بغداد- وسام البازي

لا تزال واقعة “سبايكر” أو المجزرة كما يُطلق عليها محلياً، التي هزت مشاعر العراقيين والمجتمع الدولي، حاضرةً في ذاكرة العراقيين، تلك الجريمة التي صوّرها عناصر تنظيم “داعش” من المحليين الذين يُعتقد أنهم من أفراد العشائر السنية في محافظة صلاح الدين، حيث أعدم التنظيم في 12 حزيران/يونيو 2014، حوالي (2000-2200) طالب في القوة الجوية العراقية والكلية العسكرية ومنتسباً أمنياً، بعد أن اقتيدوا إلى منطقة القصور الرئاسية في تكريت، في حين تمكن العشرات من الهرب، ليكونوا مصادر الحديث عن تفاصيل “المجزرة”.

كل التحقيقات الحكومية وغيرها التي تكفّلت بها منظمات حقوقية وانسانية، أشارت إلى “خيانة عسكرية”، فقد روى بعض الطلبة العسكريين مجريات المجزرة، بالقول أنهم تعرضوا لخداع من قبل بعض القادة العسكريين، وإيهامهم بأن الوضع آمن خارج القاعدة العسكرية التي كانوا يستقرون فيها.

الأمر الذي فتح باب التخوين على مصراعيه بين الأحزاب السياسية، خصوصاً أن الأحزاب في العراق، تدير الملفات الأمنية عبر “المحاصصة”، فغالبية قادة الجيش العراقي هم من المكون السني، أما الشيعة فيمسكون بزمام الأمور بما يتعلق بالشرطة المحلية والاتحادية المقاتلة، أما المكون الكردي فلا علاقة له إلا بقواته “البيشمركة”.

«التحقيقات التي أجريت، أدت غرضها وتوصّلت إلى إشارات مهمة، منها تسمية المقصرين من القادة الأمنيين، فضلاً عن إلقاء القبض على عناصر من “داعش” ارتكبوا جرائم بحق الطلبة المغدورين، في حين تستّر البرلمان العراقي والقضاء والسياسيين على أسماء أخرى، وقد كان لها دور كبير في الجريمة، بسبب انتماءاتها الحزبية»، بحسب قاضٍ في محكمة البياع ببغداد.

وقال القاضي الذي تحدث لـ الحل العراق، بشرط عدم ذكر اسمه، إن «القضاء العراقي لا يزال يتابع المتورطين في مجرزة سبايكر منذ عام 2016 وحتى اليوم، وتمكّن من محاكمة أكثر من 70 متورطاً بالجريمة، وإعدام 40 مجرماً، إلا أنه (أي القضاء) يعاني من ضغوطات كثيرة من قبل أحزاب سياسية وأبرزها حزب الدعوة الذي يتزعمه نوري المالكي، من أجل عدم الكشف عن متورطين مهمين، منهم مسؤولين وقادة عسكريين».

موضّحاً أن «الشهر الماضي وحده تم التدقيق والتحقيق مع /57/ مجرماً ممن ثبت تورطهم في ارتكاب مجزرة قاعدة سبايكر بحق الطلاب الذين التحقوا في صفوف الجيش العراقي، وتبيَّن أن غالبيتهم كانوا ينتمون إلى حزب البعث».

وبرغم مرور أكثر من أربعة أعوام على الواقعة، إلا أن عوائل ضحايا قاعدة سبايكر، مستمرون بالخروج في تظاهرات في ساحة التحرير وسط بغداد، للمطالبة بحقوق أبنائهم ومحاسبة المقصرين الذين تسببوا بمقتل الطلبة، إضافةً للضغط على الإسراع بإعلان الأسماء “الكبيرة” المتورطة في الملف.

في غضون ذلك، أشار عضو ائتلاف (الوطنية) حسن البجاري، إلى أن «ما حدث في قاعدة سبايكر، كان بمكيدة لقتل الشبان الذين كانوا يدرسون في الكليات العسكرية، وإن حكومة نوري المالكي هي المسؤول الأول والأخير عن الجريمة».

مبيناً لـ الحل العراق، أن «الجريمة التي وقعت؛ لا يمكن وصفها بغير أنها خيانة عظمى، والدليل أن الطلبة خرجوا وقتلوا ولم يخرج القادة الكبار، الذين كانوا يعرفون أن الشوارع والمدينة عدا القاعدة العسكرية، يسيطر عليها تنظيم داعش».

وأضاف، أن «الجهود الحكومية تمكنت لغاية الآن من إخراج رفات 1200 من المغدورين، وسلمت رفات 884 منها إلى ذويهم، عقب مطابقتها مع الحمض النووي، وأن ذوي الضحايا الذين لم يعثر على جثث أبنائهم يواجهون مصاعب في الحصول على حقوقهم بسبب الإجراءات القانونية المعقدة».

لافتاً إلى أن «بعض الأهالي من صلاح الدين لا سيما القريبين من منطقة الواقعة، قالوا أن بعض الذين أعدموا على أساس أنهم ارتكبوا المجزرة، في الحقيقة لا علاقة لهم بها، إنما تم إعدامهم لأسباب طائفية، ومن أجل إسكات أهالي المغدورين».

وزارة الصحة العراقية، رفضت التعليق لـ “الحل العراق” عن الحادثة، مبينة أنها توضح وجهة نظرها وما تتوصل إليه بما يتعلق بالقضية، عبر البيانات الرسمية.

وبالعودة إلى آخر بيانات الصحة، الذي صدر قبل ثلاثة أشهر، بيَّن أنها ما تزال مستمرة بإجراءات الفحص والمطابقة للدفعات التي تعثر عليها في المقابر الجماعية في المنطقة الرئاسية بمحافظة صلاح الدين.

الأسبوع الماضي، تبنى الرئيس العراقي برهم صالح، أول مشروع قانون بشأن قضية سبايكر لغرض احتسابهم شهداء، وتمكين أهاليهم من التمتع بحقوقهم المشروعة. وقال في بيانٍ له: «إن مجزرة سبايكر كارثة إنسانية خطيرة ومن المؤسف أنه لم يتم التعاطي مع ذوي الشهداء بالصورة المطلوبة».

مشدداً على «ضرورة منحهم الأولوية والاهتمام المطلوب تقديراً لموقف هذه العوائل المنكوبة وتثميناً لما قدّموه من تضحيات زكية دفاعاً عن سيادة العراق».


الصورة المُرفقة تعبيريّة من أرشيف غوغل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.