الغوطة الشرقية.. خسرت معظم أهلها وعمرانها وأراضيها الزراعية

الغوطة الشرقية.. خسرت معظم أهلها وعمرانها وأراضيها الزراعية

(الحل) – كان يطلق عليها وصف “سلَّة دمشق الغذائية”، وحين يذكر اسمها يخطر في البال الأشجار الكثيفة ومحاصيل الخضار والفواكه المتنوعة، لكنها الآن تحولت من منتج زراعي إلى مستهلك بفعل عوامل عدة.

سنوات الحرب أثرت سلباً على #الغوطة_الشرقية بريف دمشق، التي تحوي أكثر من 5 آلاف هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة وما يزيد عن 300 ألف رأس ماشية، وفق إحصاءات سابقة صادرة عن وزارة #الزراعة في حكومة النظام.

اليوم تضاءلت المساحات المزروعة في الغوطة، وبات أهلها مستهلكون للمنتجات الزراعية بعد ان كانوا منتجين، والسبب 3 عوامل رئيسية (رصدها موقع الحل)، هي دمار البنية التحتية خلال العمليات العسكرية التي شنها النظام على بلدات #الغوطة.

والعامل الثاني، تهجير معظم سكان الغوطة الشرقية، أما العامل الثالث فهو الزحف العمراني الذي بدأ قبل انطلاق الثورة في 2011، ولم يتنه حتى اليوم.

أثر عمليات النظام العسكرية في الغوطة على البنية التحتية

وشن النظام عمليات قصف واقتحامات على بلدات الغوطة الشرقية منذ خروجها عن سيطرة النظام عام 2013 وحتى العملية العسكرية الأخيرة عام 2018، التي انتهت بسيطرته على المنطقة.

وقال المزارع (محمود الحسن) الذي يعمل في زراعة المشمش لموقع “الحل”، إن “أرضه احترقت بشكلٍ كامل خلال قصف الطيران الحربي بمواد حارقة”، موضحاً أن “ذلك أجبره على ترك الزراعة والعمل في مصنع قمر الدين”.

ولفت الحسن إلى أن “إعادة استصلاح أرضه تكلّف مبالغ مالية كبيرة لا يستطيع تأمينها”.

وفي مطلع العام الحالي، أعلنت مديرية زراعة ريف دمشق التابعة للنظام، أنها استصلحت في الغوطة نحو ٢٣ ألف دونم من الأراضي الزراعية بالريف الدمشقي، أكثر من نصفها في الغوطة الشرقية.

ولكن هذه الكمية الضئيلة لا تشمل إلّا مساحات محدّدة من الغوطة، إذ يخشى فلاحون كثر حتّى الآن الاقتراب من مزارعهم بسبب الألغام ومخلّفات القصف، بحسب مصادر محلية لموقع “الحل”.

وكان خمسة أطفال قتلوا في كانون الثاني الماضي، نتيجة انفجار لغم أرضي في قرية الجربا الزراعية التابعة لناحية النشابية بالغوطة الشرقية، كما توفي طفلان آخران وأصيب اثنان بجروح بانفجار لغم أرضي في وقت لاحق، بحسب وكالة الأنباء (سانا).

وقال مزارع من الغوطة (رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية) إن “معظم المزارع التي لم تُحرق أو تُدمّر بسبب القصف، لا تزال غير قابلة للاستصلاح بسبب الخوف من الألغام ومخلّفات الحرب”، لافتاً إلى أنّه “على هذه الحالة لن يتم الاستفادة من ٩٠٪ من الأراضي الزراعية في الغوطة الشرقية”، على حد قوله.

وانخفض عدد أشجار #المشمش في الغوطة من ٢١٤٧ شجرة عام ١٩٩١ إلى ١٩٣٦ شجرة عام ٢٠١٢ بسبب التوسع العمراني، إضافة لاستخدام مياه الري بالمشاريع السياحية في الغوطة، وفق تقديرات أعلنتها وزارة الزراعة ونشرتها صحيفة (تشرين) التابعة للنظام في عام ٢٠١٤.

ولكن هذا الرقم لا يشمل فترة ما بعد قصف النظام والطيران الحربي الروسي على الغوطة، لذلك لا يوجد أرقام دقيقة لعدد الأشجار حالياً من أجل إحصاء إجمالي خسائر حملة النظام على الغوطة.

تهجير اليد العاملة من الغوطة الشرقية

وعمِد النظام إلى تهجير معظم أهالي الغوطة الشرقية، وترتب على ذلك نقص حاد في اليد العاملة الخبيرة بطبيعة أراضي الغوطة، التي من شأنها إعادة استثمار الأراضي الصالحة للزراعة في الغوطة.

وبلغ عدد سكّان الغوطة قبل الحملة العسكرية عليها نحو 325 ألف نسمة خلال سيطرة فصائل المعارضة، وفق إحصائية (هيئة تنسيق العمل الإغاثي)، المعنية بالإغاثة الإنسانية.

وعقب الاتفاق بين النظام والفصائل المعارضة في الغوطة، وخروج أعداد كبيرة من المدنيين عن طريق “الممرّات الآمنة” خلال الحملة العسكرية، خرج نحو ١٤٤ ألف مدني من الغوطة نحو دمشق وفقاً لوزارة الدفاع الروسية، ولكن معظم هؤلاء عادوا إلى الغوطة.

وتم تهجير ٦٥ ألف شخص من سكّان الغوطة نحو الشمال السوري، وفقاً لأرقام فريق (منسّقو الاستجابة)، حيث استقرّ معظم هؤلاء في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، في حين لا تتوفّر أرقام عن عدد المدنيين الذين يعيشون حالياَ في الغوطة.

ولكن تقديرات السكّان تشير إلى أن أكثر من نصف أهل الغوطة هم خارجها، بين من استقر بدمشق، أو هُجّر إلى الشمال أو غادر البلاد.

مخاوف من استيلاء النظام على الأراضي بحجة إقامة مناطق تنظيمية

يُعتبر “الزحف العمراني” نحو مدن وبلدات الغوطة، مشكلة سبقت الثورة بعشرات السنوات، فمنذ أواخر تسعينات القرن الماضي، تتأثّر الغوطة بزحف المدن نحوها.

وحول الزحف العمراني الموارد الطبيعية كالمياه والكهرباء من أيدي المزارعين إلى المساكن الجديدة.

وتواجه الغوطة الشرقية اليوم زحفاً عمرانياً من نوعٍ آخر، يتمثّل في رغبة النظام بإنشاء مشاريع سياحية وخدمية وسكنية ضخمة على أراضيها، بسبب احتوائها على الموارد الطبيعية كالمياه، ما يجعلها خياراً مناسباً لبدء تنفيذ هذه المشاريع.

وكان النظام بدأ خطّة لإنشاء مناطق تنظيمية جديدة من خلال مدينتي ماروتا سيتي وباسيليا سيتي، اللتين تمتدان من بساتين الرازي في المزّة إلى مخيّم اليرموك، فيما يتوقّع مراقبون أن تكون الغوطة هي الهدف الثاني لهذا النوع من المشاريع وفق القانون (10).

وأثار القانون رقم (10) الذي أصدره النظام، العام الماضي، تخوف سوريين كثر، باعتبار أن القانون يتيح للنظام استملاك العقارات العائدة للمواطنين وإنشاء مناطق تنظيمية عليها.

كما أن منظمات حقوقية ومنظمات مجتمع مدني سورية ودولية اعتبرت أن القانون رقم (10) هو وسيلة يستخدمها النظام للاستيلاء على أملاك السوريين النازحين والمهجرين.

إعداد: منار حداد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.