أطفال سوريون يحملون الحرب في مخيلاتهم… مخيم الركبان نموذجا

أطفال سوريون يحملون الحرب في مخيلاتهم… مخيم الركبان نموذجا

ريف دمشق (الحل) – ألقت الحرب بظلالها خلال السنوات الماضية على المجتمع السوري، وكان الأطفال من دفع الفاتورة الأكبر خلالها، بعد تعرضهم لواحدة من أعتى النكسات وأطولها، والتي تسببت بتغيير سلوكهم وزعزعة حالتهم النفسية، وطبع آثار سيئة داخلهم تحتاج لوقت وجهد لعلاجها.

وتعددت الأزمات التي تعرض لها الكثير من الأطفال السوريين، مثل فقدان ذويهم، وانقطاعهم عن التعليم والنزوح ومعايشة ظروف الحرب من قصف ودمار واعتقالات، إضافة للأمراض النفسية وانعدام الشعور بالطفولة، والحاجة لكل ما يرتبط بالحنان والهدوء والطمأنينة المفقودة.

الناشط الإعلامي سعيد سيف تحدث “للحل” عن حالة الأطفال في #مخيم_الركبان، وقال أنّ معظم الأطفال في المخيم يعانون من اضطرابات نفسية، لكن هذه الآثار لن تظهر في فترة وجودهم داخل المخيم، كونهم يعيشون في محيط مماثل لحالتهم النفسية، والجميع بدون تعليم أو رعاية صحية، إلّا أنّها ستظهر في الوقت الذي سيخرجون فيه من المخيم ليشاهدوا أطفالاً بحياةٍ مختلفةٍ تماماً عن الحياة التي يعيشونها، وستكون مساعدتهم مهمة صعبة للغاية، حسب قوله.
وأشار سيف إلى أنّ أهم سبب لمعاناة هؤلاء الأطفال هو الوضع الإنساني السيء للغاية في المخيم، حيث يدفع كثير من الأهالي أبنائهم للانضمام إلى الفصائل العسكرية التابعة للمعارضة، لتأمين وجبات طعام والحصول على مبلغ مالي بسيط يساعدهم في التغلب على هذا الوضع المتردِ، مؤكداً أنّ الأطفال في حالة صعبة بسبب الأفكار التي يتم زرعها في عقولهم، ناهيك عن الأخطار المترتبة على انضمامهم للفصائل المسلحة.

الخوف الشديد والقلق المستمر والشرود أكثر ما يعاني منه الأطفال الذين كانوا في مناطق المواجهات العسكرية بين فصائل المعارضة وقوات النظام، حيث تروي ريم الدوماني (والدة لطفلين من #الغوطة_الشرقية) “للحل” ما يعانيه طفلاها بسبب ما عاشوه خلال السنوات الماضية والتي شهدت واحدة من أقوى الحملات العسكرية للنظام، والتي استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة، وقالت أنّ أحدهما يبقى شارداً معظم الوقت، على الرغم من محاولات إشغاله عن ذلك بطرح الأسئلة ومحاولة تسليته، وعند سؤاله بم يفكر يتحدث عن أصوات القذائف والغارات التي لا تفارق تفكيره. بينما الآخر يصحو كثيراً من نومه ويطلب أن يبقى أحداً بجانبه بسبب خوفه الشديد، علماً أنّه لا يوجد ما يسبب ذلك، سوى الذكريات التي تعصف به في كل ليلة، حسب ما ذكرت.

وأضافت الدوماني أنّ التوتر النفسي لم يؤثر على مزاج الطفلين بل أصبح سلوكهما مختلفاً، وأصبحت ألعابهما أكثر عدوانية، وقد حصل أن قام ابنها بضرب صديقه بالعصا دون أن يدرك خطورة ذلك وتسبب له بجروح في جسده ورأسه، وتم تدارك ذلك من خلال تنبيهه وتوعيته، لكن لا تزال كل الاحتمالات واردة وبالتالي أُجبرت على الرقابة الدائمة لهما.
الدكتور سعد الأحمد (طبيب نفسي في دمشق) قال للحل إنّ معظم أطفال المنطقة يعانون اضطرابات نفسية، فمنهم يعاني بسبب فقدانه لقريب، وآخر بسبب إصابة خلفتها الحرب في جسده، والكثير يواجهون حالة صعبة من استحضار التجربة القاسية التي ، مؤكداً أنّ شهادات وصلته تشير إلى أنّ الأطفال من مناطق المواجهات والحصار يعيشون حالة اكتئاب وعند إعادتهم إلى التعليم يتحدثون عن معاناتهم أو يعبرون عنها بالرسم، فمنهم من رسم أطفال مقتولين، أو لحظات القصف.

وأشار الأحمد إلى أنّ ما يعانيه الأطفال هو حالة مما يعرف بـ “التوتر السام” وهو اضطراب شديد في المشاعر، ويمكن أن يتطور هذا الأمر إلى أمور أخطر من المرض النفسي، ويتعداه إلى الجريمة أو إيذاء الذات والانتحار، أو تعاطي المخدرات مع مرور الوقت، ويجب تنفيذ خطوات عملية لعلاجه، ولا يمكن ذلك إلّا بوجود دعم دولي كبير لهذا الموضوع، لا سيما وأنّ المؤهلات والأوضاع العامة لا تساعد الأهالي على علاج أبنائهم وتخفيف وطأة المعاناة عنهم نهائياً.

ولا تزال الجهود المبذولة في هذا الصدد خجولة جدا، وقد اختزلتها #اليونسيف بتقديم البسكويت للمدارس وبعض الكتب التوعوية التي لا تلقى اهتماماً من الطلاب، بحسب ناشطين.

إعداد: سليمان مطر – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.