تحول العلاقة الجنسية بين الزوجين إلى “أداء للواجب”…عدم رضا فنفور فانفصال… كيف نتجنب انهيار العلاقة؟

تحول العلاقة الجنسية بين الزوجين إلى “أداء للواجب”…عدم رضا فنفور فانفصال… كيف نتجنب انهيار العلاقة؟

(الحل) – يعاني كثير من الأزواج من برود في العلاقة الجنسية، مرده عدم الشعور بالرضا عن العلاقة، والتي قد تتحول مع الوقت إلى مجرد “أداء للواجب”، فتصبح عبارة عن عملية ميكانيكية لا تحقق الرضا والراحة النفسية التي من المفترض أن تحدثها بعد اللقاء الحميمي، والتي تعد أحد أهم العوامل التي تقوي وتزيد من متانة الرابطة العاطفية والاجتماعية بين الزوجين.

ويُقصد بالرضا الجنسي حصول الزوجين على ما يطمحان له من إشباع للرغبات، وتُشير الدراسات إلى أن معظم المشكلات الزوجية تكون نابعة  في الأساس من عدم التوافق في العلاقة الجنسية، وعدم تمكن الزوجين من إيجاد الحلول لهذه المشكلة أو إهمالها، وهو ما يُفضي إلى اتساع الفجوة بين الزوجين، والتي قد تنتهي بالانفصال.

تطلب سعاد ـ البالغة من العمر 28 عامًا ومتزوجة منذ نحو 3 سنوات ـ المشورة لإنقاذ علاقتها الزوجية من الانهيار، فقد أصاب علاقتها الجنسية الفتور نتيجة عدم التوافق فيها، وهو ما أثر على علاقتها مع زوجها ككل، وتتساءل سعاد كيف بالإمكان تحقيق رضا الطرفين في العلاقة، وإعادة التقارب والانسجام الذي كان سائدًا في بداية الحياة الزوجية.

موقع الحل وجه أسئلة سعاد للدكتور “بسام عويل” وهو اختصاصي بعلم النفس العيادي والصحة النفسية، وعلم النفس الجنسي والصحة الجنسية، ويعمل بمنصب بروفيسور أكاديمي في الجامعات البولندية منذ حوالي 23 سنة، كما له ما يقارب مئة مقالة علمية وفصول في كتب باللغات البولندية والعربية والروسية والإنكليزية، إضافة إلى 13 كتابًا كان آخرها “علم النفس الجنسي العيادي”.

الدكتور بسام عويل صاحب موقع "بسام عويل للاستشارات النفسية والجنسية المأجورة أونلاين" على الفيس بوك

الدكتور بسام عويل صاحب موقع “بسام عويل للاستشارات النفسية والجنسية المأجورة أونلاين” على الفيس بوك

عدم رضا فنفور فانفصال

يؤكد د.عويل أن الحياة الجنسية الناجحة هي جزء مهم جدًا من العلاقة الزوجية، وإن عدم الرضا عن العلاقة الجنسية على المدى الطويل سينجم عنه مشكلات عديدة تبدأ بالابتعاد وتجنب الجماع والنفور منه، وقد تنتهي بالانفصال أو الخيانة دون أي شعور بالذنب تجاه الشريك أو الشريكة، إذ قد يفكر كل منهما بأنني “لا أريد أن أكون مع شريك لا يستطيع أن يرضيني جنسيًا”.

ويسعى الكثير من الأزواج في بداية حياتهم الزوجية للحصول على أفضل انطباع عند شركائهم، ونجدهم يصفون العلاقة بأنها الأفضل بغض النظر عن مستوى رضاهم الجنسي، ولكن ذلك لا يدوم مع الوقت.

ففي بداية العلاقة يجد كلا الشريكين صعوبة في التحدث علانية عن الجنس مع الشريك الآخر، سواء بما يخص مشكلاته أو رغباته أو تفضيلاته، إضافة إلى أنهما يعتقدان أن الرضا الجنسي سيأتي مع الوقت وبزيادة التقارب والانسجام وبأنهما سيتمكنان من خلق أسلوب فريد خاص بهما في العلاقة الجنسية، إلى جانب اقتناع كل منهما أن الأهم والأولى هو إرضاء الشريك.

ويعتبر د.عويل أننا وفي حياتنا الجنسية يجدر بنا أن نكون أنانيين – بالمعنى الصحي للكلمة ـ كما علينا أن نسعى لتحقيق التوازن بين الرضا الجنسي مع الشريك والوصول للنشوة الجنسية، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق والتفضيلات والخبرة والحالة الصحية، وكذلك الضغوط الاجتماعية والمهنية.

طريق طويل

ويرى د.عويل أن مجرد وجود علاقة حب ورغبة بالعيش المشترك لدى الشريكين لا يضمن لهما مستوى معين من الارتياح الجنسي، إذ قد يحتاج بعض الأزواج إلى عدة سنوات للوصول إلى الرضا المتوقع، وقد لا يصلون إليه نهائيًا، فالرضا في العلاقة الحميمية طريق طويل لا يمكن الوصول إليه قبل أن يكتشف الشريكان أسرار الجنس الناجح سوية بأنفسهم أو بمساعدة إختصاصي.

أهمية التوافق الجنسي

وتنعكس أهمية الرضا الجنسي بين الزوجين في كونه يلعب دورًا أساسيًا بإنجاح علاقتهما الزوجية ككل، ولأنه يشتمل على نوع فريد من طرق التعبير عن المشاعر الحميمية التي تربطهما.

وتؤكد الأبحاث أن الحفاظ على درجة مقبولة من السخونة في العلاقة الجنسية أمر مهم جدًا لمعظم الرجال والنساء.

إذ اعترف حوالي 50% من الرجال و35% من النساء بأنهم سيفكرون جديًا بالانفصال أو الخيانة في حال لم يتمتعوا بحياتهم الجنسية.

أسباب عدم الرضا الجنسي

ويُرجع د. عويل عدم الرضا في العلاقة الحميمية إلى عوامل عدة عادة ما تتشابك مع بعضها ليصبح من الصعب فصلها أو معرفة إن كانت سببًا أم نتيجة، وهو يعتبر أن عدم الوصول إلى النشوة الجنسية، والفجوة بين ما نحتاجه ونتوقعه من الشريك وما نحصل عليه بالفعل، سيقود إلى إضعاف الرغبة الجنسية تجاهه، وبالتالي نسف أهم أساسات العلاقة الحميمية معه.

ويشير د. عويل إلى أنه قد يقف وراء ضعف الرغبة الجنسية تجاه الشريك وبالتالي عدم الرضا عن العلاقة الحميمية عوامل منها:

ـ الاضطرابات الهرمونية.

ـ الإجهاد الدائم.

ـ تناول بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب أو حبوب منع الحمل.

ـ تبني مبدأ رفض التقارب كطريقة لمعاقبة الشريك.

ـ تنامي المشاعر السلبية ومشاعر خيبة الأمل بين الشريكين نتيجة النزاعات المستمرة بينهما.

ـ الشعور بالندم والمظلومية.

ـ الفتور العاطفي.

ـ النزاع على المكانة.

كما أنه وفي بعض الأحيان قد يعود عدم الرضا الجنسي إلى الاختلاف في التفضيلات الجنسية بين الشريكين، أو إلى بعض الاضطرابات الوظيفية كاضطراب الرغبة الجنسية، وضعف الانتصاب و القذف المبكر عند الذكور، وكذلك آلام الجماع وغيرها، إذ تترك هذه الاضطرابات أثرها بخصوص أمر الاستمتاع بحياة جنسية ناجحة، والوصول إلى النشوة الجنسية.

ضرورة التعامل مع المشكلة قبل استفحالها

ومن خلال عمله العيادي يؤكد د. عويل أن هناك نسبة كبيرة من الزيجات يعاني فيها الشركاء من عدم الرضا عن العلاقة الحميمية، وهو الأمر الذي يؤدي في أحيان كثيرة إلى التباعد تدريجيًا حتى الوصول إلى الانفصال الجنسي.

إذ يكون الجنس في بداية العلاقة مصدرًا للارتياح لكلا الشريكين، كما أن مستوى الشغف والانبهار المتبادل يكون بأعلى مستوياته، لكن ومع مرور الوقت والروتين اليومي وعدم الاهتمام بالصحة الجنسية إلى جانب العوامل التي سبق ذكرها، تبدأ الفجوة في العلاقة الحميمة بالتوسع والعمق، ويتحول التقارب الحميمي إلى نوع من الواجب ومهمة للالتزام بالوفاء تجاه الشريك، ولاحقًا يبدأ أحد الشريكين بتجنب الاتصال الجنسي، وهو ما قد يستمر لأسابيع وبعدها لأشهر وهكذا حتى يختفي من العلاقة وينقطع نهائيًا.

ويحذر د. عويل من أن إحساس أحد الشريكين أو كليهما ببدء هذه الفجوة وما سيرافقه من شعور بالإحباط وعدم الرضا سيزيد من احتمال انهيار العلاقة.

ويشير إلى أنها ستكون اللحظة الحرجة للبدء بإعادة النظر في شكل وماهية العلاقة الجنسية وحاجات الشريك، وإلى ضرورة البحث عن استشارة اختصاصية بهدف الحصول على المساعدة التي ستحمي العلاقة من الانهيار، وستسهم بالمحافظة على وظيفة العلاقة الحميمية بكونها مصدرًا للمتعة ووسيلة لتغذية الحب المتبادل وتمتين العلاقة.

إعداد نينار خليفة – تحرير سامي صلاح

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.