كساد الحمضيات في سوريا…نقص خبرة النظام في تسويقها وروسيا السوق الوحيد للتصريف

كساد الحمضيات في سوريا…نقص خبرة النظام في تسويقها وروسيا السوق الوحيد للتصريف

بُعيد افتتاح معبر “نصيب/ جابر” الواقع على الحدود السورية الأردنية، ظهر مقطع فيديو لمزارعين أردنيين، يقومون بإتلاف محصول الحمضيات الأردني، عبر رميه في الشوارع، وذلك خلال محاولتهم الاحتجاج على انخفاض أسعار الحمضيات بسبب استيراد الأردن للحمضيات من سوريا.

بعد هذا الفيديو تعاملت الحكومة الأردنية مع الموضوع ووضعت قيوداً على الاستثمار من سوريا، سواء للحمضيات أو غيرها.

كان الاحتجاج الأردني سببه الرئيسي أن تكاليف الزراعة في سوريا أرخص بكثير من مثيلتها في الأردن، ويعكس هذا الموقف تخبّط سوري في تصدير الحمضيات وإيجاد سوق حيوية لاستيراده، حيث يعاني المزارعون من مشاكل كبيرة في إيجاد سوق لتصدير حمضياتهم إليها، ما يسبّب خسائر كبيرة لهم في حال عدم التصدير، وذلك مع استحالة تصريف كميات الحمضيات السورية الضخمة في السوق المحلية.

سوريا الثالثة عربياً

تحتل سورية المرتبة الثالثة عربياً في إنتاج الحمضيات بعد مصر والمملكة المغربية، كما تحتل سوريا المرتبة السابعة على مستوى دول حوض البحر الأبيض المتوسط في إنتاج الحمضيات، وتحل في المرتبة ٢٠عالمياً.

ويبلغ إنتاج الحمضيات في سوريا بالمتوسّط نحو مليون طن سنوياً تزيد أو تنقص قليلاً حسب المواسم والأمطار والعوامل الجوية، حيث يُقدّر هذا الإنتاج بـ ١٪ من الإنتاج العالمي السنوي من الحمضيات البالغ ١٠٠ مليون طن في كل عام، لكن الإنتاج السوري انخفض إلى ٨٠٠ ألف طن وفقاً لإحصاءات منظمة “الفاو”، وبذلك فإن هذه الكمية تزيد عن حاجة السوق المحلية السورية، ويُصبح لزاماً على الفلاحين تصديرها للخارج من أجل المحافظة على سعرها.

وتقدّر إحصاءات سابقة صادرة عن وزارة الزراعة السورية أن نحو ٣٥ ألف أسرة سورية تعمل في زراعة الحمضيات فضلاً عن عاملين في التسويق ومصانع العصير وغيرها من الصناعات التي تدخل في مجال زراعة الحمضيات.

وتبلغ المساحة الإجمالية المزروعة بالحمضيات في سوريا نحو ٣٥ ألف هكتار، تحتوي هذه المساحة عن ١١.٦ مليون شجرة، منها ١٠ مليون شجرة تُثمر سنوياً، كما تتميّز الحمضيات السورية بخلوّها من المبيدات الحشرية ونضجها المبكّر ما يجعلها خالية من الهرمونات حيث تنضج بعوامل الطبيعة وحدة.

محاولات تصريف داخلية وخارجية

وتُعتبر حكومة النظام السوري هي الجهة المسؤولة عن تصريف هذه الحمضيات، سواء داخلياً أ خارجياً، حيث وقّعت حكومة النظام عدّة اتفاقات لتصريف الفائض ولكنّها لم تنجح بذلك.

وبحسب ما قال مزارع من ريف حماة لموقع الحل، فإن حكومة النظام السوري عمدت إلى تصريف الحمضيات في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، لا سيما إدلب وحلب والجنوب السوري سابقاً، موضحاً أنّه يتم ضخ كمية لا بأس بها من الحمضيات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة و”قسد” في شرق سوريا كل عام.

وبالمقابل، قال محمود عبد المنعم، وهو تاجر خضار بالجملة في إدلب لموقع الحل: “إن إدلب تستهلك كميات كبيرة من الحمضيات ولكنّها في نفس الوقت لا تعتبر سوقاً حيوياً بالنسبة للنظام السوري”.

ويُرجع عبد المنعم ذلك إلى أن السوق الرئيسي الذي تستورد منه إدلب هو تركيا الغنية بالحمضيات والتي تسد احتياجات مناطق الشمال سنوياً بالحمضيات بسبب الفائض بالمنتج التركي، وبذلك تكون مناطق المعارضة سوقاً غير مجدية بالنسبة للنظام.

على صعيد التصريف الخارجي، كان العراق هو السوق الأكثر استهلاكاً للحمضيات السورية، حيث كان يستوعب معظم الفائض السوري بأسعار مغرية، ولكن الاستيراد توقّف منذ بدء النزاع في البلاد، فاتجه العراق للسوق الإيراني، فيما فشل النظام السوري حتّى اليوم بإيجاد سوق بديلة.

وكانت محافظة اللاذقية قد أسّست مركزاً لتصدير الحمضيات إلى روسيا عبر موانئ جزيرة القرم، بحسب ما قال الرئيس المشارك للجنة المنظمة لمنتدى “يالطا” الاقتصادي الدولي الرابع والمنظمة العامة الروسية، أندريه نزاروف، لتصبح روسيا هي المستورد الوحيد للحمضيات السورية، دون معرفة سعر التصدير والكميات أو أي تفاصيل أخرى.

محاولات لا تسعف الضرر

“لو استهلك كل مواطن برتقالة في اليوم الواحد لما واجهنا أي مشكلة تسويقية” بهذه الكلمات، حاول مدير الاقتصاد الزراعي مهند الأصفر، إقناع السوريين على تناول الحمضيات وتصريفها داخلياً.

وأضاف أن “مديرية الاقتصاد الزراعي” تعمل على حل مشكلة كساد الحمضيات في الأسواق السورية عن طريق رفع ثقافة المستهلك نحو أهمية استهلاك الحمضيات الطازجة والابتعاد عن العصائر المستوردة الجاهزة والمكثفات”.

وبالمقابل، ذكر مدير هيئة دعم الإنتاج المحلي والصادرات السوري إبراهيم ميدا أنه “تقرر اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم موسم الحمضيات وتسويقه عن طريق تخفيف مصاريف الشحن والنقل التي تشكّل ٢٢٪ من كلفة الإنتاج.

وكشف ميدا عن قرار من حكومة النظام يقوم على تقديم دعم نقدي لكل حاوية مشحونة عبر البحر، ولكل شاحنة عبر البر، بمبلغ مقطوع قيمته 1600 دولار، على أن تصرف بما يعادله من الليرات السورية، وهو ما يغطي كلفة الشحن بنسبة 100%، وذلك بحسب ما نقلت عنه صحيفة “الوطن” المحلية في أواخر نوفمبر الماضي.

إعداد: منار حدّاد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.