تقارير (الحل) – لم يكن ينقص شخصية «عمر رحمون» سوى الانضمام إلى تنظيم (#داعش) حتّى يكون قد عمل مع جميع أطراف النزاع السوري ودفع مع كل طرف بقوّة.

رحمون، الشخصية المثيرة للجدل، تقلّب على جميع ضفاف النزاع السوري، فكان مؤيّداً للنظام في بداية الثورة، ثم عارضه وأصبح ناشطاً ثورياً، ليتحوّل بعدها إلى قائد كتيبة في الجيش السوري الحر.

من دون أيّة مقدّمات انقلب «رحمون» على المعارضة وأصبح ناطقاً إعلامياً باسم إحدى الفصائل التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، وبشكلٍ مفاجئ أصبح أحد رجال النظام، فمن هو «الشيخ الصوفي» عمر رحمون؟

شيخ الدراويش الذي أصبح ثائراً

ينحدر «رحمون» من قرية #حلفايا في ريف محافظة #حماة وتعود مواليده لمطلع الثمانينيات، قبل اندلاع الثورة كان منشداً صوفياً يعيش حياته بين الحضرات الصوفية في المحافظات السورية، ويرتدي عمامة بيضاء وجلباباً صوفياً أنيقاً، كما رغبته في ذلك.

وقد تداول ناشطون، مقاطع فيديو عدّة تظهر «رحمون» وهو ينشد أناشيد المديح الصوفية مع “الدراويش” في الحضرة.

ولكن مع اندلاع الثورة السورية، برز نجم عمر رحمون عندما التقى رئيس النظام بشار الأسد ضمن وفدٍ من الموالين، وقال حينها في تصريح لإحدى القنوات التلفزيونية: «الرئيس الأسد لا يريد الدعاء له على المنابر فقط لكي يسمعه بل يريد دعاء صادق يسمعه الله وهذا الأهم».

بعد هذا التصريح بفترة، بدأ رحمون يظهر عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهو يدعو للتظاهرات والحراك السلمي، وبات من منسقي التظاهرات في مدينة حماة.

ما لبث «رحمون» أن ظهر مراسلاً لقناة «العربية» من مدينة حماة، يغطّي فيها الحملة الأمنية للنظام على المدينة حينها، وثبّت نفسه كناشط ثوري.

حضر «رحمون» في التظاهرات بشكلٍ فاعل، وكان يرتدي حينها الجلباب الصوفي «المحبب لديه» وهو يهتف ضد النظام السوري ويقود المظاهرات، ولكنه ما لبث أن ظهر في أحد مساجد تركيا، بلباس مختلف عن الصوفي، وكان أقرب إلى ملابس الأئمة السلفية.

 

القائد العسكري الصوفي

في السابع من نيسان ٢٠١٢، ظهر «رحمون» في مقطع فيديو مع مجموعة ضبّاط منشقّين عن النظام السوري، وأعلن عن تأسيس فصيل مسلّح معارض حمل اسم «حركة أحرار الصوفية الإسلامية» وتتبع للجيش السوري الحر، وبذلك يكون «رحمون» قد انتقل من النشاط الثوري السلمي إلى النشاط المسلّح.

لم يكن لـ«أحرار الصوفية» أي خصوصية تميّز نهجها الصوفي، فقد كان حالها- كحال- معظم فصائل المعارضة الأخرى. ففي بيان تأسيس الحركة الذي تلاه «رحمون» جاء «أنها حركة إسلامية وسطية غايتها إسقاط نظام الأسد، والدفاع عن المدنيين، وإنني أدعو الكوادر الصوفية في سوريا كافة، إلى الانضمام لهذه الحركة المباركة، وإننا نمد يدنا لجميع المقاتلين والمجاهدين في هذا البلد، وبابنا مفتوح ولا عدو لنا إلا الأسد».

ومن بوابة «أحرار الصوفية» انتقل «رحمون» ليشغل منصب قيادياً في فصائل عدّة تابعة للمعارضة السورية في إدلب وحماة، ولكنه اختفى فجأةً عن المشهد.

ومع تصاعد نفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» التي كانت حديثة التشكيل، ظهر «رحمون» كناطقٍ إعلامي باسم «جيش الثوار» الذي كان جزءاًَ من قوات سوريا الديمقراطية، واستمرَّ بعمله كناطق لهذا الفصيل حتّى أواخر عام ٢٠١٦ الذي شهد صفقة تهجير حلب، والتي كان رجل النظام السوري فيها.

العودة إلى حضن النظام

في أواخر عام ٢٠١٦، شنَّ النظام السوري مدعوماً بالطيران الروسي والميليشيات الأجنبية، عملية عسكرية على شرق مدينة #حلب التي كانت تسيطر عليه المعارضة، وبعد أسابيع تقدّم النظام وحاصر المعارضة داخل حيّين في المدينة.

وانتهى هذا الحصار بالاتفاق على تهجير المدنيين والمقاتلين من المدينة إلى محافظة إدلب، فيما عُرف بعدها بـ”اتفاق تهجير حلب” ولكن المفاجئة أن المفاوض عن هذا الاتفاق من جانب النظام كان عُمر رحمون!

لُقّب رحمون بين السوريين باسم «عرّاب اتفاق حلب» فقد كان الواجهة الرئيسة لهذا الاتفاق من جهة النظام.

شنَّ معارضون هجوماً على «رحمون» بسبب مفاوضته عن النظام السوري، فردَّ بتغريدةٍ على تويتر حينها بأنّه «لم يكن ممثلًا مباشراً عن النظام، بل كان مفوضًا منه للتفاوض عنه».

وعلى الرغم من الفوائد الكبيرة التي جلبها «عمر رحمون» للنظام السوري، منذ عودته إلى صف النظام في عام ٢٠١٦، وحتّى اليوم، إلّا أن عضو مجلس الشعب السوري وضاح مراد كان قد وجّه رسالة إلى رئيس النظام السوري بشّار الأسد، دعاه فيها لاعتقال «عمر رحمون» ويعلمه فيها أن أحد رؤساء الأفرع الأمنية يقوم بحماية «رحمون» ويطالب مع مئات الموالين بتقديمه للمحاكمة بتهمة المشاركة في قتل مدنيين وعناصر من النظام عندما كان في صفوف المعارضة.

اليوم بات عمل «رحمون» ينصب بشكلٍ رئيس على إقناع اللاجئين السوريين في تركيا للعودة إلى مناطق النظام عبر معبر كسب الحدودي.

وظهر رحمون في مقاطع فيديو عدّة، وهو يتحدّث عن عودة السوريين التي ادعى أنّها «كثيفة» في معبر كسب، كما بث مقاطع فيديو يظهر لاجئين يزعم أنّهم عادوا إلى مناطق النظام السوري بعد أن غادروا تركيا.

تقرير: منار حداد – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة