على قطار يجوب البلاد… معرض لـ “غنائم” الحرب السورية في روسيا

على قطار يجوب البلاد… معرض لـ “غنائم” الحرب السورية في روسيا

وكالات (الحل) – نشرت إذاعة أوروبا الحرة (RFE/RL) تقريراً، تناولت فيه الحملة الدعائية التي أطلقتها وزارة الدفاع الروسية في البلاد لاستعراض “غنائم” الحرب في سوريا. وذلك من خلال معرضٍ أقامته في قطار حمل على أرصفته المتحركة، الدبابات والأسلحة المدفعية والصاروخية والأدوات العسكرية الأخرى التي يُفترض أنها صودرت من المسلحين في ساحات المعارك السورية.

حيث كانت المحطة الثالثة للقطار، في جولته الدعائية التي سيقطع خلالها 28 ألف كيلومتر على مستوى البلاد، في مدينة كورسك وسط حشدٍ غفير من الجماهير. وعزفت الأوركسترا المتموضّعة على أحد أرصفة القطار أغاني الحرب السوفييتية وأدت حركة الشباب شبه العسكرية التي تمولها الدولة، رقصة من أجل السلام. وقد أشاد أحد المحاربين القدماء في الحرب العالمية الثانية، بحذائه الممزق، بالقوات الروسية المسلحة. كما ألقى المسؤولون الثناء الإلزامي للرئيس والقائد الأعلى فلاديمير بوتين، الذي أعلن عن حملته في شهر أيلول من العام 2015 والتي وعد من خلالها بتقديم الدعم الجوي لنظيره السوري بشار الأسد في حربه ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والمعارضة المسلحة المدعومة من الغرب.
من جهته قال الحاكم الإقليمي بالنيابة، رومان ستاروفويت: “يجب على الجيل القادم أن يفهم بأن العدو ليس بعيداً”. وأضاف: “يجب أن يتم تصفيتهم على أعتاب حدود وطننا”.

وبحسب التقرير، فإن الهدف من المعرض المتنقل الذي يحمل عنوان “الانعطاف السوري” هو رفع الروح المعنوية للقوات العسكرية بين الأهالي المرهقين من حملات البلاد العسكرية في أوكرانيا والشرق الأوسط. فقد غادر القطار موسكو في الثالث والعشرين من شهر شباط الماضي, وسوف يتوقف في واحد وستون مدينة خلال طريقه إلى ميناء فلاديفوستوك الواقع أقصى شرق البلاد. وعلى منصاته المتحركة تتوضع دبابات روسية من طراز T-55 وسيارات همر أمريكية كانت قوات تنظيم الدولة تستخدمها. ذلك فضلاً عن العديد من مركبات الدفع الرباعي التي كان التنظيم يخصصها للعمليات العسكرية أو لمهمات التفجيرات الانتحارية. أما داخل العربات البالغ عددها عشرون عربة، فتُعرض أسلحة ومعدات تنظيم الدولة الإسلامية وصور فوتوغرافية تمجّد الجيش الروسي. إضافة إلى قسم مخصص لبيع دمى على شكل دبابات وقمصان بوتين للتذكار. ناهيك عن الجنود الروس العائدين للتو من الرحلة الإلزامية في سوريا، والذين سوف يقضون 72 يوماً متنقلين عبر البلاد الواسعة متفاخرين بسرد حكاياتهم في سوريا قبل عودتهم إلى موسكو في اليوم الذي يسبق يوم النصر للحرب العالمية الثانية والذي يصادف التاسع من شهر أيار القادم.

وقال آندري سيلفانوف، مستشار عسكري، خدم في سوريا منذ بدء الحملة الروسية، موضحاً: “هذا المعرض مهم للناس ليروا مدى العدوان الذي تشكله المنظمات الإرهابية وكم تبلغ قوتها اليوم”. وأضاف: “كل هذا يُظهر حجم العدوان ومدى المأساة التي يمكن أن تحصل في المستقبل ما لم يتم إيقافهم وقمعهم”. إلا أنه لم يُسهب في الحديث عن كيفية مصادرة هذه الأدوات العسكرية المعروضة وحيازة الجيش الروسي عليها، والذي يفترض أنه ليس له وجودٌ فعلي على الأرض في سوريا. ولم يتوقف الأمر فقط عند التحذير من خطورة هذه المنظمات. فقد اقترن التدخل الروسي في سوريا منذ أسابيعه الأولى بحملة دعائية على التلفزيون الحكومي. حيث أظهرت تقارير، عرضت على هيئة ألعاب فيديو، كيف انطلقت الطائرات الروسية المقاتلة من القاعدة الجوية الروسية في حميميم السورية إلى اللحظة التي تم فيها تنفيذ ضربات دقيقة بحق الأهداف. إضافةً إلى ثناء مقدمو البرامج التلفزيونية على قوة الجيش الروسي الذي أُعيد إحياؤه في ظل حكم بوتين.

