من «ملقط الشعر» إلى عمل الجامعات… نفور شعبي من ممارسات «تحرير الشام»

من «ملقط الشعر» إلى عمل الجامعات… نفور شعبي من ممارسات «تحرير الشام»

إدلب (الحل) – منذ أن وسعت “هيئة تحرير الشام” نفوذها في الشمال السوري على حساب فصائل المعارضة، باتت تسيطر على معظم محافظة إدلب وريف حلب الغربي ومعظم مناطق ريف حماة، وسرعان ما دخلت “حكومة الإنقاذ” الذراع المدني للهيئة لتبسط نفوذها على ما تبقى من المؤسسات في المناطق التي باتت خاضعة لسيطرتها، والتي يعيش فيها نحو أربعة ملايين مدني من سكان أصليين ومهجرين من باقي المحافظات السورية.

وتزداد مخاوف السكان في المناطق التي باتت تحت سيطرة الهيئة، خصوصاً مع القرارات اليومية التي تضيق الخناق عليهم، إضافة للانتهاكات والممارسات التعسفية في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية وحتى الإغاثية، فيقول أحد ناشطي مدينة إدلب متهكماً “حتى الإعجاب والتعليق على مواقع التواصل مراقب من الهيئة”.

الاعتقال والتعذيب
كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قبل أيام عن قيام هيئة تحرير الشام «جبهة النصرة» سابقاً، وجماعات أخرى لها صلات بتنظيم “القاعدة” باعتقال عدد كبير من السكان في محافظات إدلب وحلب وحماة الواقعة تحت سيطرتها، حيث تم توثيق 11 حالة اعتقال بسبب عملهم على توثيق الانتهاكات والاحتجاج على سلطة الهيئة، وللتأكيد على هذا الموضوع أكد مصدر (فضل عدم كشف اسمه) لموقع «الحل» أن الهيئة قامت قبل فترة بإنشاء فرع يسمى بـ “أمن العقاب” وهو عبارة عن جهاز أمني ينتشر في إدلب وريفها، ويقع مقره الرئيس في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب.
وأضاف المصدر أن “لجهاز أمن العقاب مجموعة من السجون ومراكز الاعتقال، حيث يتخذ عناصرها من الكهوف والمغارات كسجون لاحتجاز وتعذيب المعارضين لهم، ودائماً ينتشرون بزي موحد وملثمين، ولهم سلطة مطلقة في مداهمة المنازل وتنفيذ الاعتقالات”.

في مقابل ذلك، تتحكم هيئة تحرير الشام بكل مفاصل الحياة المدنية والمعيشية للسكان، حيث استمع موقع «الحل» لشهادات عدد من المدنيين حول ما يجري داخل مدينة إدلب، من مراقبة المقاهي وإغلاق صالات الانترنت بحجة “تضييع أوقات المسلمين”، إلى تسيير سيارات جوالة في الشوارع لإذاعة خطب دينية بصوت مرتفع، ووضع مكبرات صوت في الأحياء المكتظة يديرها (شيخ غير معروف) ليلقي بخطبة دينية، وإلى جانب مجموعة من العناصر الملثمين مع سلاحهم الكامل.
فيما يشكل عناصر (سواعد الخير) هاجساً لدى سكان إدلب وريفها، بسبب ممارساتهم من ملاحقة الفتيات بسبب لباسهن، واعتقال الشباب بسبب طريقة حلاقة شعرهم، وملاحقة أصغر الأمور التي وصلت لمنع استخدام (ملقط الشعر/ الحواجب) في صالات الحلاقة الرجالية.

