بغداد- وسام البازي

قد يكون تنظيم “داعش” انتهى وجوده في #العراق، كجماعةٍ تسيطر على أراضٍ من مدن ومحافظات وتدير شؤونها بمعزلٍ عن العالم الخارجي، إلا أن الخطر الحقيقي والمخيف لا يزال يرافق المدن التي تضمّ أُسر متطرّفة موالية لـ #داعش في الخفاء مثل مناطق أطراف محافظة صلاح الدين وأقضية في الأنبار، خاصة في بساتين (المطيبيجة والمسحك ومكحول وبلدات غرب بيجي والشرقاط وصولاً إلى النخيب الحدودية مع كربلاء التي تقع وسط البلاد).

ومع ذلك تزداد المخاوف من عودة التنظيم، خصوصاً مع استمراره بتنفيذ هجمات مسلحة بالاعتماد على إرباك الوضع الأمني أولاً، مستخدماً نقاط تفتيش لقتل العناصر الأمنية من الجيش والشرطة والحشد، أو عبر استخدام الأساليب القديمة التي ابتكرها تنظيم (القاعدة)، مثل السيارات الملغومة أو العبوات الناسفة، بغية تجميع قواه والعودة إلى ترميم وضعه ومحاولة استعادة (دولة الخلافة).

مراقبون وسياسيون يحذرون من عودة تنظيم “داعش” إلى بعض المناطق من خلال الخلايا النائمة أو العناصر الإرهابية القادمة من سوريا أو دول أخرى، في حين يشير آخرون ومنهم قادةٌ عسكريون في العراق، بأن البلاد لم يعد يشكل حاضنة للإرهابيين، خصوصاً بعد التجربة المريرة التي مرّ بها أهالي المحافظة التي احتلها التنظيم عام 2014 وتحررت تباعاً حتى نهاية العام 2017.

تقارير أجنبية، ومنها ما يصدر عن الأمم المتحدة، قالت مؤخراً إن «داعش لا يزال يشكل تهديداً باعتباره تنظيماً عالمياً بقيادة مركزية على الرغم من تحوّله إلى شبكةٍ سرية في كلٍ من العراق وسوريا».

موضّحةً أن «أكثر من /3/ آلاف من مقاتلي التنظيم ما زالوا ناشطين حالياً في العراق وتفيد التقارير بأن التهديد المتبقي في العراق مصدره العناصر المحلية المتبقية من داعش والمقاتلون الذين يعبرون الحدود قادمين من سوريا».

قادةٌ عراقيون وزعماء أحزاب، من بينهم عمار الحكيم، قال في وقتٍ سابق خلال اجتماعٍ مع أعضاء حزبه (تيار الحكمة)، إن «عودة الانتكاس الأمني للبلاد، وهناك ضرورة للحفاظ على المنجز الأمني الذي تحقق على أيدي القوات الأمنية العراقية والحيلولة دون المزيد من ارتكاب الأخطاء».

ما يشير إلى أن التنظيم الإرهابي فعلاً يحاصر العراقيين، وأكد على ذلك رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، بالقول اإن «تنظيم داعش الإرهابي لم ينته في العراق وعاد بقوة لبعض المحافظات».

عضو تحالف (الفتح) عبد العظيم الدراجي، قال لـ الحل العراق، إن «التنظيم انتهى، ولم يعد لديه قوة للقتال أو عديد يحارب بهم ولا قادة يسمع منهم، والحديث عن احتمالية عودته إلى العراق من جديد، لا يعدو كونه تصريحات إعلامية غرضها تعكير العملية السياسية وتحييد الجهود الأمنية».

مُنوّهاً إلى أن «عناصر داعش ممن هم خارج العراق، لا يمكنهم العودة لأن الحدود العراقية السورية مؤمّنة أرضاً عبر الجيش (قوات حرس الحدود) وفصائل المقاومة (الحشد الشعبي)، وعبر طيران التحالف الدولي، الذي يستمر بضرب أوكار التنظيم في تلك المناطق».

ويعتقد الدراجي، أن «من يتحدث عن ملف عودة “داعش”، يحاول أن يبتز الأحزاب السياسية العراقية من أجل الحصول على مناصب أو أموال، لكن هذا الأمر لا ينطلي على بعض القيادات العراقية والشخصيات السياسية».