وأمام محطة قطار كورسك، كان يتموضع مركزاً متنقلاً للقوات المسلحة. وقد أُدرج أعلى باب المركز نصاً متحركاً يعرض ما يدّعي الجيش الروسي أنها إنجازات حققها في سوريا، وهي: عودة 1.3 مليون لاجئ سوري إلى بيوتهم وتحرير 1024 بلدة وتطهير 67 ألف كيلومتر مربع من براثن تنظيم داعش الإرهابي. أما داخل المركز، فكان اثنان من الجنود يوزّعون المناشير ويقدمون النصائح للأولاد الذين يتطلّعون إلى التجنيد. وقد سعت معظم الحملات الإعلامية الروسية وخطاباتها الرسمية إلى تسليط الضوء على حقيقة أن الهجمات الكيميائية المدمرة، والتي راح ضحيتها مئات المدنيين في سوريا، كانت من عمل قوات المعارضة المسلحة والمدعومة من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.

ويعتقد ألكسندر غولتس, محلل عسكري مستقل, أن حملات روسيا العسكرية في كل من سوريا وأوكرانيا أثارت الهستيريا العسكرية لدى قسم من الشعب، بمساعدة الجهود النشطة للحكومة. حيث قال في مقابلةٍ هاتفية: “ضخّت الهيستيريا العسكرية بعناية وتصميم إلى المجتمع” وأضاف: “لكن هذا لم يكن ناجحاً. الناس مرهقون من ذلك وبدأوا يشعرون بالخوف”. كما توصّل استطلاعٌ للرأي أجراه مركز ليفادا المستقل في شهر نيسان من العام الماضي أن نسبة 57% من الشعب الروسي يخشون من أن مواجهة روسيا للغرب قد تُصعّد لتصل إلى حرب عالمية ثالثة.

وقد صرّح ليف غودكوف، مدير ليفادا، لراديو RFE/RL قائلا: “كلما ركّزت القنوات التلفزيونية على كيفية استعادة روسيا لمكانتها كقوة عظمى، وكيفية احترام الجميع لروسيا خشيةً منها, كلما عزز ذلك من المخاوف اللاشعورية بأن يتصعّد ذلك ليصل إلى حرب عالمية ثالثة”. ومع ذلك, فإن غودكوف ينسب التأثير الأكبر للحملة الدعائية التلفزيونية مقارنةً بالمبادرات الفردية مثل “الانعطاف السوري”. فما تزال الحرب السورية على ما يبدو بعيدة عن الروس ولم تصبح بعد قضيةً سياسيةً مضرّة بحق حكومة بوتين. “لا يدرك الناس حقاً سبب وجود الجيش الروسي في سوريا أو ما هو الدافع وراء ذلك. ففي البداية كان هناك بعض التخوف العلني، لكن الحملة الدعائية أقنعت الناس بأن التدخل الروسي سوف يكون مجرد عملية قصيرة بدون وجود قوات برية على الأرض، الأمر الذي هدأ من روع الشعب الذي بدأ بدعمهم”، يقول غودكوف. ويضيف: “لا توجد مقاومة كبيرة للتدخل الروسي من قبل الشعب”.

أما بالنسبة لـ سفيتلانا سريفكوفا، والتي جاءت لتشاهد المعرض مع ابنها دانيلو وابنتها آنيا، ولِتُري أطفالها الدبابات المأسورة أو لتتفحص البندقية الألمانية، فإنه في المقام الأول يوم ممتع لها قضته في الخارج مع عائلتها. وقالت إنها تتابع الحملة العسكرية الروسية في سوريا، وإنها بالرغم من تمنيها نهاية قريبة للحملة، إلا أنها تشعر بأنها تتفهم الدوافع الروسية للتدخل. وتنهي حديثها بهذا الشأن بالقول: “نحن محبين لوطننا! أنا فخورة بجيشنا. فشبابنا يناضلون هناك من أجل السلام، وليس من اجل الحرب. أليس كذلك؟ لذلك أنا أؤيدهم”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.