تركيا (الحل) – في مدينة غازي عنتاب، اعتاد الشاب السوري «أيمن» أن يستيقظ في الساعة السابعة صباحاً كل يوم، ليجهز نفسه قبل أن يتوجه إلى منطقة الصناعة كي يلتحق بإحدى الدورات المهنية التي سجّل بها، ما يميز الدورة أنها تعطي راتباً شهرياً قدره 800 ليرة تركية عدا توفير الظروف المناسبة لتعلم “صناعة الأثاث” وفقاً لما صرح به لموقع «الحل».

ويتابع الشاب العشريني، أن الدورة ستمنحه شهادة خبرة عندما ينتهي منها بالإضافة للراتب الشهري، مؤكداً أن هذه الفرص باتت أفضل من البحث عن عمل بشكل عشوائي في تركيا.

يسجل الآلاف من السوريين مثل «أيمن» في دورات تعليمية وبرامج تدريب مهنية عدّة يتم الإعلان عنها باستمرار من جهات حكومية تركية بدعم من مفوضية اللاجئين والاتحاد الأوروبي ومنظمات وجهات أخرى، وتتنوع هذه الدورات بين تعليم اللغة التركية مجاناً أو تدريب الطلاب على مهن مختلفة مثل صيانة الحاسوب وصيانة الموبايل والحدادة والصناعات الخشبية والنسيجية وصيانة الآلات… الخ.

عشرات الاختصاصات

بشكل شبه يومي يتم الإعلان عن فرصٍ التسجيل على دورات جديدة في الولايات التركية، التي يتواجد فيها السوريون بكثرة مثل إسطنبول وعنتاب وبورصة وهاتاي وأورفا وقيصري وأنقرة ومرعش ومرسين وولايات أخرى.

وتتنوع الاختصاصات المتوفرة لكن تختلف البرامج التدريبية في تفاصيلها، فالبعض منها لا تقدم للمتدرب راتباً شهرياً بينما تختلف قيمة الرواتب ومدى توفير المعدات اللازمة ببعضها الآخر، فيما أكثر الدورات انتشاراً هي تعلم اللغة التركية.

«خولة» إحدى السوريات المطّلعات على هذه التدريبات تقول في حديث لها مع الحل: “بالنسبة لهذه التدريبات فهناك سوريين اتخذوا منها ذاتها عملاً لقاء راتب حيث يحضرون التدريب ويبحثون عن تدريب آخر وبالنهاية يتقاضون رواتبهم وشهادات حضورهم، بينما هناك البعض يداوم على الحضور ويحاول التعلم بشكل جدي لاكتساب مهنة”.

وتتابع، هناك دورات عديدة أيضاً للنساء مثل فن الطبخ والخياطة والتطريز وحياكة الصوف والأعمال المنزلية وغيرها، لكن المشكلة أن أي برنامج تدريبيّ يتم الإعلان عنه، تمتلئ شواغره خلال يوم أو يومين كحد أقصى وهذا ما يجعل الفرصة ضعيفة أمام الأشخاص الذين لم يصلهم إعلان التدريب.

في المقابل، أطلقت مراكز تعليمية عدة تدريبات جديدة مجانية تستهدف تعليم السوريات، كان آخرها دورة مهنية يعلن عنها للمرة الأولى في ولاية #أورفا ، وتتضمن برنامجاً تدريبياً حول طرق الحجامة النبوية والطب البديل، لتسجل حوالي 80 سيدة سورية لحضور التدريب، وفق تقرير لقناة «الجسر».

بقصد الاندماج

بدأت تتزايد عروض الدورات المهنية الداعمة لتعليم اللاجئين السوريين وتعزيز اندماجهم بالمجتمع التركي منذ اتفاق #تركيا والاتحاد الأوروبي عام 2016 والقاضي بتقديم مساعدات مالية لتركيا من أجل دعم اللاجئين السوريين واستقبال اللاجئين السوريين من اليونان مقابل ضبط تركيا لحدودها ومكافحة عمليات التهريب.

ومنذ سريان الاتفاق بدأت تركيا بدعم برامج تدريبية تهدف إلى تعليم اللاجئين اللغة التركية، ومهن عدة من أجل تعزيز اندماجهم بالمجتمع التركي وتمكينهم من إيجاد أعمال توافق اختصاصاتهم أو خبراتهم التي اكتسبوها من خلال التدريبات.

أما «طه المحمد» وهو أحد السوريين المقيمين في عنتاب وجهة نظر أخرى: “الدورات المهنية لن تعطي النتائج المتوقعة كاملة، فالاختصاصات المتوفرة محدودة لذا يضطر البعض من المتقدمين إلى اختيار برامج تدريبية غير تلك التي تناسب متطلباتهم بالإضافة إلى أن الدورات لابد أن تكون مركزة أكثر بالاختصاصات وألا تقتصر على تعليم مبادئ المهن الأولية”.

ويضيف «المحمد»، أن هناك عشوائية في بعض الأحيان، ففي إحدى المرات سجلت في دورة وطلبت أن انضم إلى دورة صيانة الحاسوب لأتفاجئ أن اسمي وارد في دورة الحدادة، يجب أن يكون هناك رقابة على القائمين والمسؤولين عن تنظيم الدورات المهنية.

التدريبات لا تكفي

يعتبر البعض من اللاجئين السوريين الذين أبدوا آراءهم حول موضوع التدريبات المهنية المقدمة للسوريين ومدى الاستفادة منها، أنها لا تكفي إن كان الهدف منها إدماج السوريين بالمجتمع التركي، خاصة أنها لا تحيط بكل جوانب متطلبات الاندماج بل تقتصر على تقديم برامج ثابتة يعتمد بقسم كبير منها على الجانب النظري.

وحول الموضوع يبدي علي الحسين أحد اللاجئين السوريين في تركيا رأيه بمسألة الاندماج قائلاً: إن “هناك طرق أفضل من المتوفرة حالياً لدعم اندماج السوريين بالمجتمع التركي، ففيما يخص التدريبات المهنية يجب إرسال الطلاب إلى المصانع والمعامل والشركات وإشراكهم بأعمال مشابهة لمواضيع الدورات بتنسيق مع هذه الفعاليات الاقتصادية”.

ويتابع، يجب أيضاً أن يتم إعداد معسكرات تكون سبباً في توطيد العلاقات بين السوريين والأتراك من الطبقة ذاتها، الطلاب مع الطلاب والموظفين مع أمثالهم وهكذا، بهذه العملية يمكن ضمان سرعة أكثر بموضوع اندماج السوريين بالمجتمع التركي.

إعداد: فراس العلي – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.