ترجمة خاصة- الحل العراق

نشرت صحيفة (ليبراسيون) الفرنسية منذ أيام تقريراً عن واقع حال الاقتصاد في #إيران اليوم، متسائلةً عن كيفية إدارة هذا الاقتصاد في ظل عودة العقوبات على إيران، فالنهضة الاقتصادية التي نشأت نتيجة رفع العقوبات عن إيران, قد عادت واختفت مع عودة هذه العقوبات, والأكثر فقراً في هذا البلد اليوم هو الأكثر تضرّراً.

وذكرت الصحيفة، نقلاً عن، تيري كوفيل, باحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس, أن انسحاب #واشنطن من اتفاق تموز 2015 والذي يحدّ من #البرنامج_النووي الإيراني, والعقوبات والحظر الذين تبعا هذا الانسحاب، قد سبّبوا صدمةً كبيرة للاقتصاد الإيراني.

مؤكّداً، أن الركود ينبغي أن يصل هذا العام إلى -4%. ففي عام 2016 وبعد رفع العقوبات في عهد إدارة #أوباما, وصل معدل النمو في إيران إلى 13.4 %, وهو أعلى معدل نمو في المنطقة. ليزداد أكثر بمعدل 4% في العام 2017. لكن ومن خلال إعادة فرض العقوبات في الخامس من تشرين الثاني من العام الماضي على قطاع النفط والقطاعات المالية الإيرانية, فقد خنق ترامب الاقتصاد الإيراني. فبموجب الحظر المذكور لم تعد تستطع إيران تصدير سوى 1.3 مليون برميل من البترول في اليوم, مقارنة بـ 2.3 مليون برميل في أوائل عام 2018. ومع ذلك يشكّل النفط 80% من عائدات التصدير الإيرانية وأكثر من 40% من عائدات الضرائب. ونتيجة لذلك, فإن الدولة الإيرانية وجدت نفسها تفقد حوالي 20% من عوائد ميزانيتها بين ليلة وضحاها.

من جهةٍ أخرى فإن الشركات الآسيوية والأوربية ستجد نفسها ممنوعةً من السوق الأميركية إذا ما استوردت النفط الإيراني أو تعاملت مع البنوك الإيرانية التي تستهدفها واشنطن. وبذلك باتت إيران غير قادرة على الاستيراد.

ومع ذلك, يمكن لعددٍ قليل من الشركات في البلاد أن تنتج دون استيراد المواد الخام أو السلع الوسيطة التي تحتاجها معظم الصناعات. فقطاع صناعة السيارات, وهو ثاني مصدر توظيف في البلاد بعد النفط, يعاني بشدة بسبب هذه العقوبات. وأخيراً, كيف يمكن إدارة اقتصاد دولة رغم العزلة المفروضة على بنوكها؟ فالبنوك الأجنبية لا تستطيع القيام بأي عمل تجاري على الأراضي الإيرانية, إلا إذا خاطرت في تحمل العقوبات الأميركية بسبب تجاوز تطبيق القوانين الأمريكية لنطاق إقليم هذه الأخيرة.

وتبيّن (ليبراسيون) أن الاقتصاد الإيراني بات يعاني دون أدنى شك من أمراض مزمنة بعد هذه العقوبات. فلا يمكن للمرء أن يتخيل الوضع الاقتصادي والاجتماعي لفرنسا, على سبيل المثال, إذا ما خسرت ميزانيتها فجأة بنسبة 15 أو 20%. فالتأثير سيكون فظيعاً وسيؤدي إلى خلل في المجال الاقتصادي والاجتماعي وكذلك السياسي.

كذلك هناك تخوف من تضخم جامح في الاقتصاد الإيراني. فقد نجح #حسن_روحاني منذ تسلمه السلطة عام 2013 في خفض التضخم إلى 10% مما كان في عهد سلفه #محمود_أحمدي_نجاد الذي كان يطبع العملة دون توقف حتى بلغ التضخم 50%. وفي عام 2019, كما هو في عام 2018, من المتوقع أن يصل التضخم إلى 35%. هذا بالإضافة إلى فقدان الثقة في الريال الإيراني. فمن جهة, هناك انخفاض حاد في عرض المنتجات المحلية أو المستوردة. ومن جهة أخرى, لا يزال طلب الإيرانيين على الضروريات الأساسية قوياً.

وبالتالي فالأمر لا يحتاج إلى أكثر من ذلك حتى ترتفع الأسعار وتنهار القوة الشرائية للإيرانيين. فأولئك الذين لديهم الإمكانية يقومون بشراء الدولارات لحماية أنفسهم. وكما كان في الماضي, فإن العملة الخضراء “للعدو الأميركي”، باتت هي الملاذ الآمن. ففي سوق الصرف الموازي, يتم صرف الدولار الواحد اليوم بـ 140 ألف ريال إيراني. وقد كان الدولار في عام 2017 يعادل40 ألف ريال فقط. وبالتالي وبسبب نقص الطعام والأدوية, فإن الفئات الأكثر فقراً من الشعب الإيراني هي الأكثر تضرراً من العقوبات الأميركية اليوم.

وتوضح (ليبراسيون) أن جزءاً مهماً من نفقات الموازنة الإيرانية لا يزال مخصصاً للتسلح! فالحكومة لا تتوقف عن الشرح للإيرانيين أنهم في حالة حرب مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، وبذلك فهي تبرر الزيادات النسبية في نفقات التسلح التي لا يمكنها إنكارها.

وبالتالي فإن ازدياد نفقات التسلّح هذه، تأتي على حساب نفقات البنية التحتية أو الصحة أو التعليم. الأمر الذي سيُدخل البلاد في متاهة الديون. وإن كان الدين العام الإيراني لا يتجاوز 40 % من الناتج المحلي الإجمالي, فمن سيجرؤ على إقراض إيران دون الخوف من انتقام الولايات المتحدة؟

وتختم ليبراسيون تقريرها بالإشارة إلى أن معدل البطالة في إيران يبلغ اليوم حوالي 13%. الأمر الذي يؤثر على 27% من الشباب الإيراني. وقد شهدت إيران بداية عام 2018 توترات اجتماعية قوية وتململ واضح في الشارع الإيراني, في حين يستمر الوضع الاقتصادي والاجتماعي في التدهور. ولعل السبب بعدم تجدد التوترات في الشارع اليوم هو عدم رغبة الإيرانيين بأن ينتهي بهم الأمر إلى حالة من الفوضى تشبه حالة #سوريا أو #العراق.

—————————————————————————–

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.