الرقة (الحل) – تدخل حكاية «عبد الرحمن» البالغ من العمر 15 عاماً، ضمن إحدى حكايات التي ستدون في كتاب #ضحايا #الحرب، فقد وجد #عبوة متفجرة صدئة في «الجبل» كما يسميه أهل #الرقة، وجاء بها مسرعاً إلى منزله في قرية «رطلة» والتي تقع جنوب المدينة، كانت سرعته تزداد طرداً مع خوفه من أنه وجد كنزاً ثميناً، ويجب الوصول قبل أن يسلب منه أحد هذا الكنز الذي سيؤمن له مستقبل أفضل في الحياة.

يقول أحد الجيران، والذي كان شاهداً على الحادثة، «لقد جاء (عبدالرحمن) راكضا من أعلى التلة حاملاً شيئاً بين ذراعيه، وفور وصوله إلى بيته ألقى به أمام أحد الغرف، وذهب ليجلب مفكاً أو أيّة آلة حادة لفك مفتاح الكنز الحلم، وما لبث أن صدر صوت #انفجار كبير سمع دويه في الجوار، وغبار كثيف فور ملامستها الأرض».

يتابع  الجار المفجوع بالحادثة «لقد ظن الجميع أن لغماً قد انفجر بأحد الحيوانات، كما كان يحدث دائما خلال سنوات الحرب، ولكن الصدمة كانت أنه قد وقع وسط منزل عبد الرحمن».

هرع الجميع لمكان الحادث، وتقديم المساعدة، وبعد قليل تبينت الأضرار، فقد أصيب «عبد الرحمن» بشظايا في ساقيه بالإضافة إلى طفلين كانا يلعبان أمام المنزل أصيبوا أيضاً بشظايا في أنحاء متفرقة من جسمهما، وكذلك الأمر والدته التي استقرت إحدى الشظايا في الرئة، وما تزال ترقد في المشفى يتم معالجتها ضمن إمكانات الرقة الطبية المحدودة، ووفق الأطباء فإنها لن تعود كما كانت إلا إذا أجري لها عملية فتح الصدر لاستخراج الشظية، ووضعها يزداد سوءاً مع مرور الوقت.

زيادة المآسي والألم لغياب الوعي

هذا هو حال الشباب والمراهقين مع غياب التوعية والتعليم لهذه الفئة بالتحديد، فالمجتمع أصبح يغص بهذه القصص والأحداث التي تكاد تكون شبه يومية في المدينة، بل يجب أن لا تقتصر التوعية على هؤلاء فقط؛ فهناك العديد من المآسي التي تسبب بها كبار العمر أيضاً. فهذا عيسى 53 عاماً قد استخلص قنابل صدئة عدّة من أيدي الأطفال في منطقة الكسرات كانوا قد عثروا عليها ضمن أحد الأراضي المجاورة، وبدلا من أن يتلفها حملها كهدية لطفله الصغير البالغ من العمر 12عاماً، ولكن القدر لم يفجرها بيديه، على الرغم من أنه طول الطريق كان يحركها ويقلبها بين يديه لحين وصوله لمنزله، وفور الوصول قدم «هدية الموت» لطفله، وما هي إلا دقائق حتى انفجرت وشوهت جسد طفله وأحلامه المستقبلية.

أهمية التوعية وضروراتها

يتفق الجميع أن التوعية أضحت ضرورية وهامة، وكي لا نبخس حقها لا بد من القول إن العديد من المنظمات قامت منذ تحرير الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بحملات توعية من مخاطر الألغام، ومخلفات الحرب إلا أن الجهل والفضول يكونان سبباً رئيساً في إزهاق العديد من الأرواح وتشوه الأجساد والنفوس. على الرغم من أن معظم السكان على دراية تامة أن التنظيم قام بزراعة عشرات الآلاف من العبوات الناسفة، والألغام المتنوعة في الأراضي والمنازل والتي ما تزال تحصد العشرات من الأرواح؛ أو تسبب أضراراً وإعاقات مدى الحياة، وقد ذاق هذا المرّ أغلب العائلات.

إيجاد الحلول حسب الإمكانات الموجودة

بدعم وتحرّك الجميع، وكل من مركزه هناك محاولات- وإن كانت بسيطة- لإحياء الأمل في نفوس المتضررين جسدياً، وذلك من خلال مركز لمعالجة المصابين بانفجار الألغام، والذي يقع شرقي المدينة في حي المشلب، ودعم الدولي من فرنسا، إذ يقوم المركز بمعالجة المرضى من خلال المعالجة الفيزيائية عن طريف مختصين بهكذا حالات، وكذلك تركيب أطراف صناعية لمن تستدعي حاجته الملحة لذلك، ولكن يبقى إمكانات المركز محدودة وخجولة نظرا لكبر حجم المشكلة وأثارها، والأعداد المصابة والمحتاجة للمعالجة زيادة عن طاقته.

يقول أحد ضحايا الألغام التي خسر بسببها إحدى ساقيه: «أذهب إلى المركز مرتين في الأسبوع بشكل مستمرّ، وأقوم بجلسات علاج فيزيائي من أجل عودة الحركة، ورغم الألم فإني سعيد لأنهم أخذوا القياسات المطلوبة من أجل تركيب طرف صناعي،  والتدريب على المشي لأعيل نفسي وأسرتي».

وأضاف مبتسماً: «لقد عاد لي الأمل بالحياة بعد أن كنت قد بدأت أدخل في دوامة اليأس والإحباط».

مع هذه الأمثلة؛ وغيرها المئات لا بل الآلاف ممن كانوا ضحية عدم الاكتراث تارةً، وضحية تجّار الحروب تارةً أخرى، لا بد من زيادة التوعية والتنبيه من حجم مخاطر الألغام ونتائجها التي تكون في أغلب الأحيان قاتلة، والتي تزداد معها معاناة الناس بسبب الحرب التي يعاني منها الجميع على حد سواء، ولكن تبقى فئة الأطفال والمراهقين الأكثر تأثراً وتضرراً من ويلاتها وآثارها.

 

إعداد: خالد أمين – تحرير: معتصم الطويل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.