احتجاجات درعا “العنيدة”… هل تعود الثورة إلى مهدها؟

احتجاجات درعا “العنيدة”… هل تعود الثورة إلى مهدها؟

تقارير (الحل) – منذ أن أعاد النظام السوري وحلفاؤه الروس السيطرة على محافظة #درعا جنوب سوريا، شهدت المنطقة تحركّاتٍ مقلقة للنظام شوشت على قناعته بأنه قد تمكن من إخماد الثورة في هذه المحافظة، التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات السورية.

تمكّنت قوات النظام بدعمٍ من الروس، من السيطرة على محافظتي درعا والسويداء دفعة واحدة في تموز من عام ٢٠١٨ الفائت، وذلك بموجب اتفاقيات تسوية، بعد أيام من قصف وتعزيزات عسكرية، وسط تقديم ضمانات روسية للأهالي وفصائل المعارضة.

ولكن سيطرة النظام على “مهد الثورة” لم تكن تشبه سيطرته على أي منطقة أخرى، إذ أن النظام بعد أن سيطر على حلب والغوطة الشرقية وحمص وريفها، تمكّن من إحكام قبضته على هذه المناطق ومنع أي صوت ثوري جديد من العودة، ولكن هذا ما فشل النظام في تحقيقه في درعا حتّى الآن.

ولكن هل ستسمح الظروف الموضوعية بعودة بوادر الثورة إلى محافظة درعا مع الأخذ بعين الاعتبار معطيات تعامل النظام مع هذه المحافظة بعد السيطرة عليها؟

الأسلوب المعتاد: اعتقالات ومداهمات بالجملة

على الرغم من أن سيطرة النظام السوري على درعا جاءت بموجب اتفاق فرضته روسيا، يقضي بخروج من يريد الخروج من المدنيين والمقاتلين نحو الشمال السوري، وبقاء من يرغب في إبرام مصالحة مع النظام، إلّا أن هذا الاتفاق الذي فرضته روسيا على المعارضة كان هشاً وانهار بمجرّد دخول أول دورية مخابرات تابعة للنظام واعتقالها لشخصيات أبرمت الصلح بعد أن حصلت على الأمان الروسي.

منذ سيطرة النظام على المنطقة الجنوبية، لم يمضِ بوم دون أن تشهد فيه المنطقة مداهمات لمناطق وقرى واعتقال لشخصيات من القادة العسكريين المعارضين ممن أبرموا اتفاقاً مع النظام السوري، أو ما يُطلق عليهم اسم “قادة المصالحات”.

وبحسب مصدر من المعارضة السورية لموقع الحل، فإن شهر نوفمبر الماضي، شهد أكبر موجة اعتقالات في مناطق ريف درعا منذ سيطرة النظام على المنطقة، حيث شملت هذه الحملة اعتقال شخصيات من قادة المصالحة، إضافة إلى اعتقال مطلوبين للخدمتين العسكرية والاحتياطية واعتقال مدنيين آخرين بينهم نساء وأطفال.

ويأتي هذا الاعتقال على الرغم من “الأمان الروسي” الذي تم منحه للمدنيين والمقاتلين بموجب الاتفاق، ولكن عدم التزام النظام بهذا الاتفاق جعل المنطقة تغلي من جديد.

تضييق في الشؤون المعيشية

خلال فترة سيطرة المعارضة السورية على محافظة درعا، كانت المنطقة تنعم بنوعٍ من الرخاء الاقتصادي وكانت الخدمات الأساسية متوفرة للمدنيين، وخصوصاً أن المنطقة كانت مفتوحة بشكل مباشر مع الجارة الجنوبية الأردن مما حد من قدرة النظام السوري على حصارها وتجويعها وهو السلاح الذي استخدمه في مناطق أخرى.

غير أنّه وبعد سيطرة النظام على المدينة، بدأت الموارد اللازمة للحياة اليومية تضيق على المدنيين، وبدأ النظام يستخدم سياسة التجويع والحصار الاقتصادي ضدهم، حيث بات الغاز شبه مفقود وكذلك المياه والكهرباء التي تشهد انقطاعاً لفترات طويلة.

ويُضاف إلى ذلك أن افتتاح معبر نصيب مع الأردن لم يكن له أي وقع إيجابي على سكان المنطقة الجنوبية، بل كاد أثره يقتصر على زياراتٍ من الجانب الأردني للعاصمة دمشق.

يقول الناشط الإعلامي عيسى الزعبي المقيم في درعا: “الغاز مفقود بشكل شبه كامل من المنطقة وذلك بعد أن كان متوفّراً خلال فترة وجود المعارضة”.

وأضاف: “بمجرّد أن سيطر النظام على درعا فإن معظم المواد الأساسية اللازمة للحياة فُقدت من الأسواق دون سابق إنذار، ما يوضّح أن هذه السياسة مُتعمّدة من النظام السوري.

بوادر عودة الثورة

لم يستمر التضييق الأمني والاقتصادي الذي فرضه النظام على سكّان درعا، حتى بدأت بوادر عودة الثورة إلى مهدها من جديد تظهر.

تمثلت أبرز مظاهر عودة الاحتجاجات إلى المنطقة في البدء بكتابة عبارات مناهضة للنظام السوري على جدران مدارس ومحلّات وشوارع المدينة وبعض قرى الريف، ما أثار القلق لدى مسؤولي النظام الذين كانوا يعتقدون أنّهم سيطروا بشكلٍ كامل على المدينة.

غير أن العبارات والجداريات لم تكن هي الوحيدة التي أظهرت أن البيئة الثورية في درعا لازالت موجودة، حيث شهدت المدينة عدّة تظاهرات سليمة كانت أبرزها تلك التي خرجت بالتزامن مع إعادة نصب تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد، وتثبيته مرّة أخرى بعد أن تم إسقاطه في بداية الاحتجاجات.

وأعادت هذه التظاهرة التي خرجت بالتزامن مع نصب التمثال، الأمل بعودة المظاهرات السلمية إلى مهدها من حيث بدأت.

إضافةً إلى التظاهرات والعبارات المناهضة للنظام، فإن العمل العسكري لم يخرج من حسابات المدينة، فقبل أيام هاجم مجهولون مبنى المخابرات الجوية في مدينة داعل بريف درعا، ما أسفر عن اشتباكات ومحاولة تحطيم النصب التذكاري لحافظ الأسد، ما أسفر عن اشتباكات مع عناصر الفرع بالأسلحة المتوسّطة، كما ازدادت وتيرة عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات وعناصر انضموا إلى صفوف قوات النظام خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إضافة لمحاولات اغتيال أخرى طالت بعض العناصر في قوات النظام.

وكانت وسائل إعلام محلية، قد نعت، منتصف شباط الماضي، صف ضابط من مرتبات فرع الأمن العسكري، المساعد أول نذير الصبح، بعد إطلاق النار عليه بشكل مباشر من قبل مجهولين على طريق طفس- درعا.

كما تعرّض مدير منطقة نوى بريف درعا الغربي، المقدم نضال قوجه علي، لمحاولة اغتيال، في كانون الثاني الماضي، بإطلاق نار على سيارته، ما أسفر عن إصابته ونقله إلى المشفى.

إعداد: منار حداد – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.