تجار ومدنيون في ريف دمشق يشترون حرية تنقلهم من أمنيي النظام

تجار ومدنيون في ريف دمشق يشترون حرية تنقلهم من أمنيي النظام

ريف دمشق (الحل) – أصبحت المناصب الأمنية والعسكرية في قوات النظام، وسيلة لبناء الثروات لكثير من الضباط، الذين باتوا يعتمدون على استغلال هذه المناصب في ابتزاز التجار وأصحاب المصالح وحتى المدنيين، وبات ذلك يأخذ طابعاً شبه رسمي، فمن لا يلتزم يُعاقب بأكثر من طريقة.

وقال تجار ومدنيون من ريف دمشق لموقع «الحل»: تختلف طريقة تعامل كل ضابط؛ أو رئيس فرع مع الطبقة المستهدفة، فمنهم من يقوم بوضع مبلغ مالي محدد يتم دفعه مطلع كل شهر، أو يفرض شراكة في محصول زراعي؛ أو مشروع تجاري يكون قد حقق أرباحاً في وقت سابق، دون تحمل أيّة خسائر، ناهيك عن “الأتاوة” التي يتقاضها عناصر كل حاجز من سيارات الشحن والبضائع.

وكون السلطة الأمنية أعلى من العسكرية في سوريا، فإنّ رؤساء الأفرع وعلى مدار السنوات السبع الماضية، حددوا قوائم بأسماء التجار في كل منطقة، حتى أصحاب المصالح المتوسطة والصغيرة، وطالبوهم بدفع مبالغ بشكل دوري كل شهر، ومن لا يلتزم تبدأ عملية ابتزازه من خلال التدقيق الشديد على سيارات الحمولة الخاصة به، وطلبهم للمراجعات الأمنية بشكل متواصل، وصولاً إلى اعتقال مقربين منهم للحصول على مبلغ كبير يكون بمثابة “درس تأديبي” لالتزام بما تم فرضه، وفق وصفهم.

سامر الجناوي (اسم مستعار لتاجر من قرى #جبل_الشيخ) أوضح “للحل” أن ممارسات مسؤولي الأفرع الأمنية لم تعد تُحتمل، إذ يريدون المبالغ المحددة لكل تاجر شهرياً سواء أكان هناك عمل لهم أم لم يكن، كما أنّ بعض العناصر لا يلتزمون مع التجار بحجة وجود “ظروف استثنائية” لتحصيل مكاسب شخصية لهم، ولإظهار “شخصية قوية” لا يمكن أن تهتز بدفع المال للمسؤولين.

وتابع الجناوي القول: إنّ ضباطاً من فرع #سعسع اشترطوا أن يكونوا شركاء في أرباح المحاصيل الزراعية مقابل السماح لبعض الفلاحين بالعودة للعمل في أراضيهم، التي يُمنعون منها بذريعة وجود مخلفات حرب فيها، مؤكداً أنّ رفض هذه الشراكة يعتبر بداية المتاعب لأي شخص مهما كانت صفته ووظيفته، حسب قوله.

المدنيون ليسوا بعيدين عن هذه السياسة التي يتبعها قادة الأفرع الأمنية وضباط جيش النظام، حيث يقومون بدفع 500 ليرة سورية، على كل سيارة بضائع لكل حاجز، وهذه المبالغ يتم جمعها وتقاسمها بين ضباط الحاجز ورئيس الفرع أو القطعة العسكرية المسؤولة عنه، ولا غرابة أنّ كل حاجز أصبح يعين أحد عناصره محاسباً ومراقباً لما يتم جمعه كل يوم، وفق المصدر ذاته.

الناشط محمد سليمان قال “للحل” إنّ كل ما يقدمه المدنيين والتجار لا يعطيهم أيّة حصانة من انتهاكات عناصر النظام، حيث تم تسجيل اعتقالات عدّة ومصادرة بضائع وسيارات، منها ما هو متعمد لتحصيل مبالغ إضافية، أو بشكل عشوائي يتبعه مصير مجهول، حسب قوله.

وبالنظر إلى هذا الوضع، فإنّ ضباط النظام ومسؤوليه الأمنيين تمكنوا من بناء ثروات على حساب المدنيين، مستغلين مناصبهم التي تسلّموها في ظروف انعدمت فيها الرقابة، وأتاحت لهم استغلال حاجة المدنيين وخوفهم من التبعات التي تأتي على من يخالف تعليماتهم، وبحسب ناشطين، فإن هؤلاء المسؤولين والضباط يخشون تطبيق الرقابة عليهم بشكل مفاجئ، لذا يقومون بشراء عقارات وسيارات وتسجيلها بأسماء أقرباء لهم أو أشخاص يثقون بهم، لإبعاد أنفسهم عن أي شيء من شأنه تجريمهم ومحاسبتهم على الآلية التي حصلوا من خلالها على هذه الثروات، علماً أنّ رواتبهم مع المكافآت لا يمكن أن تحقق ذلك، حسب قولهم.

إعداد: سليمان مطر – تحرير: أروى السعدي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.