هل تنجح التفاهمات والصفقات الدولية بإخراج المليشيات الإيرانية من سوريا؟

هل تنجح التفاهمات والصفقات الدولية بإخراج المليشيات الإيرانية من سوريا؟

(الحل) – منذ أن دخلت إيران في دائرة الحرب السورية إلى جانب النظام، ومدته بالدعم المادي والعسكري وبآلاف من عناصر مليشياتها، على مختلف جبهات القتال، كان الهدف البعيد لإيران ليس منع النظام من السقوط فحسب، بل التأسيس لمرحلة الوجود الدائم على الأراضي السورية وتدعيمه بالنفوذ الاقتصادي، وإكمال مشروعها (الهلال الشيعي) الذي يصل لمنافذ البحر المتوسط، لكن “الحلم الإيراني” بالوجود الدائم في سوريا بات مرتبطاً بالتفاهمات والصفقات الإقليمية والدولية، وأصبح مستقبل هذا الوجود أمام سيناريوهات عدة، خصوصاً بعد الإعلان عن بدء تنسيق ثنائي بين روسيا “الحليف” وإسرائيل “العدو”، بخصوص إخراج القوات الأجنبية من سوريا، وبالتحديد (المليشيات الإيرانية).

تفاهمات بين “الحليف” والعدو”
كان بند “تشكيل فريق يمثل العديد من الدول لبحث إخراج القوات الأجنبية من سوريا”، هو ما أعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) في 27 شباط الماضي خلال لقاءه مع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) في موسكو، ليعود ويصرح في بداية الشهر الجاري أنه “لن يسمح لإيران بالبقاء عسكرياً في سوريا، وأن هذا ما أوصله لبوتين خلال زيارته الأخيرة لموسكو”.
في حين تشير صحيفة (معريب) الإسرائيلية إلى أن نتنياهو حصل على عدة ضمانات من بوتين بخصوص سوريا وهي “عدم تسليم النظام لمنظومة صورايخ s-300 الموجودة في الشمال السوري، وبالتالي لن يستطيع النظام استخدام المنظمومة ضد الغارات الإسرائيلية، وأن الرسالة الإسرائيلية التي تم نقلها لموسكو واضحة هي أننا سنواصل العمل في سوريا، وقد تم قبول ذلك”.
في المقابل، أكد المحلل العسكري الإسرائيلي (طال ليف رام) في حديث لصحيفة (هآرتس) العبرية إن: “روسيا لن تمارس ضغوطاً جدية لإخراج إيران من سوريا، بل ستواصل موسكو لعب دور مزودج لتحقيق مصالحها”.
بدوره، يقول المحلل السياسي مصطفى اللباد إن “علاقة روسيا بإيران جدلية، فروسيا تريد وضع نفسها على مسافة واحدة من جميع القوى الداخلة في الحرب السورية، لكنها في نفس الوقت لاتريد إخراج القوات الإيرانية من سوريا في المستقبل القريب، لأنها ستصبح وحيدة في سوريا، فإيران دفعت عشرات الآلاف من مليشاتها للقتال في سوريا واستطاعت تحقيق تقدم على الأرض، في حين كانت روسيا متمركزة في مناطق محددة ويقتصر دعمها على الإسناد الجوي، بعيداً عن الخسائر البشرية، في حين لاتزال المناطق الداخلة حديثاً في سيطرة النظام غير مستقرة وخصوصاً في الجنوب السوري القريب من اسرائيل”.
ولفت اللباد إلى أن “روسيا ستحاول رسم خطوط حمراء للتواجد الإيراني في سوريا، وممارسة ضعوطات كي لاتتحول سوريا إلى ساحة حرب مع اسرائيل وهو مالايريده جميع الأطراف”.
إيران تضغط على النظام

حاولت إيران استباق القمة الإسرائيلية الروسية، للتأكيد مجدداً على وجودها على الساحة السورية، والتي تمثلت بزيارة رئيس النظام بشار الأسد لإيران في زيارة مفاجئة وقبل يومين من لقاء بوتين – نتنياهو، والتأكيد على أن وجود القوات الإيرانية في سوريا “قانوني”، وأن إيران سيكون لها دور كبير في استثمارات إعادة الإعمار.
ولم تكتف إيران بهذه الرسالة الدبلوماسية، بل تبعها تهديدات مبطنة للنظام بعد تصريح رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني (حشمت الله فلاحت بيشة) قبل يومين لوكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) بأنه “على مدى سنوات التعاون بين إيران وروسيا خلال الحرب، أصبح على حكومة دمشق ديون كبيرة لإيران، ويجب على حكومتنا إقرار هذه الديون بشكل قانوني مع دمشق”، وليؤكد مجدداً على مشروعية بقاء إيران في سوريا بقوله “لطالما كانت إيران إلى جانب الأسد في جميع الانتصارات، لقد كانت الحكومة السورية تسيطر على 11 % من الأراضي، أما الآن فهي تسيطر على أكثر من 65 % من البلاد‎”.
ويؤكد الخبير في الشؤون الإيرانية (موسى أفشار) لموقع الحل أن “إيران تعلم تماماً أن هناك رغبة دولية لإخراجها من سوريا، لكنها تحاول إثبات وجودها بشكل قانوني من خلال اتفاقياتها المشتركة في الدفاع والاقتصاد مع النظام، وهو ما صرح به سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على شمخاني بأن الحضور العسكري الإيراني في سوريا يأتي بناء على طلب من الحكومة السورية”.

وأضاف أفشار أن “إيران يمكن أن تضطر إلى قبول خروج مشروط من سوريا تحت الضغط الدولي، مقابل بقاء خبراء الحرس الثوري وضمان حصتها من إعادة الإعمار، لكن إيران في نفس الوقت تحاول في مد نفوذها بغير الطرق العسكرية، وذلك بتغيير البنية السكانية للعديد من المناطق السورية، وقيام رجال الأعمال المقربين من إيران بشراء العقارات وعمليات التشييع وتوسيع حاضنتها الشعبية، استباقاً لأي صفقة دولية قد تؤدي لإخراجها عسكرياً من سوريا”.

أمريكا تعرقل “الهلال الشيعي”
ومع تذبذب الموقف الأمريكي من المسألة السورية خلال عهد الرئيس دونالد ترمب، إلا أن مسألة وجود إيران في سوريا، وهو ماتم الحديث عنه في قمة (هلسنكي) بين بوتين وترمب في حزيران الماضي، حيث ذكرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية أن “موسكو تعهدت بعدم التدخل في الضربات الجوية الإسرائيلية على القوات الإيرانية ومليشياتها في سوريا”.
وبعد أشهر من الحديث عن نية الولايات المتحدة سحب قواتها بشكل كامل من سوريا، عادت التأكيدات الأمريكية مجدداً على إبقاء جزء من هذه القوات، إذ كشف تقرير لمجلة (فورن بولسي) عن نية الإدارة الأمريكية “إبقاء بعض القوات العسكرية في قاعدة التنف جنوب شرق سوريا لمواجهة النشاط الإيراني، حيث تعتبر منطقة التنف عنصراً حاسماً في الجهود الرامية لمنع إيران من إنشاء خط اتصال بري يمر من العراق إلى سوريا وصولاً للبنان والمتوسط”.

وتتخذ الولايات المتحدة من العقوبات الاقتصادية سلاحاً لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، حيث هددت إدارة ترمب بفرض عقوبات على أي دولة تتخذ خطوات لإعادة إعمار سوريا، وذلك لإجبار النظام على فك تحالفه مع طهران، بحسب مانقلته صحيفة (واشنطن بوست) في الخامس من شهر آذار الجاري.

إعداد: حسام صالح – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.