دمشق (الحل) – تنام أم محمد على بسطة بيع ألبسة مستعملة وسط العاصمة #دمشق، وتتخذ منها وسيلة لكسب بعض #المال، وعن طعامها تقول “نأكل مما يرميه باعة الخضار في السوق”.

أم محمد فقدت زوجها ومنزلها وهجرت من عين ترما في الغوطة الشرقية، وأولادها في الخدمة الإجبارية لدى جيش النظام، ولا تعلم عنهم شيئاً، على حد قولها.

تقول أم محمد لموقع “الحل”، “أبيع ألبسة مستعملة وخردوات في سوق الحرامية وسط دمشق، وأجمع الألبسة من أهل الخير، وأنام في أماكن مختلفة، إما بوضع شادر فوق البسطة، أو في أقبية بعض الأبنية، أو في الحدائق بالعراء”.

وتضيف أم محمد “أتعرض لكثير من المضايقات لكنني بت قادرة على التصدي لها وتكيفت مع الواقع”.

في سوق الحرامية (سوق لبيع الأدوات المستعملة)، أسر مهجرة أقامت أشباه خيم داخل السوق أو في الحدائق المجاورة، فيما تنام أسر في الأقبية أو الأبنية المهجورة بدمشق، خاصة في الأيام الماطرة.

ويعتمدون في الطهي على الحطب، وأواني غالباً مستعملة ومهترئة، وتبقى النيران مصدر الدفء الوحيد لهم مع بعض الأغطية المتسخة والمهترئة.

هل باتت الخيمة منزلاً والحديقة وطناً؟

أم عمار (30 عاماً)، تجلس على “كرسي حمام”، أمام باب خيمتها الصغيرة في حديقة بشارع الثورة في دمشق، وتقول “كلمة باب تشعرني بالأمان”، تضحك وتشغل سيجارة لتكمل “ليش هاد بيت أساساً؟”…

خيمة أم عمار عبارة عن شادر، ومحتوياتها عدد من البطانيات ووسادة وفرشة صغيرة وعدد من طناجر الطبخ.

وترفض أم عمار الإدلاء بأيّة تصريحات للصحفيين، وتقول “انتوا الصحفيين ما بتملوا مننا؟ حابين شكلنا هيك؟.. روحوا من وجهي!”.

يبدو أن أم عمار فقدت الثقة بأي شخص يرتدي ثياباً نظيفة يتقدم مع كاميرا أو دونها ليطرح عليها الأسئلة، وتكون أجوبتها وصورتها عبارة عن مصدر رزق لشخص لن يعطيها “أجرة دور البطولة”.

مشردو دمشق وجه مأساوي آخر للعاصمة

من الصعب جداً التحدث إليهم، هم لدمشق وجه مأساوي آخر، يضاف إلى تلك الوجوه الشاحبة التي اعتادتها العاصمة خلال الحرب، عشرات الأسر التي فقدت منازلها أو معيلها، تفترش الطرقات قرب تجمعات الفنادق والمكاتب التجارية، وعلى بعد مئات الأمتار فقط عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ومحافظة دمشق، ومقر محافظة ريف دمشق أيضاً.

وبجولة بسيطة، على المرجة وشارع الثورة وسوق الحرامية وسط دمشق، يمكن أن ترى حجم المآسي التي انصبت على هذه الفئة من السوريين، الذين يعملون وينامون في العراء ويطهون في العراء حتى أنهم يقضون الحاجة ويستحمون في العراء!.

هم أبطال العراء، لا يخشون المنخفضات والأمطار ولا حر الشمس، ولا يتباكون على أسطوانة #الغاز أو زيادة ساعات التقنين، هم لا يكترثون حتى بالجرذان التي تتجول بين أقدام أبنائهم أثناء اللعب مع اللاشيء.

أما الأطفال المشردون فهم غير آبهين بالمطر أو برد الشتاء، ولا بحال “خيمة الوطن” التي تأوي عائلتهم ليلاً، لا ينتظرون فرجاً من أحد، تكّيف هؤلاء مع واقعهم، كما تكيفت حكومة النظام معهم ولم تقم بأي إجراء جدي لحل مشاكلهم.

ووصفتهم محافظة دمشق مراراً بـ “المتسولون”، في حين أكدت وزارة الشؤون الاجتماعية لدى حكومة النظام، مراراً أيضاً أنها لا تملك مأوىً لهم.

إعداد: فتحي أبو سهيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.