لبنان (الحل) – منذ أكثر من 40 سنة واسم قوات #اليونيفيل يتردد بين الحين والآخر في الأخبار والتحليلات الصحفية، خاصة مع كل أمر يمس أمن جنوب لبنان، في حين يجهل كثيرون طبيعة هذه القوات وتاريخها ومهامها وطبيعة علاقتها بحزب الله صاحب السطوة الحقيقية في جنوب لبنان.

في الأصل أسست قوات اليونيفيل (United Nations Interim Force in Lebanon) بموجب قراري مجلس الأمن 425 الشهير و426 الصادرين في 19 آذار 1978، في حين بدء وصول هذه القوات إلى #لبنان بعد 4 أيام من صدور القرار، مما يوحي بأن التحضير لقدوم هذه القوات سابق لقرار تأسيسها.

أتى قرار تأسيس هذه القوات على خلفية التوترات العسكرية والأمنية المتكررة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ بداية السبعينيات، وقد تطورت هذه التوترات بعد عقد #اتفاق_القاهرة ونقل المقاومة الفلسطينية ثقلها من #الأردن إلى جنوب لبنان، ليكون قاعدة إنطلاق لعملياتها ضد إسرائيل، حتى تم تنفيذ عملية كبيرة للمقاومة الفلسطينية ردت عليها #إسرائيل باجتياح الجنوب اللبناني للمرة الأولى في 14 آذار 1978، وخلال أيام احتلت كامل الجنوب عدا مدينة صور وضواحيها.

تبرأ لبنان رسمياً من العملية الفلسطينية وصدرت القرارت آنفة الذكر التي تضمنت تأسيس اليونيفيل. ويذكر أن القرار نص أيضاً على احترام وحدة وسيادة لبنان واستقلاله ووقف الأعمال العسكرية الإسرائيلية وسحب قواتها من لبنان.

مهامٌ طال أمد تنفيذها

عليه، كانت المهام الرسمية المنوطة باليونيفيل هي تأكيد الإنسحاب الإسرائيلي المنصوص عليه في القرار 425، وإعادة الأمن والسلم، ومساعدة الدولة اللبنانية على بسط سلطتها الفعلية في منطقة الجنوب. وفي حقيقة الأمر لم يتحقق أي من هذه الشروط إلا بعد 22 سنة وأكثر، أي في العام 2000 مع الإنسحاب الإسرائيلي الذي سبقه إنسحاب جزئي سنة 1985، ثم في عام 2006 بعد حرب تموز حيث عاد الجيش اللبناني لينتشر في الجنوب لأول مرة منذ عقود.

ارتبط اسم اليونيفيل أيضاً بحادثة موت 120 مدنياً لبنانياً وجرح قرابة 500 منهم عندما قصف الجيش الإسرائيلي مجمعاً للأمم المتحدة في #قانا خلال عدوان عناقيد الغضب سنة 1996.

مع الوصول إلى أيار عام 2000 انسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان بالتنسيق مع الأمم المتحدة، التي عملت مع اليونيفيل على رسم الخط الأزرق الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية بالتنسيق مع الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية التي كان لكل منهما تحفظاتها على الخط. ونشرت الدولة اللبنانية قوى أمنية في منطقة مرجعيون مع الوعد بالنظر في نشر الجيش اللبناني على الحدود، وهو الأمر الذي كان يحول دونه رفض حزب الله ومن خلفه النظام السوري اللذين لم يكونا مرتاحين للإنسحاب الإسرائيلي الذي سلب حزب الله ميزة حمل السلاح بحجة المقاومة، فتم نبش قضية مزارع شبعا وتلال كفر شوبا للقول أن الإنسحاب الإسرائيلي ناقص وبالتالي لا بد أن تبقى حالة السلاح بذريعة المقاومة قائمة.

