لبنان (الحل) – بعد مضي أكثر من 40 سنة، ما تزال قضية اختطاف أو “تغييب” رجل الدين اللبناني الإيراني #موسى_الصدر تتفاعل وتسبب مشاكل عابرة للحدود، من ليبيا إلى سوريا ولبنان، ولا يعلم كثيرون أن هنيبعل نجل معمر القذافي موقوف في سجن خاص في لبنان منذ أكثر من ثلاث سنوات، لتداعيات ترتبط بحادثة الاختطاف عينها.

ولد موسى الصدر سنة 1928 في قم، ودرس علوم الدين والعلوم السياسية في #إيران والنجف في العراق، انتقل لاحقاً إلى #لبنان حيث نشط في الأوساط «الشيعية» الفقيرة وعمل على استنهاضها ودعمها بالمؤسسات، من مدارس ومهنيات وصولاً إلى تأسيس أفواج المقاومة اللبنانية “أمل”، والمجلس الإسلامي «الشيعي» الأعلى، وجمعية كشافة الرسالة الإسلامية.

في 25 آب 1978 سافر الصدر مع الشيخ محمد يعقوب والصحفي عباس بدر الدين إلى ليبيا للقاء القذافي بناء على دعوة منه، وهناك اختفى الصدر مع مرافقيه، وادعى نظام القذافي أن الصدر ومن معه غادروا الأراضي الليبية إلى إيطاليا وهو الأمر الذي لم يتم إثباته من أي جهة، وعليه كان نظام القذافي وما زال هو المتهم الوحيد باختطاف الصدر ومرافقيه، الأمر الذي أدى إلى قطيعة بين لبنان وليبيا، عبر عنها أنصار حركة أمل مؤخراً بحرق الاعلام الليبية في بيروت احتجاجاً على المشاركة الليبية في قمة بيروت، مما دفع ليبيا إلى الاعتذار وإلغاء المشاركة.

مرت السنوات دون أن تفلح الجهود في كشف مصير موسى الصدر، وفي 2011 سقط نظام القذافي وقتل قائده ما أنعش الآمال في التوصل إلى معلومات بشأن مصير الصدر.

في أواخر العام 2015 أقدم ابن الشيخ محمد يعقوب مرافق موسى الصدر، النائب السابق حسن يعقوب على استدارج هنيبعل القذافي من سوريا حيث كان يقيم وعائلته بعد حصوله على اللجوء السياسي هناك إلى لبنان، إذا أقنعته امرأة متعاونة مع يعقوب بالقدوم إلى لبنان لمتابعة أمر له علاقة بشقيقه سيف الإسلام، وما إن وصل هنيبعل إلى الأراضي اللبنانية حتى اختطف لمدة أسبوع تعرض خلالها للتعذيب بهدف الحصول على معلومات تخص اختطاف الإمام موسى الصدر ومرافقيه دون نتيجة.

ظهر هنيبعل القذافي في فيديو مورم العينين وتبدو آثار التعذيب واضحة عليه، مطمئناً من يسمعه إلى أنه بصحة جيدة ولا يشكو من شيء، مطالباً من يملك أي معلومات عن قضية موسى الصدر تقديمها إلى القضاء في أسرع وقت.

بعد وساطات وتدخلات تسلم فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي هنيبعل القذافي وبقي منذ ذلك الحين موقوفاً لديها، بينما أوقف النائب السابق يعقوب مدة سبعة أشهر بسبب ما أقدم عليه ثم إفرج عنه إثر وساطات واعتصامات شعبية.

عُرض هنيبعل على القضاء اللبناني الذي يحقق في ملف اختطاف الصدر! وصدر حكم بسجن القذافي بتهم كتم معلومات عن القضاء، وقيل أن الحكم أتى على خلفية اشتراط القذافي ركوب طائرة تنقله إلى خارج لبنان مقابل الإدلاء بمعلومات، الأمر الذي عده القاضي دليلاً على امتلاك هنيبعل ما يفيد قضية التحقيق في اختطاف الصدر.

تدخلات عديدة حصلت من أجل الإفراج عن القذافي، من روسيا ومن دول عربية، وبقي الأمر منسياً وبعيداً عن الإعلام في بلد تجري فيه كل يوم حوادث جديدة تتصدر الواجهة الإعلامية، حتى مطلع السنة الحالية حيث عُرف أن النظام السوري “استفاق” بعد ثلاث سنوات من توقيف القذافي ليطالب به على اعتبار أنه لاجئ سياسي في سوريا.

ضغط النظام السوري دفع وزير العدل اللبناني المحسوب على التيار الوطني الحر إلى التحرك، كما جرت وساطة قام بها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يعتبر أحد رجال النظام السوري المفضلين في لبنان، وساطة تسعى للإفراج عن القذافي من خلال رئيس حركة أمل نبيه بري الذي رفض أي وساطة في الأمر رغم تدهور علاقته مع النظام وسعيه إلى إعادتها إلى سابق قوتها.

من جهتها رأت عائلة الصدر أن توقيف القذافي يأتي على أساس أنه مطلوب للإنتربول، وأن العائلة طلبت بعد توقيفه إثر اختطافه، الاستماع إلى شهادته في قضية الصدر، مبينة أن لا دور لهنيبعل في اختطاف الصدر، إذ كان وقتها صغيراً في السن، ولكنه قد يملك معلومات تفيد التحقيق، خاصةً وأنه كان مسؤولاً أمنياً في نظام والده حتى سنة 2011، أما حمل هنيبعل صفة اللاجئ السياسي في دولة ما لا يحميه من التوقيف والتحقيق في قضية الصدر في لبنان بحسب العائلة.

القذافي الذي يقبع في زنزانته الخاصة موقوف أيضاً بتهمة التحريض على اختطاف مواطن لبناني في ليبيا لمبادلته به، ويشتكي هنيبعل المتزوج من لبنانية تمنعها سلطات بلادها من دخول أرض وطنها من سوء معاملته وتراجع حالته الصحية الأمر الذي تنفيه السلطات اللبنانية.

في النهاية لا يبدو هنيبعل القذافي الذي عرف بإثارته للمشاكل في أوروبا أيام سلطة والده، مهماً لأي جهة لشخصه، ولكن هو موضوع مساومة مفيدة لأطراف عدة: يحمل الروس قضيته من الجانب “الحقوقي والإنساني” في إطار تعويم آل القذافي والكلام عن دعمهم لسيف الإسلام في ليبيا نفسها، بينما يستعمل النظام السوري القضية للضغط على نبيه بري رئيس حركة أمل لضبط سلوكه وإعادته إلى حظيرة الخنوع للنظام، أما عائلة الصدر وعائلتي المرافقين له، فهي الجهة الوحيدة التي تبدو بريئة في هذه القضية، تبحث عن بصيص أمل يقودها إلى الوصول إلى جواب شاف بشأن الإمام المختطف، الذي يؤكد رئيس لجنة متابعة قضيته توفر معلومات أكيدة عن بقاءه حياً متنقلاً بين السجون الليبية 20 عاماً بعد اختطافه.

تقرير: رجا أمين – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة