«الحجز على الأملاك والأموال»… سلاح النظام السوري الفعال للتحكم في الشخصيات البارزة

«الحجز على الأملاك والأموال»… سلاح النظام السوري الفعال للتحكم في الشخصيات البارزة

(الحل) – لجأ النظام السوري خلال سنوات الحرب إلى سياسة اقتصادية تتمثّل في “الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة” ضد شخصيات عارضت نظامه أو ساندت المعارضة السورية سواء بأفعال أو بمجرّد التعاطف معها.

شملت عمليات الحجز هذه، شخصيات سورية رفيعة، منها سياسية وأخرى من كبار التجّار وفنانين ومثقّفين حيث طالت قوائم الشخصيات المحجوز على أملاكها.

وفي ظل طول أمد الحرب في سوريا، وعدم معرفة مصير هذه الأموال التي تمت مصادرتها، يورد هذا التقرير إحاطةً بنوعية الشخصيات التي استهدفها “الحجز على الأموال”، وكيف وظّف النظام هذا الأسلوب من أجل كبح الأصوات المعارضة، إضافةً إلى مصير هذه الأموال التي ما تزال مجمّدة حتّى الآن.

40 ألف حالة حجز

في تشرين الثاني من عام ٢٠١٨ الماضي أعلنت “محكمة الإرهاب” أنّها نفذت ٤٠ ألف حالة حجز احتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لسوريين معارضين للنظام في العام الماضي في عام ٢٠١٧ و٣٠ ألف حالة في العام ٢٠١٦، مما يعني أن السوريين الذين تم الحجز على أملاكهم خلال العامين السابقين بلغ ٧٠ ألفاً.

ونقلت صحيفة “الوطن” المقرّبة من النظام السوري عن معاون وزير المالية في حكومة النظام بسام عبدالنبي قوله: “إن قيمة الحجوزات الاحتياطية المالية التي صادّرتها المالية خلال العامين الماضيين تجاوزت 13 مليار ليرة”.

ومن ضمن هذه الشخصيات التي تم الحجز على أملاكها، السياسيين السوريين المعارضين للنظام السوري في الدرجة الأولى، إضافةً إلى وجوه بارزة فنية وثقافية ورجال أعمال.

ولم يكشف النظام عن عدد السوريين الذين تم الحجز على أموالهم خلال سنوات الثورة، ولكن ٧٠ ألف حالة خلال عامين يُعطي مؤشّراً بأن العدد في حدود مئات الآلاف.

وفقًا لمحامي سوري يعيش في مناطق النظام، فإن كل سوري تم إدانته في محكمة الإرهاب التي أسّسها النظام هو من ضمن المحجوز على أملاكهم، ما عدا من برأتهم المحكمة وهم قلّة قليلة.

قرار بخلفية مخابراتية

واعتبر الباحث الاقتصادي السوري يونس الكريم، أن قرار الحجز على الأملاك بحق المعارضين ليس له بيئة قانونية مؤسّساتية ولا تتدخّل فيه وزارة المالية، مؤكّداً أن القرارات تحمل خلفية مخابراتية.

وقال الكريم: “إن بنية النظام السوري هي بنية مافيواتية، أي أن الدولة السورية هي جزء من المافيا وليس المافيا جزء من الدولة”، موضحاً أن هذا الحال يجعل من الصعب تتبّع الأثر المالي والاقتصادي لتعامل النظام مع الأموال المحجوز عليها”.

وأوضح أن معظم البنية المالية التي يملكها النظام السوري مسجّلة باسم أشخاص اعتباريين مثل وزراء ومسؤولين ورجال أعمال لهم سلطة قوية، ويحصلون عليها مقابل سندات قانونية بأسماء هؤلاء، مبيّنًا أن هذا الواقع يجعل النظام قادرًا على السيطرة على أملاك كل شخص بمجرّد أن يخرج عن الحدود المرسومة له، حيث يتم تجريده بسهولة من جميع الامتيازات التي يملكها بين ليلةٍ وضحاها.

يعتبر «الكريم» أن هذه العقلية المخابراتية هدفها تشكيل صدمة أو تخوّف في داخل المجتمع الموالي، عبر دفعه بعيداً عن التفكير في معاداة النظام لأنّه رأى أمامه مصير من سبقه بهذا الاتجاه، وخصوصاً أنّه كلما ارتفع سلّم الشخصيات الموالية للنظام تزداد مكاسبها وبالتالي تزداد خسائرها في حال تم تجريدها من النفوذ.

مصير مجهول للأموال

وفقاً للكريم، فإن الأموال التي تم الحجز عليها، لا تعدو عن كونها “بروبوغاندا” وأداة تخويف من إعلام النظام السوري، لأن الأملاك المحجوزة بقيت مجمّدة حتى الآن دون أي تحريك، باستثناء الأملاك التي تتقاطع مع مشاريع النظام أو تلك التي فقد النظام الأمل بعودة أصحابه لإبرام صلح معه.

وقال الباحث: “النظام يستخدم هذه الحجوزات لتبقى أداة ضغط على أصحابها فهو لم يتصرّف بالأملاك المحجوزة، وفي نفس الوقت تُفيده تلك الحجوزات في منع بقية السوريين المؤثرين من الانشقاق عنه، لافتاً إلى أن الذريعة التي تقدّم غالباً للحجز على الأموال هي “دعم الإرهاب” ولكن في نفس الوقت لا يتم تقديم أي دليل يدعم هذا الاتهام الفضفاض أمام الرأي العام”.

وعلى هذا النحو يبقى الجميع متخوّفًا ويبتعد عن المشاركة في الثورة حتى في الحدود الدنيا، بحسب الباحث ذاته الذي أشار إلى أن الاستخدام الثاني لهذه الحجوزات يتمثّل في التلويح بهذا الموضوع والتهديد به أمام الذين تم الحجز على أملاكهم للعودة إلى النظام السوري واسترداد النفوذ من جديد.

الحجز على أملاك الموالين

لم تتوقّف عملية الحجز على أملاك السوريين المعارضين؛ بل شملت سوريين موالين للنظام السوري أيضاً، إذ خرج هؤلاء عن الخط المسموح لهم به فتم الحجز على أملاكهم.

وبحسب ما نشر موقع “الاقتصادي” المحلي، فإن وزارة المالية التابعة لنظام الأسد أصدرت قراراً بالحجز الاحتياطي على أملاك عديل ماهر الأسد محمود عنزروتي وإخوته.

ووفقا للموقع المذكور فقد شمل قرار الحجز ذي الرقم 3448 الأموال المنقولة وغير المنقولة لعائلة عنزروتي، دون إيضاح الأسباب، بالإضافة إلى ست شركات عائدة للعائلة، أبرزها شركة تنمية الصناعات الغذائية “كتاكيت”، وعقارات عدّة و115 سيارة.

كما شملت القائمة، الحجز الاحتياطي على أموال رجل الأعمال بشار كيوان الذي كان شريكاً لابن ضابط المخابرات وسفير النظام سابقا في الأردن بهجت سليمان.

ومن المشمولين أيضاً في الحجز على الأملاك، أيمن جابر، ابن عم رئيس النظام السوري، الذي يقود ميليشيا “صقور الصحراء”.

إعداد: منار حداد – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.