاصة إذا كانت البشرة دهنية.

ــ حدوث عجز في تجديد خلايا البشرة، بسبب تراكم مواد التجميل على المسامات، وامتصاص البشرة لها.

ـ ظهور التجاعيد على البشرة في مرحلة عمرية مبكرة.

ـ التعرض للعدوى عند تبادل أدوات ومستحضرات التجميل، كالكحل، وفرش التجميل.

ـ إلحاق الضرر بالعينين، عند استخدام الرموش الصناعية والمواد اللاصقة لها.

ـ تلف الرئة الناتج عن استنشاق بعض المستحضرات، مثل مثبت المكياج، ومثبت الشعر.

كيفية تجنب أضرار مستحضرات التجميل

وعن كيفية تجنب أضرار مستحضرات التجميل تنصح الصيدلانية أبو قبع بالانتباه إلى تاريخ تصنيع المنتجات، وتاريخ انتهاء صلاحيتها، وطبيعة المواد المكونة لها، وهل هي مناسبة لطبيعة البشرة.

كما تنصح بالابتعاد عن استخدام المستحضرات التي تحتوي على مواد تفتيح البشرة، لأنها تؤثر عليها بشكلٍ سيئ بعد مدة من استخدامها.

والابتعاد عن المواد المصنوعة من البودرة قدر الإمكان لأنها تؤدي إلى انسداد مسامات البشرة، وظهور الحبوب والزيوان.

إضافة لأهمية اختيار مستحضرات التجميل المعروفة، والتي خضعت للتجارب والفحص بشكلٍ جيدٍ، والابتعاد عن استخدام الماركات المجهولة.

بشرة صحية بدون مكياج

وتؤكد الصيدلانية أبو قبع أن جمال البشرة يبدأ من التغذية الصحية السليمة التي تمنع ظهور علامات الشيخوخة، وأن يتضمن النظام الغذائي فيتامينات معينة مثل A وC وE وB1 وK.

كما تلفت لأهمية شرب ما لا يقل عن ليترين من الماء يوميًا، لأنه يساعد في تنقية الجسم من السموم، وتصفية الكبد من التراكمات الدوائية أو الغذائية فيه.

إذ أن ذلك يساهم في الحصول على بشرة أصفى وأنقى، كما يزيد من عمر كولاجين الخلايا، ومن انقسامات الخلايا وتجديدها.

إعداد نينار خليفة – تحرير سامي صلاح

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.