موضّحاً أن «الخلايا النائمة المتواجدة في مناطق الحويجة بكركوك مثلاً، لا تزال تمثل خطراً على أهم المحافظات العراقية وأكثرها من حيث الاقتصاد والنفط والثروات الطبيعية».

من جهته، بيَّن المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية تحسين الخفاجي، أن «الخلايا النائمة في مناطق شمالي وغربي البلاد، لا تزال تتسبّب بمخاطر على حياة المدنيين، مع ذلك، فإن الجهود الاستخباراتية مستمرة في ملاحقة فلول التنظيم».

مشيراً في حديثٍ لـ الحل العراق، إلى أن «عناصر داعش لا تجرؤ على أن تتجمّع من جديد، سواءً بصورةٍ علنية أو حتى سرية، لكنهم يختبؤون في جيوب بين الصحارى والغابات، مستغلين تضاريس تلك المناطق لتنفيذ عملياتٍ مباغتة».

ولفت إلى أن “الحديث عن إمكانية عودة التنظيم وتنفيذ هجمات مسلحة بصورة شبيهة بالسابق، حين وقعت الحرب بين الجيش العراقي وداعش، هو ضربٌ من الخيال، ويمكننا القول أن التنظيم انتهى رسمياً وعملياً وإعلامياً».

«تخوّف الساسة العراقيين من المكون العربي السُني، من عودة التنظيم الإرهابي، تعاظم عقب القرارات الأميركية وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخصوص هذا التنظيم، لا سيما بعد القرار المفاجئ لـ ترامب في ديسمبر كانون الأول القاضي بسحب القوات الأميريكية من سوريا» بحسب عضو تحالف القرار عيسى الدليمي.

الدليمي في تصريحٍ لـ الحل العراق، قال إن «التنظيم الإرهابي لا يزال يمثل هاجساً مخيفاً لأهالي الأنبار والموصل تحديداً، لا سيما وإن هاتين المنطقتين قريبتين من الحدود العراقية السورية، وانسحاب القوات الأميركية قد يجرّ التنظيم إلى تنفيذ عمليات إرهابية على الحدود، والتفكير مجدداً بملف العودة إلى الموصل، في سعيٍ لإعادة  الخلافة».

وجاء تعليق مستشار الأمن القومي العراقي فالح الفياض، على هامش مشاركته في مؤتمر الأمن بـ (ميونيخ)، بشأن ظهور جديد لتنظيم داعش بهيكلية واسمٍ جديدين، صاعقاً للأوساط السياسية المؤمنة بعدم عودة التنظيم، في حين أثلج هذا التصريح قلوب الساسة السنة الذين يريدون بقاء القواعد الأميركية في مناطقهم، مع الإبقاء على نفس القوات في سورية لحماية الحدود.

إلى ذلك، قال المراقب للشؤون العراقية، عبد الله الركابي، لـ (الحل العراق)، إن «الحكومة العراقية والقيادات ضمن ما يُعرف بالخط الأول، يعرفون جيداً أن المدعو أبو بكر البغدادي لا يزال يمثّل خطراً حقيقياً على العراق وأمنه، وإلا فإن دخول الطائرات الحربية العراقية إلى الأجواء السورية وقصف تجمعات لتنظيم داعش، ما هو إلا دليلٌ على محاولة العراق لإبعاد الخطر عنه، وبصراحة هذا الأمر ليس حباً في سورية، إنما خوفاً من عودة التنظيم إلى العراق».

لافتاً إلى أن «عودة التنظيم يضر العراق كثيراً، مالياً، أمنياً ومعنوياً، لكن إيران ستكون المستفيدة أكثر، لأنها ستعمل على استعادة قوتها في المنطقة بعد أن انتكست بسبب العقوبات الأميركية، وتحقق مكاسب كبيرة من خلال تأسيس فصائل مسلحة جديدة تقاتل تحت مسمى الحشد الشعبي أو ربما تبتكر مؤسسات جديدة، وتوسع دائرة نفوذها في العراق وسوريا أكثر وأكثر، بمساعدةٍ روسيّة ولبنانية».


الصورة المُرفقة تعبيريّة من أرشيف غوغل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.