ريف دمشق (الحل) – في ظل استمرار الواقع المتردي وانعدام فرص العمل، بدأت التجارة الإلكترونية تلاقي انتشاراً واسعاً بين العديد من النساء السوريات ممن وجدن فيها فرصة عمل مثالية تناسب أوضاعهن على عدة أصعدة.

ففي الوقت الذي توفر لهن فيه هذه الوظيفة إمكانية العمل من داخل المنزل، فإنهن يستفدن كذلك من ميزات سهولة التواصل وإمكانية العمل بمبالغ مالية قليلة.

وقد تزايدت أعداد النسوة اللواتي يعملن بالبيع الإلكتروني، بعد أن اكتشفن كيفية الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي مادياً، حيث يقمن بشراء البضائع بسعر الجملة ويبيعنها بعد التسويق لها في المجموعات وعلى الصفحات.

أميرة علي (إحدى العاملات في البيع الإلكتروني) تحدثت “للحل” عن تجربتها في هذا المجال، حيث بدأتها بمبلغ لا يتجاوز مئة دولار، كانت قد وفرتها خلال أشهر، واشترت ملابس نسائية وبدأت تعرضها على صديقاتها، قبل أن تقترح إحداهنّ عليها أن تعرض هذه الملابس على مجموعات “الفيسبوك”، و “الواتس آب”، حيث ازدادت المبيعات والأرباح، وأصبح المبلغ الذي تعمل به يزيد عن 400 دولار خلال فترة قصيرة، لتستمر بعملها على نطاق أوسع.

وأكدّت علي أنّ العمل ليس سهلاً كما يتصوره البعض فهناك أمور لا بد من التغلب عليها، تبدأ بحسن اختيار البضائع، والحصول على سعر منخفض لها، وصولاً إلى طريقة التسويق لإقناع الزبائن، حيث يجب إرضاء كافة الأذواق وترغيب المشتري بالموجود من البضاعة، إضافةً لتراجع بعض الزبائن عن الدفع بعد الاتفاق على مكان التسليم.

أما رهف الديراني (صاحبة تجربة سابقة في التجارة الإلكترونية) فقالت “للحل” أنّها قامت بتجربة البيع الإلكتروني بعد بيع قطعتي ذهب كانتا بحوزتها، وحققت أرباحاً جيدة منها، إلّا أنّ المصاريف الكبيرة والغلاء الذي ترتب على الأزمات المعيشية الأخيرة تسبب بفشل تجربتها وتوقفها، حيث اضطرت لصرف الأرباح على الاحتياجات اليومية دون القدرة على تطوير عملها.

وأضافت الديراني أنّها بدأت بالادخار من جديد لإعادة تجربتها مع الاستفادة من الخبرة التي اكتسبتها خلال فترة عملها، كما أنّها تشجع النساء من حولها للعمل في هذا المجال لما فيه من مزايا لا يمكن الاستفادة منها في وظائف أخرى، لا سيما وأنّ الشركات والمعامل وحتى المحال التجارية تقوم بتخفيض أجور النساء مقارنةً بالرجال بحجة أنّ ما يقدمه الرجل لا يمكن للمرأة إنجازه، بحسب قولها.

إبراهيم ملوك (تاجر من #دمشق) صرح لموقع “الحل” أنّ معظم التجار يساعدون النساء اللواتي يرغبن بالعمل في هذا المجال، حتى أنهم في بعض الأحيان يعطونهنّ بضائع بقيمة أكثر من المال الموجود معهم، في بادرة من التجار لتسهيل مهمتهنّ، وتشجيع بقية النساء للاعتماد على هذا الأمر والاستفادة من التطور التقني في كسب عيشهنّ دون الحاجة لطلب احتياجاتهم من أحد، حسب قوله.

وأضاف ملوك أنّ خبرة النساء في التسويق الإلكتروني اجتذبت اهتمام التجار، حيث أنّهم وظفوا عدداً منهنّ لتسويق بضائعهم، مقابل إعطائهنّ نسبة من أرباح المبيعات، وهذا العمل يكون في المنزل دون الحاجة لمغادرته.

أشارت لبنى السعدي (مسؤولة إحدى مجموعات البيع على فيسبوك) إلى أنّ النساء المشتركات معها في المجموعة قمنّ بتطوير أعمالهنّ بشكل ملفت، وتم تقسيم العمل بحسب المجال الذي تعمل به كل واحدة منهنّ، حيث يتم عرض الألبسة والأطعمة المنزلية، والأشغال اليدوية، إضافة لمستحضرات التجميل والأدوات الكهربائية المنزلية.

وتابعت قائلة إن المبيعات قد تحسنت كثيراً خلال الفترة الماضية مع استمرارية العمل، وباتت لأولئك النسوة موثوقية كبيرة لدى المشترين الذين يفضلون التعامل مع أشخاص معروفين ولهم سمعة طيبة في التعامل، على الشراء من أشخاص مجهولين بحساباتٍ وهمية، حسب قولها.

ولعل وسائل التواصل الاجتماعي التي انتشرت بشكل واسع مع التطور التقني الكبير أعطت النساء السوريات مجالاً واسعاً ليتمكن من الانخراط في سوق العمل في صيغةٍ تناسب ظرفهنّ، وتكوين رأسمال خاص بهنّ بعيداً عن الضغوط الاجتماعية وعمليات الاستغلال التي قد يقعنّ ضحيةً لها بسبب تمييز الرجال عنهنّ بالمعاملة والأجور، بحسب ناشطين.

إعداد: سليمان مطر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.