تركيا (الحل) – الآلاف من المقاتلين الأجانب وصلوا إلى سوريا للمشاركة في القتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامبة”داعش” أو تحرير الشام (النصرة سابقا) وغيرها من التنظيمات الجهادية، عبروا حدودا مختلفة قادمين من دول بعيدة وصولا إلى الحدود السورية التركية التي تعتبر الأكثر تشديدا من الناحية الأمنية، نظرا للاحتياطات التي تتخذها تركيا على هذه الحدود بهدف منع عناصر “حزب العمال الكردستاني” من التسلل عبرها.

وتظهر الاعترافات التي أدلى بها مقاتلون في صفوف التنظيم وسلموا أنفسهم لـ”قوات سوريا الديمقراطية” أو ألقي القبض عليهم خلال المعارك، أنهم قدموا إلى سوريا من بلدانهم عابرين تركيا، الأمر الذي يثير التساؤلات حول سهولة وصول وتدفق هؤلاء الجهاديين.

محاكمات لا تذكر
ونقلت وكالة “فرنس برس” عن “عبد الكريم عمر” الرئيس المشترك لمكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية التي تتبع لها “قوات سوريا الديمقراطية” “قسد” أن “نحو 800 مقاتل أجنبي من عناصر تنظيم “داعش” محتجزون في السجون إضافة إلى قرابة 700 زوجة و1500 طفل في مخيمات للنازحين.
ويعتبر هؤلاء المقاتلين جزء ممن تبقى من عناصر التنظيم حيث فرّ المئات من عناصره عائدين إلى البلدان القادمين منها أو جيوب داخل البادية السورية؛ أو انتسبوا إلى فصائل جهادية أخرى ما تزال في سورية، فيما قتل المئات خلال المعارك الدائرة في شمال شرق سورية.
وصرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه على الدول الأوروبية استعادة الجهاديين المنحدرين من دولهم ومحاكمتهم، في حين يبدو أن الحكومات الأوربية تتعاطى بفتور مع تلك الدعوة.
ونشرت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية في تقرير لها أن الكثير من نواب البرلمان البريطاني أعربوا عن قلقهم بشأن القوانين الحالية في بريطانيا، إذ أنه لم يتم محاكمة سوى أربعين جهادياً من أصل ثلاثمائة وستين عادوا إلى بريطانيا.

باب الدخول إلى سوريا
والتقى موقع «الحل السوري» مع أحد المهربين سابقاً على الحدود السورية-التركية، والذي عمل في الكثير من عمليات التهريب من وإلى كلا البلدين، حيث أشار إلى أنه منذ منتصف عام 2011 ومع إعلان تركيا عن فتح حدودها أمام اللاجئين السوريين، بدأ المقاتلون الأجانب بالقدوم إلى سوريا بشكل متقطع.
وفي عام 2012 ازداد تدفق المقاتلين الأجانب وخاصة الجهاديين منهم، وبشكل كبير، مع سهولة وصولهم إلى تركيا وعبورهم الحدود سواء عن طريق التهريب؛ أو عن طريق العبور من المعابر الحدودية بشكل نظامي بعد ختم الخروج من المعبر التركي، وذلك إلى أن قامت تركيا في عام 2014 بإغلاق الحدود والمعابر بشكل شبه كامل حيث بات التنقل فقط من خلال التهريب.
وأضاف أن الفترة التي تلت إعلان “الخلافة” من تنظيم “داعش” في ذلك العام، كانت من أكثر الفترات التي شهدت تدفق الجهاديين حاملي فكر تنظيم القاعدة عبر الحدود التركية، مضيفا أن عبور الأجانب كان سهلا، ومعظمهم كانوا يفضلون الدخول إلى سوريا عن طريق التهريب، وخاصة ممن حصلوا على إقامة رسمية “سياحية” في تركيا، حيث يمكنهم العودة من خلال التهريب إلى تركيا والسفر إلى بلدانهم متى ما يشاؤون.

وبحكم عمله في عمليات التهريب في تلك الفترة فقد أشار إلى أن أكثر الجهاديين الذين عبروا الحدود من خلال التهريب كانوا من دول “تركيا، مصر، تونس، ليبيا، روسيا، المغرب، دول الاتحاد الأوروبي وخاصة “بريطانيا”، منوها على أن هناك أكثر من خمسين جنسية أخرى لكنهم كانوا بأعداد قليلة.

مهربين بدرجة الاحتراف

وأوضح أن عمليات التهريب بدأت بالانخفاض بشكل تدريجي مع نهاية عام 2014 وبداية عام 2015 بعد العمليات العسكرية التي بدأ التحالف الدولي بشنها ضد “داعش” والتشديد الأمني من الجانب التركي مع تولي “قوات سورية الديمقراطية” مهمة قتال “داعش”، منوها على أن عمليات التهريب لم تتوقف أبدا إلا أنها باتت أكثر صعوبة وذات تكلفة مالية أعلى.
وأكد على أنه في ذلك الوقت كانت تركيا تمنح الفيزا السياحية لمعظم مواطني الدول التي جاء منها الجهاديون، دون صعوبات تذكر، فضلا عن سهولة الحصول على الإقامة السياحية داخل تركيا، وذلك جعل أمر الوصول إلى الحدود مع سورية أمرا سهلا بالنسبة للأجانب، فحامل الإقامة يمكنه التنقل كيفما شاء ضمن الأراضي التركية.

وعن نقاط التهريب على الحدود أشار إلى أنها كانت كثيرة وبخاصة محيط معبر باب الهوى، وفي بداية الأمر كان التهريب يتم من المعبر ذاته حيث لم يكن الأمن التركي يدقق كثيرا على الخارجين، كما أن هناك عدة نقاط على الحدود كان المهربون يشتغلون فيها وهي عبارة عن مسير عشر دقاق فقط لتعبر من تركيا إلى سوريا.
وفي العاشر من أيار عام 2015 عرضت قناة الجزيرة القطرية، فيلما وثائقيا يتحدث عن تجربة “”أبو غريب” الجهادي الهولندي من أصل مغربي، وكيفية وصوله إلى سورية عابرا الحدود السورية التركية بمساعدة مهربين محترفين.

ويوضح الوثائقي الذي جاء في برنامج “الجهات الأربع” أن “الترتيب يتم مسبقا مع المهربين الذين يعرفون ما جاء من أجله المجاهدون، ويصطحبونهم إلى الأراضي السورية بكل احتراف.”
وفي آب 2015 أيضا عرضت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا قالت فيه إن تركيا هي المعبر الأكبر والرئيس للمقاتلين الأجانب نحو سورية والعراق، مشيرة إلى أن تركيا ترفض تلك الاتهامات بقوة.

ويُشار إلى أن “قوات سوريا الديمقراطية” أعلنت مؤخرا عن قرب نهاية العمليات العسكرية ضد “داعش” والذي انحسر في بقعة ضيقة على نهر الفرات في ناحية الباغوز شرق دير الزور في شمال شرق سورية، وذكرت أن العمليات دخلت مرحلة النصر، متوعدة بملاحقة الخلايا التابعة للتنظيم.

إعداد: جمال خطاب – تحرير: أروى السعدي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.