إعلام «محور الممانعة» – الجزء الثاني: الميادين… الذراع الإعلامية الخارجية

إعلام «محور الممانعة» – الجزء الثاني: الميادين… الذراع الإعلامية الخارجية

لبنان (الحل) – إن كان لحزب الله وما يمثله سياسياً أدواته الإعلامية الداخلية التي تناولها المقال السابق كتلفزيون #المنار وإذاعة النور، فهو يحتاج أيضاً إلى أدوات إعلامية خارجية، تخاطب دول الجوار والعالم وتعبر عن وجهة نظره بطريقة تبدو احترافية متوزانة وموضوعية، بعيدة عن الإيديولوجيا الإيرانية والتشدد الديني، وفي هذا السياق تتصدر قناة #الميادين لائحة هذه الأدوات الإعلامية الضرورية.

للحديث عن قناة الميادين لا بد من الحديث عن الرجل الذي يقف وراءها أي الإعلامي المشهور غسان بن جدو الذي عرف على صعيد واسع من خلاله عمل في قناة الجزيرة.

ولد بن جدو في تونس سنة 1962 لأب تونسي «مسلم سني» وأم لبنانية «مسيحية مارونية»، وتزوج لاحقاً من إيرانية «شيعية» وهناك مصادر متعددة تأكد «تشيعه» احتجاجاً على ممارسات الحركات الإسلامية «السني».

بدأ عمله الصحفي كمراسل لجريدة #الحياة في الجزائر، ثم مراسلاً لـ«بي بي سي» في العاصمة الإيرانية #طهران، فمديراً لمكتب الجزيرة هناك، ولاحقاً انتقل ليدير مكتب الجزيرة في بيروت من سنة 2004 حتى استقالته سنة 2011.

اشتهر بشكل خاص بحضوره الهادئ ولباقته ولقائه مع #حسن_نصر_الله خلال حرب تموز 2006، ودوره في قصة نشر فيديو أبو عدس في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق #الحريري سنة 2005.

يقول بن جدو أنه غاب قسرياً عن #تونس مدة 21 سنة بسبب نشاطه السياسي المعارض لنظام بن علي الذي عرض عليه مناصب ومراكز قيادية رفضها بن جدو لمعارضته النظام. ونسب إلى نفسه أنه وُضع لمدة سنة ونصف على لائحة الممنوعين من دخول الأراضي السورية عقب اغتيال رفيق الحريري.

جاءت استقالة غسان بن جدو من #الجزيرة على نحو مفاجئ للمتابع العادي، لكن يبدو بحسب معلومات متقاطعة أنها لم تكن مفاجئة للمسؤولين عن قناة الجزيرة، إذا واجهت بن جدو مشاكل عديدة قبل استقالته، أدت إلى زيارة لجنة تحقيق من مركز القناة في الدوحة إلى بيروت، لتكشف قضايا تجاوزات مالية وفساد من بن جدو الذي قدم استقالته في تلك اللحظة من قناة الجزيرة.

برر بن جدو استقالته لأسبابٍ عديدة أهمها “أن قناة الجزيرة أنهت حلماً كاملاً من المهنية والموضوعية، وباتت تلك المهنية في الحضيض، بعدما خرجت الجزيرة عن كونها وسيلة إعلام، وتحولت إلى غرفة عمليات للتحريض والتعبئة” وفقاً لتعبيره. ومنعت هذه الخطوة الاستباقية من بن جدو مسؤولي القناة من ملاحقته لمخالفاته المالية التي كانت لتبدو حينها تهماً كيدية أطلقت بسبب استقالته من القناة وانتقاده لها.

بدأت فكرة «الميادين» بحسب بن جدو عقب الاستقالة من الجزيرة، ولاقت فكرته- فكرة أخرى- كانت تسبقها زمنياً وهي قناة «الاتحاد» لمؤسسها نايف كريّم اللبناني الذي كان حتى سنة 2003 المدير العام لقناة «المنار» التابعة لحزب الله، ومسؤول الإعلام المركزي في حزب الله، إلا أنه استقال إثر نشره مقالاً ينتقد فيها بعض الممارسات «الشيعية العاشورائية»، وسافر ليعمل في قناة «دبي» قبل أن يعود سنة 2010 إلى لبنان للعمل على مشروع قناة «الاتحاد» التي انطلقت في السنة التالية.

بعد الاتفاق على الاندماج بين «الاتحاد» حديثة الإنطلاقة و«الميادين» التي كانت مجرد فكرةٍ آنذاك، دب الخلاف بين رئيس مجلس الإدارة غسان بن جدو والمدير العام نايف كريم في نزاع حول صلاحيات كل من الرجلين وانتهى ببيع حصة كريم إلى بن جدو بعد ما قيل أنه وساطة؛ أو تدخل مباشرة من حسن نصرالله لحسم الخلاف، وهكذا أصبح #غسان_بن_جدو هو الشخص الأول في الميادين.

في سياق هذا الخلاف والحل الذي تم توصل إليه قيل أن حزب الله قد سدد أربعة ملايين دولار لكريم عن بن جدو للتخلي عن حصته، وهو الأمر الذي نفاه بن جدو في إطار جزمه بأنه لم يتلق دولاراً واحداً من نصرالله أو حزب الله، وإن كان قد عبر عن ألا مانع لديه من تمويل إيران للقناة في حال احترامها لسياساتها.

منذ الإعلان عن تأسيس القناة وحتى اليوم، بقي سؤال مصدر التمويل مطروحاً، وهو سؤال لم يتهرب بن جدو وزميله المشارك في التأسيس ومدير الأخبار سامي كليب من الجواب عليه، فتارةً هي شخصيات سعودية وفلسطينية ولبنانية ستشارك في التمويل، وطوراً هناك أسهم بقيمة 100 دولار للسهم الواحد، وفي حين آخر كان التمويل يأتي من رجلي أعمال فقط وهو تمويل لمدة ثلاث إلى خمس سنوات فقط بحسب بن جدو.

منتج لبناني مطلع يقول إن القناة هي عبارة عن مشروع مشترك بين الإيرانيين ورامي مخلوف، وهو أمر لا يمكن التأكد من صحته، ومن جهته تتعدد روايات سامي كليب شريك بن جدو وزوج مستشارة الأسد الإعلامية لونا الشبل في حينه حول موضوع التمويل، فهو إما لا يعلم من هو الممول، ثم لا يعلم ولكنه ينفي بحزم أن يكون سوريا أو إيران، ثم يعود إلى رواية شريكه حول رجال أعمال مجهولين.

كتمان أمر التمويل يؤكد كل المؤشرات عن وقوف حزب الله وإيران وراءه بحسب عدد من الصحفيين اللبنانيين، وفي واقع الأمر، لا يبدو انتساب القناة للمحور الإيراني موضوع نقاش أو خلاف، فهو كالحقيقة التي يعلمها الجميع ولا يجاهر أهلها بها.

تأتي أهمية دور قناة «الميادين» من قدرتها على مخاطبة جماهير لا تخاطبهم قنوات تنتمي علناً للمحور الإيراني وتشبهه، فتلك، لغتها الأيديولوجية والدينية، وإمكانيات إنتاجها المتواضع بل حتى أن الذوق العام فيها يبدو مختلفاً. بينما تأتي الميادين متحررة من الانتماء الرسمي الإيراني، متخففة من ثقل هذا الانتماء باللغة والشكل، لتخاطب الجمهور العربي خارج لبنان ومن غير «الشيعة».

ففي حين تتكفل المنار والنور داخل #لبنان بتعبئة الكوادر المحلية الموالية لحزب الله على أسسٍ طائفية وتوجيهها، يتركز دور «الميادين» على مخاطبة معجبي حزب الله وإيران من خارج تلك الصفوف على خلفية مقولات المقاومة ضد إسرائيل، والوقوف في وجه الإمبريالية العالمية مستعينة بشخص أسس مصداقية دمثة سابقة عبر الجزيرة مثل بن جدو، وإعلاميين كسامي كليب صاحب برنامج زيارة خاصة في الجزيرة، وغسان الشامي القومي السوري المتخصص في اللعب على وتر الإسلاموفوبيا والتهجم المبطن على الإسلاميين، ومجموعة من التقنيين المحترفين الذين نجحوا بالتضافر مع علاقات واسعة لبن جدو والممولين الحقيقيين للقناة في تقديم صور محترفة وخطاب ظاهره مطابق لشعار القناة “الواقع كما هو”، ومضمونه التسويق لخامنئي والأسد ونصرالله.

تقرير: رجا أمين – تحرير: سارة اسماعيل

إعلام محور الممانعة. الجزء الأول

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.