لبنان (الحل) – بعيداً عن الشخصية الطاغية خطابياً وإعلامياً لأمين عام #حزب_الله حسن نصرالله، يكاد يحتل الظهور الإعلامي لشخصيات الحزب إلى جانب نصر الله نواب ووزراء الحزب، خاصة محمد رعد، وحسين الحاج حسن، وحسن فضل الله، وعلي عمار… لكن من المعلوم أن ليس لهؤلاء سلطة كبيرة في الحزب أو دوراً رئيسياً في آليات إتخاذ القرار فيه بعكس شخصيات حزبية أخرى، أقل ظهوراً إعلامياً وأكثر فاعلية حزبية وعلى صعيد القرار.

قد يأتي الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله على رأس هؤلاء الشخصيات، فإبن السادسة والستين شديد النشاط في أوساط جمهور حزب الله في مختلف المناطق اللبنانية، يلتقيهم ويخطب بهم، ويعبر عن مواقف الحزب الرسمية، خاصة تلك التي لا يجب أن تصدر عن حسن نصرالله لحدتها أو لكونها معدة للاستهلاك الداخلي المحلي.

درس ابن جنوب لبنان أصلاً الكيمياء في الجامعة اللبنانية إلى جانب دراساته الدينية، وأسس الإتحاد اللبناني للطلاب المسلمين في السبعينيات، ونشط إلى جوار #موسى_الصدر في تأسيس حركة المحرومين قبل أن ينتقل إلى المشاركة في تأسيس حزب الله الذي تسلم نيابة أمانته العامة منذ عام 1991 حتى اليوم، وهو مسؤول بحسب موقعه الرسمي عن متابعة العمل النيابي والحكومي في حزب الله.

تم تداول معلومات عن اعتراض قاسم على تولي مصطفى بدر الدين مسؤوليات #عماد_مغنية الذي اغتيل في دمشق، مفضلاً عليه سمير شحادة. وجرى تناقل معلومات عن عدم رضى حزبي على أداء قاسم التحضيري للإنتخابات النيابية الأخيرة في منطقة البقاع الشمالي.

الشيخ محمد يزبك يأتي ثانياً بين هذه الشخصيات المؤثرة، فهو من مؤسسي حزب الله الذي يرأس مجلسه الشرعي اليوم، وهو كان قد انحاز على خلفية أصوله البقاعية إلى ثورة الشيخ الطفيلي سنة 1987 ضد التمييز داخل حزب الله لمصلحة شيعة جنوب لبنان على حساب البقاعيين عامةً والبعلبكيين خاصةً، ولكن يبدو أنه أحسن اختيار موقفه في اللحظة المناسبة فاستمر في منصب رفيع في الحزب بينما نبذ الطفيلي وحورب.

يذكر أن يزبك هو الوكيل الشرعي العام لعلي الخامنئي (الولي الفقيه) في منطقة البقاع اللبنانية، الأمر الذي يشير إلى حظوته لدى الإيرانيين الذي خصوه أيضاً بإدارة بعض المنح المالية الإيرانية بحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية.

الشيخ الثالث والأخير بين هذه الشخصيات هو قريب وشبيه حسن نصرالله المدعو هاشم صفي الدين، فابن الخامسة والخمسين يرأس المجلس التنفيذي (مجلس الشورى) لحزب الله، ويقال أنه يحتل المرتبة الثانية في الحزب بعد حسن نصرالله، والمرشح الأبرز لخلافته يوماً ما نظراً لخبرته وصغر عمره. وهناك معلومات عن تعيين رسمي له بصيغة انتخاب، ليكون “ولي عهد” أو خليفة نصرالله منذ سنة 2008، بدعم ومباركة إيرانيتين.

صفي الدين استلم ملف إعادة إعمار الضاحية الجنوبية لبيروت بعد حرب تموز 2006، الأمر الذي لم يتم دون همسات داخل بيئة الحزب عن فساد بملايين الدولارات مما سمي حينها “المال النظيف” بالإضافة إلى العديد من السمسرات والتنفيعات التي وأدت أخبارها سريعاً.

صفي الدين المصنف شخصيةً إرهابية لدى وزارة الخارجية الأميركية، تسلم منذ العام 2010 مسؤولية القيادة العسكرية في حزب الله لجنوب لبنان، وهو تعيين نظر إليه كإعداد له لتسلم منصب الأمين العام حين يلزم الأمر، فتنظيم دقيق كحزب الله، اعتاد العمل في أجواء ضاغطة وخطرة، لا يرجح أن ينتظر شغور منصب الأمين العام باغتيال أو وفاة طبيعية ليعمل على ملئ الفراغ.

الشخصية الرابعة والأخيرة هي شخصية أمنية لا يحمل صاحبها صفة شيخ، قد لا يكون ذا منصب رفيع كسابقيه من الشيوخ الثلاثة لكنه الأخطر بينهم دون شك، هو رئيس لجنة التنسيق والإرتباط في حزب الله وفيق صفا.

صفا من مواليد 1960، جنوبي كأغلب الشخصيات الرئيسية في حزب الله اليوم، يعتبر الشخصية الأمنية الأبرز في الحزب، ومدير شبكة اتصالاته، بالإضافة إلى كونه المفاوض والمسؤول عن ملف الأسرى.

انضم وفيق الصفا الملقب بالحاج إلى حزب الله سنة 1984 بعد أن مرت مسيرته ككثيرين من أمثاله من أبناء جيله بالإمام موسى الصدر والإمام شمس الدين، عينه نصرالله سنة 1987 رئيساً للجنة الأمنية التي تغير اسمها مع إتفاق الطائف إلى لجنة التنسيق والإرتباط.

كان صفا بطبيعة عمله بعيداً عن الإعلام وعن الشأن الداخلي اللبناني من الناحية السياسية على الأقل، لكنه بدأ يظهر للعلن مع صفقات تبادل الأسرى مع إسرائيل، وهي عمليات سبقتها مفاوضات طويلة كل مرة عبر عبر وسطاء ألمان، فشوهد في عمليات التبادل سنة 1996 و1998 و2004، ليبدأ منذ اغتيال رفيق الحريري دوراً داخلياً له جانب ترهيبي لخصوم حزب الله من تحالف 14 آذار الذين لم يخافوا من إتهامه بالتحكم بحركة الجيش اللبناني وبعض الاجهزة الأمنية والسيطرة على مطار بيروت، متحدثين أن عملية بضخامة إغتيال الحريري لم تكن لتتم دون علم صفا على الأقل.

لعب دوراً في التنسيق مع الجيش اللبناني إبان حرب تموز 2006 لتمرير الأسلحة والذخائر لمقاتلي الحزب، ثم تولى المفاوضات بشأن الأسرى، فبقي متكتماً على مصير الأسيرين الإسرائيلين حتى لحظة التسليم ليتبين أنهما رفات في نعشين.

أثبت جدارته مرة أخرى بالنسبة لحزب الله حين شهر سلاحه على مواطنيه في 7 أيار 2007 في عدة مناطق لبنانية، ونسج صداقة دامت إلى هذا اليوم مع النائب الحالي، والضابط السابق سيء السمعة والمقرب من النظام السوري جميل السيد.

يشبهه عارفوه بأنه الوجه الآخر لعماد مغنية، فمغنية كان دوره خارجياً بطريقة أو بأخرى، أما صفا فداخلي، أولهما عسكري أمني، والآخر استخباري وأمني أيضاً، في تكامل بين الدورين، ولا يستبعد مراقبو سيرته ما يتوقعه هو ذاته لنفسه: أن ينتهي قتيلاً.

إعداد: رجا أمين – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.