معالم الصراع الإيراني – الروسي تتجلى في ديرالزور

معالم الصراع الإيراني – الروسي تتجلى في ديرالزور

ديرالزور (الحل) – في محاولة إثبات وجود وسيطرة الأقوى، احتدم الصراع مؤخراً بين حليفي النظام السوري، (روسيا، وإيران) في محافظة #دير_الزور ذات الأهمية الاقتصادية والجغرافية، إذ ترى طهران أن السيطرة عليها تعني إكمالاً لمشروعها في عموم المنطقة وهو ربط طهران والبحر المتوسط عبر العراق وسوريا، كونها صلة الوصل بين الأخيرتين، بينما تحاول موسكو أن تكون صاحبة القرار العسكري فيها.

لماذا دير الزور؟
تعد محافظة دير الزور ثاني أكبر المحافظات السورية، حيث تقدر مساحتها بحوالي 33 ألف كيلو متر مربع، ويصل التعداد السكاني لحوالي 1300000 نسمة، بالإضافة للكم الهائل من الثروات الباطنية والموقع الاستراتيجي بالقرب من الحدود العراقية.لا ترغب موسكو بالتواجد الإيراني في عموم سوريا، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه برئيس النظام السوري بشار الأسد في سوتشي الروسية، في مايو 2018، والتي تضمنت خروج القوات الأجنبية المسلحة من سوريا مع انطلاق الحل السياسي، دون تحديده المدة الزمنية لمغادرة هذه القوات الأراضي السورية. قبل أن يعود المبعوث الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، لتوضيحها، قائلاً إن القصد هو إجلاء القوات الإيرانية وقوات «حزب الله» اللبناني الموجودة في سوريا، فضلاً عن الأميركيين والأتراك.

الصراع بين الحليفين

وينقسم الصراع بين الحليفين إلى اقتصادي وعسكري إذ تعتبر موسكو وجودها شرعي في سوريا، وتم بطلب رسمي من النظام، كما لا تريد لإيران إكمال مشروعها في المنطقة، والذي يهدف إلى فتح طريق مباشر إلى لبنان يتم من خلاله إيصال الأسلحة والذخائر لمليشيا #حزب_الله اللبناني بشكل سهل وأقل تكلفة، والذي سيؤدي لزعزعة أمن حليفتها إسرائيل.

أما السبب الأهم والذي أدى إلى تأجج الصراع الروسي-الإيراني، هو تجنيد الشبان في صفوف كل منهما، إذ تغري إيران الشبان والرجال بالانضمام إلى مليشياتها من خلال الميزات التي تقدمها لهم من رواتب ومساعدات إنسانية دورية لعوائلهم، الأمر الذي دفع بأعداد كبيرة من أبناء المنطقة الانضمام لتلك المليشيات، بينما تحاول روسيا كسب الشبان وإقناعهم إلى الانضمام لقوات النظام (الفيلق الخامس) دون أيّة ميزات لهم.

كما وبرزت ملامح الصراع الاقتصادي بين الطرفين، من خلال استلام الشرطة الروسية للمعابر النهرية في المحافظة، والتي تربط مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (#قسد) شمال شرق النهر بمناطق سيطرة النظام،جنوب النهر، بعد طرد عناصر الدفاع الوطني ومليشيات إيرانية كانت تسيطر عليها سابقاً، وأهمها معبر الشميطية والجنينة غربي مدينة دير الزور، بالإضافة إلى معابر الصالحية، ومراط، ومريعية، وبقرص، لما لتلك المعابر من أهمية اقتصادية في عمليات تنقل السكان، وكذلك التجارة المستمرة بين الطرفين بينما فيها تجارة #النفط والمواد الغذائية.

وقد ظهرت أولى حالات التوتر بين روسيا وإيران خلال معركة كسر الحصار المفروض على محافظة دير الزور في نهاية عام 2017، بعد أن منعت القوات الروسية وسائل الإعلام الإيرانية وحزب الله من دخول مدينة الميادين التي استعادها النظام. فقد حصَرت روسيا التغطية الإخبارية بوسائل الإعلام الرسمية السورية وبعض القنوات الروسية، كما لم يشارك الطيران الحربي الروسي في معركة استعادة السيطرة على مدينة البوكمال، لأن اليد الطولى في قيادة المعركة كان للمليشيات الإيرانية.

المواقع الروسية
يؤكد «خالد» مصدر مقرّب من النظام، اكتفى بذكر اسمه الأول، لموقع «الحل»، أن صاحبة القرار في عموم مدينة ديرالزور هي القوات الروسية، إذ تنتشر دوريات من الشرطة العسكرية الروسية في عموم أحياء المدينة، وليس لديهم حواجز ثابتة لتنقلهم في عموم المنطقة بشكل مستمر، مشيراً إلى أن الشرطة العسكرية الروسية لديها موقعاً في كل من قرى #مراط و#خشام القريبة من حقل #كونيكو للغاز والذي تتخذ القوات الأمريكية مركزاً لها.
وأشار إلى أن «المركز الرئيس للقوات الروسية في عموم المحافظة، هو مطار ديرالزور العسكري، حيث يتواجد بداخله ضباط ومستشارين وعناصر روس»، لافتاً إلى وجود «عدد محدود للقوات الخاصة الروسية في ريف مدينة البوكمال على الحدود العراقية، حيث تقوم بتدريب عناصر تابعين لميليشيا (الدفاع الوطني) بالإضافة لمهمتها الاستطلاعية والتكتيكية» على حد تعبيره.

المواقع الإيرانية
يتابع المصدر ذاته حديثه قائلاً: إن إيران جعلت من مدينة البوكمال مدينتها السورية، فلا يتواجد بداخلها أيّة مظاهر للنظام، إذ جلب غالبية العناصر الإيرانية والمليشيات الأخرى الموالية لها عوائلهم إلى المدينة لافتا إلى «تواجد عدد لا بأس به من عناصر المليشيات الإيرانية وعوائلهم بداخل مدينة #الميادين أيضاً».

الجدير بالذكر أن إيران تسعى لتغيير ديموغرافي حقيقي في المناطق التي تسيطر عليها شرق دير الزور، من خلال عملية تشييع للسكان والعناصر المنضمين لمليشياتها وإدخال اللغة الفارسية إلى المناهج وافتتاح مراكز ثقافية إيرانية في عموم المنطقة، واستغلال حاجة الأهالي من خلال تقديم المساعدات الإنسانية لهم.

إعداد: حمزة فراتي – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.