متلازمة داون… اهتمام شبه معدوم رسمياً وقلة الوعي الاجتماعي تزيد من عزلة المصابين

متلازمة داون… اهتمام شبه معدوم رسمياً وقلة الوعي الاجتماعي تزيد من عزلة المصابين

ريف دمشق (الحل) – واجه المصابون بمتلازمة داون واقعاً صعباً في #سوريا خصوصاً خلال سنوات الحرب الأخيرة، فبين الإهمال الحكومي وعدم وجود وعيٍ كافٍ حول المتلازمة لدى شريحة كبيرة من المجتمع، يتحمل المصابون وحدهم التبعات القاسية لهذه الظروف.

أشارت دراسة عربية قامت بها “الجمعية المصرية للحساسية والمناعة” عام 2015، إلى أنّه بين كل 800 إلى 1000 ولادة يوجد مصاب بمتلازمة داون في جميع أنحاء العالم.

مجتمع قاسٍ وانتهاكات بالجملة

اعتبرت المرشدة النفسية زينب المصري خلال حديثها لموقع “الحل” أن هناك حالة من عدم الوعي والتقصير في التعامل مع المصابين بمتلازمة داون في سوريا، حيث تسود نظرة اجتماعية عامة تتعامل معهم على أنهم مختلفون وسذج أو تفضّل عدم التعاطي معهم، وقد رصدت العديد من الحالات الأسرية التي رفضت فيها العائلة أو أحد أفرادها وجود مصاب بالمتلازمة، أو أنها قامت بإخفائه عن الأعين ومنعه من الظهور والتواصل اجتماعياً، حيث بلغ الأمر ببعضهم إلى حبس المريض وعقابه عقوبات قاسية قد تصل لحرق أطرافهم في حال خروجهم دون إذنهم.

وأشارت المصري إلى أن المصابين بهذا المرض يُحرمون من التعليم والالتحاق بالمدارس لندرة المؤسسات التعليمية المختصة بهذه الحالات كما أنهم يتعرضون لحالات تنمّر في الشارع، كأن يتعرض بعضهم للضرب أو السخرية والاستفزاز من أجل “الاستمتاع” بردة فعله العصبية والاستقواء عليه، في حين قد يصبح المريض عرضة للاستغلال من قبل البعض قد يصل حتى الاستغلال الجنسي والذي يتسبب لهم بمشاكل صحية ونفسية كبيرة.

وأوضحت المرشدة النفسية أنّ الخطوة الاولى في مساعدة هذه الفئات المستضعفة هي نشر التوعية والإرشاد لطبيعة المرض وأسلوب التعامل معه، لا سيما وأنّ بعض الأفكار الخاطئة المعروفة عن هذه الشريحة تتسبب بمشاكل اجتماعية كبيرة، و وإعاقة حياة أشقائهم، إذ يرفض بعض الأشخاص تزويج من يكون لديه أخ مصاب بالمتلازمة، وقد حصل ذلك مراراً في مناطق متفرقة من #ريف_دمشق.

مبادرات شخصية وجهود خجولة

لم تحصل هذه الفئة على أقل حقوقها من المؤسسات الحكومية أو من المجتمع ذاته، إلّا أنّ ذلك لم يمنع بعض الأشخاص والجمعيات من تقديم مساعدة محدودة لهم وإعطائهم المجال للحصول على حياة كريمة ومعاملة متساوية تماماً مع غيرهم من الناس، إذ قامت جمعية “جذور” العاملة في العاصمة #دمشق بافتتاح مقهى “سوسيت” بكادر عمل كامل مكون من أشخاص من ذوي متلازمة داون، لتكون هذه أول تجربة حقيقية لدمجهم في المجتمع وإعطائهم فرصة لإثبات ذاتهم في ظل التهميش الكبير الذي يتعرضون له.

أما في محافظة #إدلب فقد افتتح بعض المتطوعين مركز “يوم جديد New Day ” للعناية بالأطفال المصابين بمتلازمة داون، حيث بدأوا برعاية العشرات منهم، وتعليمهم، ومساعدتهم على تنفيذ نشاطات حركية وترفيهية، وقد لاقى المركز ترحيباً من أهالي الأطفال المسجلين، الذين أكدّوا استفادة أبنائهم منه، وطالبوا المؤسسات بدعمه لاستقبال أعداد أكبر من المصابين، والحفاظ على استمراريته.

إبداع بلا حدود ونشاط تطوعي

على الرغم من هذا الواقع الصعب فقد تمكنت نسبة ضئيلة من المصابين بمتلازمة داون من تحقيق نجاحات كبيرة، من خلال القيام ببعض الأعمال المميزة، التي تؤكدّ للجميع أنّهم قادرين على مجاراة الآخرين إذا ما وجدوا الاهتمام والتوجيه الكافي.

فقد حقق بعض المصابين بمتلازمة داون نجاحات مبهرة، وتفوقوا على واقعهم الصعب بالعمل الجاد والطموح الكبير، فقد استطاع الراحل “علاء الزيبق” (فنان ورياضي مصاب بمتلازمة داون) تحقيق إنجازات فنية ورياضية رائعة، إذ شارك ببطولة مسلسل “وراء الشمس” ولعب دوراً في مسلسل “الفصول الأربعة”، كما فاز ببطولة سوريا في السباحة، وحصل على مراكز متقدمة في أولمبياد #شنغهاي لذوي الاحتياجات الخاصة عام 2007.

كما أظهر سليم حجازي (مصاب بالمتلازمة من #الغوطة_الغربية) قدرته على التطوع في الأعمال الخيرية، فهو يعمل بشكل مستمر في تنظيف المساجد والأماكن العامة، إضافةً لسقاية الأشجار في الشوارع القريبة من منزله، ليكون بذلك واحداً من الأشخاص الفاعلين في المجتمع، ويقدم ما يملك لخدمته، ليجد بذلك تقدير الناس ومحبتهم نظير ما يقدمه من عمل مميز.

على الصعيد العالمي فاجئ رئيس الوزراء الكندي #جاستن_ترودو العالم بظهوره في مقابلات رسمية مرتدياً جوارب غريبة، ليتضح أنّها من صناعة شركة “جون كريزي ستوكز john’s crazy socks” التي أسسها شاب مصاب بمتلازمة داون، ونصف كوادرها العاملة أيضاً من المصابين بالمتلازمة، وقد ارتدى ترودو هذه الجوارب وتعمّد إظهارها ليقدم الدعم لهذه الفئة بطريقته الخاصة.

أما على الجانب الآخر فقد تم توثيق عمليات تعذيب وترهيب نفذها عناصر النظام السوري بحق شاب مصاب بمتلازمة داون وقاموا باستجوابه، والسخرية منه والتشهير به عبر تصويره ونشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تم نشر مقاطع مصورة عديدة تظهر تعذيب مصابين بالمتلازمة بالضرب في مناطق مختلفة من سوريا.

ومن الجدير بالذكر أنّ وزارة الداخلية (التابعة للنظام) كانت تذكر في الهويات الشخصية لأصحاب هذا المرض بأنه “منغولي” في العلامات المميزة، و تراجعت مؤخراً عام 2017 عن استخدام هذه الصفة واستبدلتها بـ “مصاب بمتلازمة داون”، في وقت تغيب فيه أي إحصائيات رسمية عن عدد المصابين بهذا المرض في سوريا.

تقرير: سليمان مطر – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة