وكالات (الحل) – نشرت صحيفة «لوباريسيان» الفرنسية يوم أمس، تقريراً تناول إستراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، الجديدة بعد انهيار دولة “الخلافة”. فالنصر على التنظيم بات وشيكاً، وقوات سوريا الديمقراطية تطارد فلول من تبقى من الجهاديين المتحصنين في آخر معاقل التنظيم في الباغوز. وباستثناء بعض الجهاديين المتعصبين الذين قرروا بوضوح الموت بدلاً من الاستسلام لقوات سوريا الديمقراطية، فإن تنظيم «داعش» قد انتهى “مادياً” في سوريا. وبالتالي فإن دولة “الخلافة”، التي امتدت في عام 2016 حتى وصلت إلى حجم بريطانيا العظمى في كلٍّ من سوريا والعراق، قد تم إزالتها عن الخارطة تماماً. ومع ذلك فإن تنظيم «داعش» ينبعث من جديد وإن كان في هيئةٍ أخرى.

ويكشف التقرير بأن تنظيم «داعش» أقل بكثير مركزيةً من تنظيم القاعدة. فالتنظيم قد حضّر نفسه منذ أكثر من عام كي يبقى على قيد الحياة وذلك بالاعتماد على نفسه من خلال تحويل قدراته التشغيلية إلى خلايا نائمة. وهذا التنظيم الإرهابي ما يزال يمتلك شبكة تتكون من الآلاف من الموالين خاصةً في العراق وبدرجةٍ أقل في سوريا. وهذه الشبكة قد انتقلت بالفعل إلى النضال (الجهاد) السري. والدليل على ذلك العديد من الهجمات الإرهابية التي شهدتها العراق مؤخراً، بالرغم من أن بغداد قد بدأت بالعودة إلى الحياة شبه الطبيعية. ففي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، شهدت العاصمة العراقية تظاهرةً لسائقي الدراجات النارية. وهو مشهد لم يكن من الممكن تصوره منذ بضعة أشهر فقط.

وتكشف «لوباريسيان» بأنه وبالإضافة إلى الخلايا النائمة في كلٍّ من العراق وسوريا، والتي لها دون أدنى شك فروعٌ وتشعبات في أوربا لاسيما فرنسا، فإن تنظيم «داعش» قد تمكن من أن يصدّر نفسه إلى العالم. ولكن بحصصٍ مختلفة باختلاف الدول. ويتمثل هذا التصدير في بعض الأحيان بعودة الجهاديين الأجانب إلى بلادهم لاسيما في روسيا، والتي تشهد عودةً غير مسبوقة لمقاتليها الذين حاربوا في صفوف «داعش». لكن هذا التصدير يتمثل كذلك بالإسلاميين المحليين الذين يتبعون لداعش بشكلٍ أو بآخر. فتنظيم «داعش» أقل مركزية من تنظيم القاعدة. وفي ليبيا كذلك، حيث ازدهر تنظيم الدولة الإسلامية بسبب الفوضى التي اعقبت انهيار نظام معمّر القذافي، خسر الجهاديون أخيراً المناطق التي كانوا يسيطرون عليها في مواجهة القوى المحلية وذلك بعد نكسةٍ كبيرة جداً في سِرت. وبعد انقطاعه عن السكان, فإن التنظيم لم يعد حاضراً سوى في وسط البلاد فقط.

ويضيف التقرير بأن محاولة زرع تنظيم «داعش» في مالي لم تكن ناجحة. فقد أعلن الجيش الفرنسي في السادس والعشرين من شهر آب الماضي أسره لمحمد آج المنير، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، وهو فرع لتنظيم «داعش». وبالتالي باتت الغالبية العظمى من القوى الجهادية في هذه الدولة الضخمة تحت لواء تنظيم القاعدة وتحت أمرة زعيم الطوارق إياد آغ غالي. وفي مصر، كان على نظام عبد الفتاح السيسي شن هجوم كبير في شهر شباط من العام الماضي ضد حركة ولاية سيناء، وهي كذلك فرع لتنظيم «داعش». حيث هزّت هجماتها الإرهابية القاتلة عرش النظام الحاكم في مصر. وفي اليمن المجاورة، أقحم تنظيم الدولة الإسلامية نفسه في الصراع السياسي العسكرية المعقّد في البلاد. حيث دخل في بعض الأحيان في صِدامٍ مباشر مع الأخوة الأعداء في تنظيم القاعدة. الأمر ذاته ينطبق على واقع الحال في أفغانستان، حيث لم يكن تنظيم «داعش» على وفاقٍ دائم مع حركة طالبان المحلية.

وتختم «لوباريسيان» تقريرها بالإشارة إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية، قد صدّر نفسه إلى آسيا كذلك. فهو حاضر وبقوة في أندونيسيا، حيث نفّذ جهاديوا التنظيم سلسلة من الهجمات الإرهابية في جزيرة جافا في العام الماضي. لكن يبقى نجاح تنظيم «داعش» الأكبر في الفلبين، حيث تمكن التنظيم من توحيد الحركات الجهادية المختلفة في البلاد. وقد تمكن مقاتلو التنظيم من الوقوف في وجه الجيش الفلبيني لمدة ثلاثة أشهر في مدينة ماراوي.

تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.