السطوة على التعليم والإغاثة
فبعد نجاح الهيئة بفرض سيطرتها الكاملة على إدلب، وإلغاء عمل الحكومة المؤقتة، وقرارات وزارة التعليم العالي التابعة لها، بدأ الترويج لما يسمى “مجلس التعليم العالي” الذي تحاول الهيئة من خلالها بسط نفوذها على العملية التعليمة في الشمال السوري، فيقول (أحمد السفراني) وهو أحد المدرسين في جامعة (حلب الحرة) لموقع «الحل» إن “الهيئة حاولت قبل شهر تقريباً تعيين شرعيين من قبلها للتدريس بالجامعة، أحدهم مصري الجنسية، وقوبلت هذه الخطوة باحتجاجات من الطلاب وتراجع عن القرار فيما بعد”، مضيفاً أن “محاولات الهيئة جميعها باءت بالفشل في ضم الجامعة لنفوذها، وحاولت الضغط على باقي الجامعات باعتبار أن تراخيصها غير قانونية وقامت بإغلاقها ماسبب احتجاجات طلابية واسعة ما تزال مستمرة”، مشيراً إلى أن “ما يسمى حكومة الإنقاذ عمل قبل شهرين على إلغاء قسم الإناث من معهد الإعلام بجامعة إدلب الحرة بحجة الضغط على القسم وعدم وجود مدرسات متخصصات بمجال الإعلام”.
ولم يكن القطاع الصحي والإغاثي بأفضل حال من سابقه، حيث تعمل الهيئة (بحسب شهادات المنظمات والجمعيات الإغاثية) على فرض أتاوات وضرائب عليها مقابل السماح لها بممارسة عملها، حيث خصصت “مكتب المنظمات” الذي يقوم “فرض نسب يقوم بأخذها من كميات المعونات التي تدخل إلى مناطق الشمال السوري، تتراوح بين 10 إلى 20% بذريعة إطعام ما أسمتهم بالمجاهدين”، وسبق وأن علقت العديد من المنظمات العاملة في الشمال عملها احتجاجاً على تدخل الهيئة المتكرر بعملها.

حتى المهجرين لم يسلمو من الهيئة!
تعج المناطق الخاضعة لنفوذ هيئة تحرير الشام «جبهة النصرة» سابقاً، بآلاف المهجرين من المحافظات السورية التي شهدت اتفاقات “تسوية” خلال العام الماضي من أرياف دمشق وحمص وحلب وغيرها، والذين لم يسلموا أيضاً من ممارسات الهيئة، من حيث اعتقال الناشطين والإعلاميين دون ذكر أو إيضاح الأسباب، بينهم الناشط (أحمد الحلبي) الذي تم اقتياده إلى جهة مجهولة من على حاجز تابع للهيئة في مدينة سرمدا، رغم إعاقته، وسبقتها حالة اعتقال لـ(موفق النعال) المعروف بـ(منشد الغوطة) بتهمة الانتماء لجيش الإسلام، والذي أطلق سراحه، بعد تدخل عدد من الجهات آنذاك.

يؤكد أحد مهجري مدينة سقبا بالغوطة الشرقية والذي عرّف عن نفسه (عامر الغوطاني) لموقع «الحل» بأن “الحياة في إدلب أصبحت مأساوية، الكثير من الممارسات التي تفرضها الهيئة على المهجرين لم تعد مقبولة، كإخراجهم من المنازل وفرض مبالغ مالية كضرائب وأتاوات، ومراقبة أعمال المهجرين”، لافتاً إلى أن “الوضع لم يعد مقبولاً، وأبحث عن طريق للخروج إلى مناطق شرق الفرات، فالأجواء في إدلب مشحونة والناس في حالة ترقب لأي عمل عسكري بعد فرض «النصرة» لنفوذها الكامل على المنطقة”.
وتفرض الهيئة سيطرتها على جميع المعابر بين ريفيّ إدلب وحماة وحلب سواء مع النظام أو المناطق ‏المحررة، إذ بدأت (حكومة الإنقاذ) بفرض ضرائب على الحركة التجارية وسيارات النقل العامة والعبور بين ‏مناطق ريفي إدلب وحلب الغربي، ومنطقة عفرين شمال غرب حلب.

إعداد: حسام صالح – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.