ترجمة (الحل) – نشر موقع “Study International” تقريراً عن التقدم الذي حققته المرأة العربية في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات “STEM”. ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول الغربية جاهدة لزيادة نسبة تمثيل المرأة في “STEM” من خلال المجتمع والمدارس والجامعات, تحقق المرأة اليوم تفوقاً في هذا المجال في بعض بلدان الشرق الأوسط. وعلى عكس الأفكار الشائعة, أثبتت المرأة وجودها في مجال “STEM” في الأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة بنسبٍ أعلى من نسب الرجال. كما لا تخشى المرأة في هذه البلدان من الإشارة إلى شغفها للمواضيع التي تستند في جوهرها إلى العلم.  فبحسب منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (اليونسكو), تشكل المرأة في البلدان العربية نسبة 34 إلى 57 % من خريجي مجال STEM””. وهي نسبة تفوق بكثير نظيرتها في جامعات الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى أوروبا.

وفي كتاب «رنا الدجاني» الجديد, «خمسة قبعات» أو «خمسة حجابات», يتم تحطيم الصورة النمطية للمرأة العربية. فقد وصفت «دجاني», أستاذة علم الأحياء الخلوي والجزئي في الجامعة الهاشمية في الأردن, نفسها بأنها نصف فلسطينية، ونصف سورية بجواز سفر أردني, لكنها أيضاً أضافت أنها رائدة اجتماعية حققت تأثيراً حول العالم. وبالإضافة إلى حصولها على شهادة الدكتوراه من جامعة أيوا, وأبحاثها في جامعة هارفارد وبيل وكامبردج, أطلقت «دجاني» أيضاً برنامجاً توجيهياً للعالمات العربيات عبر الانترنت أسمته «ثلاث دوائر من العالمات». ذلك بالإضافة إلى منظمتها غير الحكومية «نحن نحب القراءة», مما يشجع المتطوعين على تعزيز حب التعلم في أحيائهم وضمن جالياتهم.

وبحسب موقع «”Study International, تشكل «دجاني» مثالاً قوياً على زيادة اهتمام المرأة وغزوها لمجال “STEM” في العالم العربي. فقد ذكرت في كتابها الجديد: «تشكل النساء نسبة 64 % من الطلاب الأردنيين في مجالات العلوم الطبيعية والطب والصيدلة وطب الأسنان». ذلك بالإضافة إلى تحقيقهم نسبة 60% من طلاب الهندسة في دول الخليج, مقارنةً بنسبة 30% فقط في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا. وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية, فإن الأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة هي الدول الوحيدة التي تقدم فيها المرأة أفضل ما لديها وتشعر بالراحة أكثر في مجال الرياضيات مقارنة بالرجال.

وفي حديثٍ إلى مجلة “Times Higher Education” البريطانية, تقول دجاني: «رغم الكثير من النماذج النمطية والدعائية عن النساء في بلداننا في مجال العلوم, إلا أنه ليس في الأردن وبلدان الشرق الأوسط فقط, بل أيضاً في جنوب شرق آسيا وحتى في إفريقيا تهتم الفتيات بدخول مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. كما يتلقين التشجيع من آبائهن ومجتمعهن». وبحسب «دجاني», فإن الفتيات في الشرق لا يشعرنّ بالرعب من قول «نحن نحب العلوم» مقارنة بحال الكثيرات في الغرب. وتقول بهذا الخصوص: «هذا ما يجب أن يبدأ الغرب بمعرفته. ففي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة, تكمن المشكلة في جعل الفتيات يدخلنّ مجال STEM… أما في عالمنا نحن فمن الرائع أن تكون المرأة عالمة رياضيات وهو أمرٌ يحترمه الأولاد… النساء العالمات من الشرق الأوسط والمناطق الأخرى من العالم واللواتي حققن نجاحاً نسبياً يجب أن يكونوا في طليعة الجهود العالمية لتحسين ظروف جميع النساء».

كما تسلط «دجاني» الضوء على مفهوم آخر خاطئ وهو أن مجال العلم متخلف في بعض البلدان العربية. فتؤكد «دجاني», التي قضت معظم طفولتها في الولايات المتحدة الأمريكية, على وجود تطور كبير في جودة العلم منذ عودتها إلى مسقط رأسها في العام 2005 وبدأها العمل في الجامعة الهاشمية. إذ تقول: «بالرغم من أن التطور الذي يحصل ليس بالسرعة التي نتمناها… إلا أن العِلم في الأردن ينتشر، ويتم بشكلٍ جيد جداً على المستوى الإقليمي. فحاملي شهادات الدكتوراه يعودون, والذين عادوا في السنوات الأولى من الألفية الجديدة حققوا مناصب عالية, الأمر الذي شجع على تدفق المنح بشكلٍ أسهل بكثير».

وتشكل قصة «شيستا ويز» مثالاً مشرقاً آخر لنجاح المرأة في مجال STEM””, والتي أصبحت أول كابتن طيار مدني في أفغانستان, وهي أول من حصل ضمن عائلتها على شهادة البكالوريوس والماجستير من جامعة “Embry-Riddle Aeronautical”. فقد ولدت «ويز» في مخيمٍ للاجئين في أفغانستان التي غادرتها مع عائلتها في العام 1987 هرباً من الحرب السوفيتية الأفغانية, ليستقروا في كاليفورنيا في منطقة تفتقر إلى إمكانيات التعليم في المدارس. إذ يُستبدل المعلمون باستمرار ويتشارك التلاميذ الكتب مع زملائهم. واعتقدت «ويز» في البداية أن مستقبلها يكمن في الزواج في سنٍ مبكرة وبناء أسرة, إلا أنها سرعان ما اكتشفت حقيقة مستقبلها عندما بدأت التفكير بشأن مهنة الملاحة الجوية والذهاب إلى الجامعة. وقد بدأت حياتها الجامعية بالانضمام إلى برنامج سفير المرأة, وهو مبادرة تسعى إلى تقديم النصح والدعم للشابات الراغبات في متابعة تعليمهنّ في مجال الطيران والهندسة. بالإضافة إلى برنامج “Dreams Soar” من أجل مشاركة قصتها مع النساء حول العالم وتشجيعهن على تحقيق أحلامهن بغض النظر عن التحديات التي يواجهونها بسبب المجتمع والتقاليد. فمهمة “”Dreams Soar هو مشاركة أمثلة لنماذج عن نساء قويات للمساهمة في تعزيز دخول المرأة مجالات “STEM”.

ويختم الموقع تقريره بالإشارة إلى أنه، وعلى الرغم من ارتفاع نسبة خريجات “STEM” في العالم العربي, إلى أنه لا يترجم بالضرورة بتمثيلهنّ نسبة مرتفعة في القوة العاملة. فبحسب البنك الدولي, «بالرغم من حقيقة ازدهار النساء العربيات في مجال التعليم وتخرجهنّ بدرجات عالية, إلا أن هذا النجاح لا يترجم بالضرورة في سوق العمل. فالعديد من النسوة تبقينّ في المنزل سواء برغبتها الشخصية؛ أو بسبب الضغوط العائلية؛ أو الاجتماعية أو الثقافية. وأن 13 من أصل 15 دولة لديها أقل نسبة لمشاركة المرأة في القوى العاملة هي دول عربية». في حين تتغلب بعض النساء على تلك العقبات من خلال إطلاق مشاريعهنّ الناشئة الخاصة بهنّ من منازلهنّ, مستعيناتٍ بمنصات الانترنت للوصول إلى سوق العمل الجديد.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.