لبنان (الحل) – أقيم يوم الأربعاء 6 شباط 2019 حفل في الضاحية الجنوبية لمدينة #بيروت بمناسبة الذكرى الـ 40 لإنتصار لثورة الإسلامية في #إيران، وتخلل الحفل الذي نظم تحت شعار “أربعون ربيعًا” كلمة متلفزة مطولة لحسن نصر الله استغرقت أكثر من ساعة ونصف.

بعد توجيهه التحية لروح الخميني والتهنئة للخامنئي، قسم نصرالله كلمته بنفسه إلى ثلاثة مقاطع: الأول تضمن لمحة تاريخية لمن لم يعاصر من “الأجيال الحالية… ذاك الإنتصار”، والثاني “خلاصة لمحة سريعة عن الجمهورية الإسلامية خلال 40 عاماً بعيداً عن التشويه والحرب الإعلامية المسيئة”، والثالث “الوضع الحاضر المعركة الحاضرة موقع الجمهورية الإسلامية في هذه المعركة وموقعنا ومصيرنا جميعاً”.

الكلمة التي ذكر فيها نصرالله كلمة إيران ومشتقاتها أكثر من 250 مرة، والولي الفقية أكثر من 20 مرة، كانت دعاية شبه متواصلة لإيران وإنجازات #الثورة_الإسلامية والولي الفقيه، إذ عدد نصرالله إنجازات نسبها إلى الثورة الإسلامية ذاكراً أرقام للمقارنة بين ما كانت عليه الحال أيام حكم الشاه وبما أمست عليه اليوم، على صعيد الغاز المنزلي ومياه الشرب والكهرباء وعدد أسرة المستشفات والصناعات الطبية والعسكرية والثقافة واصدارات الكتب… إلخ

نصرالله الذي وصف حكم الشاه بالحكم الديكتاتوري حيث “لا توجد حريات ولا إرادة شعب”، لم يذكر ماذا فعلت قوات الأمن الإيراني بناشطي الثورة الخضراء سنة 2009، ولا عن الإقامة الجبرية والتضييق على محمد خاتمي ومهدي كروبي ومير حسين موسوي ومحمد هاشمي رفسنجاني، والرقابة على الصحفيين والناشطين.

الأرقام التي ذكرها نصرالله لتبيان التقدم الإيراني بسبب الثورة الإسلامية نسبها إلى مصادر دوليه محايدة، ولكن في المقابل لم يذكر التصريحات الأخيرة لمسؤولين إيرانيين عن عيش 40% من الشعب الإيراني تحت خط الفقر، ولا تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني عن أن إيران تواجه اليوم أسوأ أزمة اقتصادية منذ 40 سنة، ولا اتهام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي بالفساد واختلاس مليارات الدولار.

رغم ذلك، حاول نصرالله الذي يمثل المحور المنتصر في لبنان بعد الانتخابات النيابية التي جرت في أيار 2018، ثم في تشكيل الحكومة بعد مخاض طويل وعسير كما يحب ويرغب، أن يسوق تدخلاً إيرانياً أعمق في لبنان، يجري الحديث عنه خلال السنوات الأخيرة من خلال استقدام السلاح الإيراني، والدواء الإيراني، والكهرباء الإيرانية.

تكلم نصرالله عن السلاح بقوله: “أنا صديق لإيران، أنا مستعد أن أتي بدفاع جوي للجيش اللبناني من إيران، للجيش اللبناني، خذوا قراراً”، ما أثار تعليقات ساخرة لناشطين لبنانيين وسوريين على وسائل التواصل الإجتماعي، مفادها أن تستفيد إيران من دفاعاتها الجوية التي ينوي نصرالله استجلابها إلى لبنان، في #سوريا حيث يقصف سلاح الجو الإسرائيلي الإيرانيين وقواتهم العراقية واللبنانية كل بضعة أيام، ما دفعها إلى نقل مراكز لها من محيط مطار دمشق.

من جهة أخرى، يبدو طرح موضوع السلاح الإيراني مرة أخرى حجة جديدة لجمهور محور الممانعة في وجه خصومهم السياسيين في لبنان الذين يناهضون سلاح #حزب_الله، ويدعمون تقوية الجيش اللبناني ليكون القوة الوحيدة المسلحة والقادرة  في البلاد، إذ يمكن لمناصري حزب الله أن يقطعوا الطريق على المطالبة بتقوية الجيش اللبناني بمقولة: نحن وإيران عرضنا سلاحاً مناسباً وأنتم رفضتموه.

قد يكون كلام نصرالله بشأن السلاح والدواء تمهيداً لحلول يقدمها حزب الله في المستقبل إن توقف الدعم الأميركي والأوروبي للجيش اللبناني ولوزراة الصحة اللبنانية بعد أن تسلمها وزير من حصة حزب الله، فالوزارة التي تعتبر ميزانيتها من الميزانيات الكبيرة بين الوزارات اللبنانية كانت محل رغبة تحققت عند الحزب، وأيضاً سبب تحذير أميركي من تبعات تسليمها إلى حزب الله.

خطاب نصرالله أتى قبل أيام من زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى لبنان يومي الأحد والاثنين 10 و11 شباط، حيث سيلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون وحسن نصر الله، ومن الممكن أن يقدم ظريف حلولاً بشأن مواضيع السلاح والدواء والكهرباء، لتعرض على حكومة وزير الصحة فيها من حزب الله ووزير الدفاع ووزيرة الطاقة المياه محسوبان على التيار الوطني الحر حليف حزب الله.

اعتبر بعض المعلقين أن كلام نصرالله تضمن بعض الحقائق لتمرير الرسالة التي يريد، على طريقة كلام حق يراد به باطل، مادحاً إيران ومصوراً إياها كالملاك، منتقداً السعودية وأميركا، ومغذياً لدى أنصاره من شيعة لبنان وهم النصر والكرامة.

في ختام كلمته الطويلة قال نصرالله قاصداً إيران “هناك صديق كبير عظيم، صادق، مخلص، لا يريد منا شيء، والله لا يريد منا شيء، نحن حزب الله يا أخي، نحن جماعة ولاية الفقيه” مقدماً هذه الدولة كمؤسسة خيرية تريد تقديم المساعدة للشعوب دون مقابل أو تدخل، معتبراً أن زمن الانتصارات قد بدأ مع نجاح الثورة الإسلامية في إيران. في الوقت الذي ينظر المرء من حوله إلى الدول التي تدخلت فيها إيران و”قدمت المساعدة” إلى شعوبها، من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن ويسأل نفسه: عن أي انتصارات يتكلم نصرالله؟

أثار خطاب نصرالله بالإضافة إلى التعليقات الجدية منها والساخرة عبر وسائل التواصل الإجتماعي، أسئلة قديمة جديدة لدى بعض المتابعين حول سيادة لبنان وموضوع التبعية لدول أخرى والإلتحاق بمحاور إقليمية أو دولية، فتكريس أهم وأقوى زعيم سياسي-ديني-ميليشياوي في البلد خطاباً من ساعة ونصف في ذكرى كذكرى الثورة الإسلامية في إيران، لتمجيد الثورة وولاية الفقيه والمرشد الأعلى، وتبيان إيجابياتهم وفضلهم، وضعف اللبنانيين وحاجتهم إلى طلب وقبول المساعدة الإيرانية، يشير بوضوح إلى مدى وصل لبنان في حياته السياسية من التبعية والاستسلام، إذ لم يسمع خطاب مشابه حتى في أشد فترات سيطرة جيش النظام السوري على لبنان.

إعداد: رجا أمين – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة