(الحل) – قبل أيام عدّة، أوقف الادعاء العام الألماني اثنين من ضباط المخابرات السورية في مدينتَيّ #برلين و #تسفايبروكن الألمانيتين، على خلفية مزاعم بضلوعهما في عمليات تعذيب معتقلين في سجون النظام.

الضابطان الذين تم توقيفهما هما العميد أنور رسلان (56 عاماً)، الذي شغل منصب مسؤول التحقيق في #الفرع_251 ومن ثم في الفرع 285، ومساعدٌ في فرع المخابرات يُدعى إياد.

تبع هذه الخطوة مباشرةً، إعلان الادعاء العام الفرنسي والألماني عن اعتقال ضابط مخابرات سوري في باريس.

وذكرت وكالة “فرانس برس” أن  الشرطة الفرنسية اعتقلت رجلاً في العاصمة #باريس للاشتباه في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية في الفترة بين عامَي 2011 و2013، حين كان يعمل لدى أجهزة الأمن السورية.

كان كل شيء عل ما يرام في هذين الخبرين حتى عاد سوريون بالذاكرة إلى الوراء، ليعرفوا أن العميد أنور رسلان الذي تم توقيفه في ألمانيا، هو من الوجوه المعارضة السورية.

بعد انشقاقه عن النظام، شارك رسلان  بصفة استشارية ضمن الوفد العسكري المرافق لوفد الائتلاف السوري المعارض في مفاوضات جنيف عام 2014، ما أثار ضجّة بين الناشطين السوريين، حول كيفية انضمام شخصية متورّطة بجرائم حرب إلى صفوف المعارضة السورية، لكن ما أثار الجدل أكثر هو إمكانية محاسبة رسلان رغم انضمامه للمعارضة السورية وانشقاقه في وقتٍ مبكّر.

الجريمة لا تسقط بتغيير الموقف السياسي

بحسب المعلومات الشحيحة المتوفّرة عن العميد أنور رسلان، فإنّه ينحدر من محافظة حمص، وأن رسلان الذي شغل منصب مسؤول التحقيق في فرع أمن الدولة بدمشق، وخلال توليه منصبه الأمني في الفترة بين نيسان 2011 حتى أيلول 2012 كان يأمر بعمليات تعذيب منهجي ووحشي.

المحامي السوري أنور البني، الذي يشغل رئيس “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية”، والذي ساهم في رفع دعاوى ضد مجرمي الحرب السوريين في أوروبا، اعتبر أن “الانشقاق عن النظام لا يُعفي رسلان من العقوبة”.

وقال البني: “أثارت مذكرات الاعتقال ردود أفعال عديدة بين مؤيد ومعارض، وخاصة أن الضابطين قد تركا منصبيهما وهربا مبكراً من سوريا” مضيفاً أن “تغيير موقف أو موقع أي شخص لا يعفيه أبداً من الملاحقة عن الجرائم التي ارتكبها وخاصة عندما تكون جرائم ضد الإنسانية، وأن تغيير موقفه يعنيه وحده ولا يعني الضحايا بأي شكل”.

وأضاف البني: “إذا كنا نريد حماية المجرمين الذين يقولون أنهم بجانب الثورة فإننا نبرر للمجرم بشار الأسد حمايته للمجرمين الذي في صفه”، مشيراً إلى أن “الثورة لا يشرفها انضمام مجرمين سابقين لصفوفها، هذا إذا تأكدنا أنهم فعلاً يريدون الانضمام للثورة أو انهم مؤمنون بها” حسب تعبيره.

كما أوضح المحامي ذاته أن “الثورة لا تعطي براءة ذمة لأحد عن جرائم ارتكبها، ولا تمنع الضحايا من الوصول لحقهم” وقال أيضاً: “من الجيد أن يخسر خصوم الثورة مؤيد وربما من الجيد أن يتم تحييد بعض المجرمين ولكن لا أسمح لنفسي بالانتماء أو أن ينتمي لي مجرم ضد الإنسانية أو مجرم حرب”.

وختم البني: “إذا كنا مؤمنين بالعدالة وبوطن تسوده العدالة، فالعدالة لا تتجزأ، ولا تكون موجهة أو انتقائية أو انتقامية”.

مجرمون من الطرفين

من جهته اعتبر الناشط الحقوقي محمد حسن مدير مركز “وصول” لحقوق الإنسان، أن محاسبة مرتكبي الجرائم لا تنتظر ما إذا كانوا يقفون بجانب الحكومات أو الثورات.

وقال حسن لموقع الحل: “مرتكبي جرائم الحرب يجب محاسبتهم سواء كانوا مع الحكومات أم ضدها، ولا تسقط عنهم صفة المجرم”.

بحسب حسن فإنه “صحيح لا يوجد دولة تسود العدالة فيها لكننا نسعى باستمرار لتحقيق العدالة على هذه الأرض”.

وأضاف أن “الضباط الذين تم اعتقالهم، هناك منظمات حقوقية وقانونية دولية معنية بالشأن السوري تتبنى ملاحقة مرتكبي جرائم ضد الإنسانية في سوريا، لذلك نعتبر أن أي شخص يرتبط اسمه بجريمة ضد الإنسانية هو مجرم ويجب أن يقدم للمحاكمة مع الوثائق المتعلقة باتهامه”.

وأشار الناشط إلى أنّه لا يمكن التفرق بين مجرمين تابعين للحكومات، أو مجرمين المعارضين لها، لأن كل طرف يعتبر أن الطرف الآخر هو من ارتكب الجريمة، فاذا كان هذا الأمر هكذا، فمن المجرم؟ بالطبع ليس الشعب المدني، حسب وصفه.

ارتباط بين الجريمتين

من جانب آخر، كشف المحلّل العسكري العميد الركن أحمد رحال، أن هناك ارتباطاً بين مجرمي الحرب الذين تم إلقاء القبض عليهم في فرنسا وألمانيا.

وقال رحّال في منشورٍ على صفحته بموقع “فيسبوك”: “إن اعترافات أنور رسلان في ألمانيا أودت لاعتقال ضابط مخابرات أسدي بفرنسا، حيث قال رسلان باعترافاته أن مهمتهم القدوم بصفة لاجئين لمتابعة ومراقبة السوريين وجمع المعلومات عن الناشطين وتقديمها لمجموعات أخرى تتبع لنظام الأسد وموجودة في أوروبا، مهمتها تصفية هؤلاء الناشطين بطرق مختلفة ومنها القتل بالغابات أو كالذين وجدوهم مقتولين بشققهم أو عبر حادث سير أو عبر حادث سرقة”.

وأضاف أن الشرطة الأوروبية تعيد التحقيق بمقتل السوريين بتلك الظروف مرة أخرى بناء على المعلومات الجديدة، ولكن لم يتسنّى لموقع “الحل” التحقّق من المعلومات التي أوردها العميد المعارض رحّال.

ولأن الموضوع تم إثارته أكثر مقارنة مع المرات السابقة، نعتقد على المعارضة وضع نقاط محددة لتميز هذه الحالات، منعاً للقيل- والقال- وحتى يكون أي منشق في بينة من أمره قبل اتخاذ قراره، وتكون وجهات النظر بين المدنية المعارضة والعسكرية واضحة، وبالتالي يعرف المنشق قبل المتابع  المحسوب على المعارضة، في أيّة خانة يمكن وضع هؤلاء، وتعرف المنظمات الحقوقية الدولية، كما في حالتيّ ألمانيا وفرنسا، فهم دوافع هروبهم وانشقاقهم، وعدم الإساءة المقصودة لهم، خاصة لمن لعبوا دور بإنقاذ المئات من الشباب المعارض حين كانوا على رأس عملهم، وقبل انشقاقهم وهذه النقطة بالذات للإنصاف فقط.

تقرير: منار حداد – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.