وضع القوات ما بعد حرب 2006

بعد إندلاع حرب 2006 بين حزب الله وإسرائيل تغيرت مهام اليونيفيل وتطورت، ففي القرار 1701 سنة 2006 زاد سقف حجم قوات الونيفيل إلى 15000 جندي، والعدد الحالي يقارب 11000 من 40 بلداً، بما فيهم القوة الجديد المضافة إلى ما سبق وهي القوة البحرية وعدادها 850 جندي، وحوالى 1000 موظف مدني بين لبناني وأجنبي.

قررت هنا حكومة لبنان المعادية حينها للنظام السوري نشر 15000 جندي من الجيش اللبناني في جنوب لبنان، بما في ذلك في منطقة عمليات قوة اليونيفيل للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود، الأمر الذي رحب به حزب الله علناً ولعنه سراً.

أني هي قوات اليونيفيل اليوم؟

تنتشر اليونيفيل اليوم في جنوب لبنان. منطقة عملياتها محددة بين نهر الليطاني شمالاً والخط الأزرق جنوباً، بالإضافة إلى نشاط القوة البحرية لليونيفيل على إمتداد الساحل اللبناني بأكمله لمساعدة البحرية اللبنانية على تأمين المياه الإقليمية وللمساعدة على منع دخول الأسلحة غير المرخص بها إلى لبنان عن طريق البحر. ويقع مقر قوة اليونيفيل في بلدة الناقورة.

تهتم قوات اليونيفيل ضمن إطار مهامها بتقديم المساعدة على ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين بعد حرب 2006، وعلى هذه الأساس استمرت هذه القوات بتقديم خدمات كانت تقدمها قبلاً كالخدمات الطبية والبيطرية، والتدريبات اللغوية والمهنية والرياضية، والمساعدات التنموية، كما تساعد اليونيفيل في إزالة مخلفات الحرب من الألغام والذخائر غير المنفجرة.

تحرص قوات اليونيفيل على ضمان خلو منطقة جنوب الليطاني من السلاح بموجب نتائج حرب تموز 2006، وفي حال توفر معلومات محددة بشأن حركة أسلحة أو معدات غير مرخص بها، يفترض أن يقوم الجيش اللبناني بإتخاذ الإجراء اللازم، وهو الأمر الذي لا يتم بسبب سطوة ونفوذ حزب الله. ولكن –نظرياً- في الحالات التي يكون فيها الجيش اللبناني ليس في وضع يسمح له بذلك، تقوم اليونيفيل بكل الإجراءات اللازمة لتنفيذ مهمتها وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١.

عملياً وفي حقيقة الأمر لا يمكن لقوات اليونيفيل أن تضبط النشاط العسكري لحزب الله في منطقة جنوب الليطاني، فأي دورية من الدوريات الـ 400 يومياً لليونيفيل تدخل منطقة محظورة حسب معايير حزب الله، أو تقترب من موقع أو مخزن سري له، يحول دون وصولها تجمهر “عفوي” غاضب من قبل سكان المنطقة الذين يقطعون الطرق أمام الدورية الأممية، التي لا تمتلك أن تكمل طريقها بالقوة، وهي رغم صلاحية استعمال القوة لديها حين اللزوم، أي للرد على أعمال عدائية، إلا أن قادتها يعلمون أن حزب الله قادر دون تورط مباشر موصوف من قبله أن يحول وجود اليونيفيل في الجنوب إلى جحيم في غضون ساعات حين يقرر أن بقاء اليونيفيل لم يعد مرغوباً به، مع العلم أنه سقط لقوات اليونيفيل بين 1978 و2018، 313 عنصراً على الأراضي اللبنانية.

في المحصلة، قد يصعب وجود قوات اليونيفيل على حزب الله تحركاته وإعادة بناء قدراته وتحسين مواقعه، إلا أنها لا تستطيع في واقع الحال منعه تماماً من ذلك، وهذه حقيقة يعملها جميع الأطراف، ولكن، تبقى هذه القوات مبعث طمأنينة ودعم للسكان، وعين دولية على جنوب لبنان، ومساندة جادة سابقة للشرعية اللبنانية التي كانت يوماً ما مناهضة للحزب ذو السلاح المتفلت.

تقرير: رجا أمين – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة